نقضى حياتنا بأيامها ولياليها فى محاولة لتحقيق المعادلة التى خلقنا من أجلها ونعيش بهدف الوصول إليها ألا وهى الحقيقة، حقيقة الحياة والميلاد والسعادة والبشر والوجود والحب والكراهية والنجاح واليأس والأمل والصحة والمرض والفقر والغنا والسمو والارتفاع والفراق والاقتراب من الأحبة والخوف من المجهول ومن الموت والسقوط المخزى والمؤلم والمتوقع بعد مغامرات غير محسوبة ومندفعة ومتهورة، وفى سبيل كل واحدة من تلك الكلمات قليلة الحروف مضافة إلى بعضها ومجرورة ومنصوبة ومضمومة ومنونة ضخمة المعنى، قد يقع البعض منا فريسة للكذب وما يتبعه من الإحساس بالذنب وربما مخالفة القانون، وبعيداً عن إدارة التزوير والتزييف التابعة لوزارة الداخلية وخبرائها ومعامل الفحص الجنائى والأدلة الجنائية والسيد النائب العام ورجاله، أؤكد لأحبتى وأصدقائى أننى أرفض تماماً أن أشارك فى قضية تزييف وتزوير، خاصة فى المشاعر ومناحى الحياة المختلفة مهما كان الهدف ومهما كانت نتيجة المعادلة، فإذا كان (الصدق منجى)، كما قيل وذكر فى الأمثال الشعبية والأحاديث وبعض آيات القرآن الكريم، فإنه من أجمل الصفات فى البشر وفى أساليب الحياة، وعن نفسى أقول وأؤكد أننى لا أستطيع أن أصدق وأنا فى دور السينما أنه إن ارتديت النظارة السوداء الغريبة، التى يطلقون عليها اسم (3 D) سأشعر وكأننى وسط الأحداث التى تدور على الشاشة أو أن السيارة تقترب منى والطائرة تلمس رأسى أثناء تحليقها وهبوطها أو أن أمواج البحر تثور وتقترب وستغرقنى، أو يهاجمنى ذلك الحيوان الأسطورة (بطل الفيلم)، ففى رأيى أن كل ما يدور وما يمكن تصنيفه تحت تلك البنود هو قضية تزوير، فكيف يمكن أن أستمتع بالتزحلق على الجليد فى قاعة بالقاهرة ودرجة الحرارة الحقيقية تقترب من الأربعين، وأسدد مئات الجنيهات لأرتدى ثياب القطب الشمالى وأدخل مكاناً مزيفاً تماماً، صقيعه صناعى وثلوجه مرسومة بحرفية شديدة ومجسمة فى قضية تزوير للإحساس بالبرودة والرجفة والتزحلق، وما الذى يدعونى لمشاهدة رواية سينمائية مرعبة جميع أبطالها من الحيوانات الخيالية التى تتحدث وتتكاثر بسرعة هستيرية وتتلون وتطير وتقفز وتبارز الإنسان فى محاولة للسيطرة على كوكبنا وأسرنا وقتلنا والبحث عن ماهيتنا.. وأما هذه الحديقة التى قضيت فيها رحلات طفولتى وأولادى وشاهدت ملك الغابة خلف الأسوار واشتريت الطعام لأمد يدى به لباقى الحيوانات التى تعانى من قسوة الأسوار والأسر، فإننى أعتبرها قمة التزييف والكذب، فهذا الحيوان الذى يصدر أنيناً حزناً وألماً على ما فقد وما يعيش يزورون صوت بكائه ويدعون أنه يهلل تحية للزائرين أو رداً على نداء حارسه، وفى الحقيقة لا بد أن يعاقب من وضعه فى ذلك المكان، يشاركه نفس الجرم الصياد والقانون الدولى الذى سمح بهذه المهازل والأطباء القائمون على الحديقة وعمالها وحراسها وتلك القنوات الفضائية المتخصصة التى اخترقت الغابات وأضاعت معها خصوصية ساكنيها وأماكنهم الفريدة جداً التى يأوون إليها ويختبئون فيها من قسوة الطبيعة ويجتمعون داخلها كل بوليفه وحبيبه، ويخفون داخلها نتاج هذا الحب، حتى وصل الأمر لانقراض سلالات كاملة من أندر الحيوانات، لأنها ترفض التزاوج فى الأسر وهو أكبر دليل على رفضها التزوير.
ولأننى لست من هواة عمليات الترميم والتنكيس للمبانى الآيلة للسقوط وأدرك تماماً أن أى بناء تصله علامات الشيخوخة والإجهاد والذبول وعدم الرغبة فى الحياة حتى إن لم يمر عليه سنوات طويلة، وكانت تلك الأعراض بسبب خلل فى الأساسات أو عدم اهتمام أو ربما عمليات غش فى مواد البناء ومثلها الغش والادعاء فى المشاعر والانفعالات وردود الأفعال فلا بد من إزالته مهما كانت الخسائر، فإننى أصنف ترميم العلاقات الاجتماعية والأسرية بأنها قضايا تزوير، ولا بد من محاكمة مرتكبيها، وأدعوكم أحبتى أن تهجروا تلك الحياة الآيلة للسقوط وألا تضعوا أنفسكم تحت طائلة قانون القلوب الصادقة التى تنبذ وتطرد وتهجر كل المتهمين فى قضايا التزوير.