«التحطيب».. الفن الفرعونى ينتظر تشكيل الاتحاد النوعى
التحطيب
«قنطرة ولفة وخلعة ونخلة ونقطة ومسحة وجولة».. ليست كلمات لتعويذة أو حتى مفردات لغة اندثرت، لكنها خطوات وقواعد لعبة «المودرن تحطيب»، يحوى كل تشكيل منها سراً من أسرار هذا الفن التراثى المتوارث عبر آلاف السنين، الذى أوشك على الانقراض بعدما تحول لمجرد رقصة شعبية لفرق الفنون، حتى جاء من يجمع أشلاءه، وأسس له كياناً قوياً يسعى لنشره فى دول العالم وتحويله إلى لعبة أولمبية، وهو عادل بولاد.
"بولاد": علينا التحرك لتسجيل اللعبة فى "اليونيسكو"
بدأ حلم «بولاد» فى الحفاظ على فن التحطيب، منذ عشرة أعوام، قضى منها 4 أعوام فى السعى بين مكاتب المسئولين فى اليونيسكو ووزارة الثقافة المصرية، حتى نجح فى الفوز بتسجيله فى قوائم اليونيسكو كـ«تراث غير مادى». وقال بولاد لـ«الوطن»: كان التحطيب بالنسبة لى بضعة أشخاص من الصعيد يرتدون الجلباب، ويؤدون خطوات راقصة، حتى اكتشفت أن الأمر أكبر من ذلك، وتعود جذوره إلى أول جيش عرفه العالم فى عهد الفراعنة، حين كانت عصا التحطيب أول أداة قتالية، وتطور الأمر إلى أن أصبحت وسيلة للدفاع عن النفس ثم لعبة قتالية لا تقل أهمية عن الألعاب القتالية بدول جنوب شرق آسيا، وتابع بولاد: خلال جولاتى فى محافظات الصعيد لاكتشاف لعبة التحطيب وجدت ممارسات معلمى اللعبة قريبة جداً روحياً من المدرسين الذين علمونى الكاراتيه فى الستينات والسبعينات، فالجمهور، والموسيقيون، والمحطبون يقفون فى دائرة، ويلقون السلام على بعضهم، قبل أن يعبروا عن أنفسهم من خلال محاورة قصيرة يحاول من خلالها كل منهم أن يقترب إلى رأس الآخر دون أن يلمسه، فالتحطيب ينمى مهارة الانتباه والمخاطبة، والقتال بالعصا ينمى الثقة بالنفس واحترام الآخر، وتابع: ومع تعمقى فى معرفة هذا الفن قررت الخروج به إلى فضاء أكبر من شكله التقليدى، وبالفعل قدمنا عروضاً فى اللوفر بفرنسا والمتحف البريطانى، إلا أنها لم تتخط كونها عروضاً لفن تراثى لم يقبل أحد عليه، لذا قررت تطويره حتى أصبح ما أطلقنا عليه (مودرن تحطيب أو التحطيب المعاصر)، وهو فن يجمع ما بين التاريخ والمعاصرة، وفى ذات الوقت وسيلة للدفاع، واستطرد: «فى 2012 طرحت فكرة تسجيل التحطيب فى اليونيسكو على سفيرنا السابق هناك، محمد سامح عمرو، ووجدت منه مساندة ودعماً، وأعددنا ملفاً كاملاً لعرضه على المؤسسة الدولية بمجهودات شخصية، وبدعم من شركتين وطنيتين تحملتا جميع مصروفات إعداد الملف من سفر للفرق والمدربين، وإنتاج أفلام عن فن التحطيب، وفى 2014 عرضنا الملف لأول مرة، وكان هناك 4 اعتراضات من اليونيسكو، هى أنه للرجال فقط، وأنه عنيف، وغير متطور ولا يمكن نشره فى العالم، وبالرغم من امتلاكى لردود على كل تلك النقاط إلا أننا آثرنا سحب الملف حتى لا يقابل بالرفض ونضطر للانتظار 4 أعوام»، مضيفاً «ومع منتصف 2015 قدمنا الملف مرة أخرى وفزنا بتسجيل اللعبة»، وأكد بولاد أن «وزير الشباب والرياضة وعد بإنشاء اتحاد نوعى للتحطيب المعاصر وتدشين مهرجان دولى للتحطيب فى منتصف 2017 لنكون بذلك نفذنا اشتراطات اليونيسكو، التى تشترط أن يكون العنصر المسجل لديها حياً، ولكنى فوجئت بعد عقد أول دورة تدريبية شارك فيها العشرات، وحكم فيها اثنان من أبرز ممارسى التحطيب فى الصعيد بزيهما التقليدى، بمسئولى الجهات المعنية يرفضون المزج بين التقليدى والمعاصر، وطلبوا منى التوقف عن أى نشاط فى مصر، لذا قررت أن أواصل رحلتى بعيداً عن البيروقراطية».