مشاعر وأحاسيس كثيرة تنتابنا في مواقف معينة تسيطر علينا فرحا أو حزنا وربما دهشة وتعجب، لكن الحدث الأهم الذي يعتري الإنسان ويؤثر عليه بشكل كبير هو شعور الحزن لموت قريب أو عزيز، ففي الوقت الذي يمكن للأفراد إخفاء مشاعر الحب وكتمانها في القلب، لا يمكنهم أن يخفوا مشاعر الحزن على فقد ذويهم.
تتصاعد وتيرة هذا الأمر في القرى والمدن داخل المحافظات المصرية لتبلغ أمدها في الصعيد، حيث يتخذ هذا الأمر نوعاً من العادات والتقاليد يلتزم بها الأهالي، فالموت في القرى أمر جلل وعظيم لا يمكن مقارنته بأى حدث آخر، له تقاليد صارمة تبدأ من لحظة الإعلان عن حالة الوفاة ولا تنتهي عند الدفن بل تستمر لسنوات، تقديساً للشخص المتوفى أياً كان مركزه في عائلته، وهو ما لم يوجد داخل المدن الحضرية كما هو الحال في القاهرة الكبرى وضواحيها.
من عادات المصريين في الحزن على المتوفى ارتداء الملابس السوداء المحتشمة وعدم إبداء أي مظهر للزينة، فضلاً عن عدم تناول الأطعمة التى تنم عن البهجة مثل الفطائر والحلويات وبعض المخبوزات، وإغلاق التلفاز لفترات طويلة ربما تتجاوز العام وإيقاف الأفراح لحين أجل مسمى، ولا يقتصر هذا الأمر على أهل المتوفى فقط بل يمتد إلى جيرانه وأقاربه من غير الدرجة الأولى، الذين يقيمون الحداد ويأجلوا كل شئ حزنا على المتوفى.
وفي حالة الحزن التى يسيطر على الكثيرين من ذوى المتوفى أياً كان محل إقامته سواء فى القرى أو المدن، تجد بعض الأشخاص الذين لا يمكنهم التحكم فى أنفسهم فترهم يضحكون فى مثل هذه المواقف، ربما لما يشاهدوه من أفعال ذوي المتوفى فى الحزن عليه أو دون سبب واضح يفسر فعلهم، وقد أوضح الدكتور جمال فرويز استشارى الطب النفسي، أن هذا الموقف يعتري الكثيرون وربما تضطر بعض العائلات لتأخير إعلان خبر الوفاة حتى تهئ نفسها لهذا الموقف، وتتلقى واجب العزاء بثبات انفعالي.
وأضاف استشاري الطب النفسي، أن هناك الكثر من الناس لا يستطيعون التحكم في أنفسهم فى مثل هذه المواقف كالشاب المراهقين "ماعندهمش ثبات انفعالي"، كم أن هناك الكثير من الناس تعتبر العذاء مجرد مجملة عادية، وخاصة في حالات الوفاة التي ترهق ذويها فى تكاليف العلاج وغير ذلك ممن تقدموا في السن وكانوا بحاجة إلى عناية شديدة "في الوقت ده الحزن بيمشي بمجرد الميت ما يتدفن وأهله بيكونوا ارتاحوا منه".
وأوضح "فرويز"، أن السبب الحقيقي وراء الضحك الهستيري في العزاء يرجع إلى أن كل شئ مرفوض مرغوب، لافتا إلى أن الحزن أصبح افتراضيا مجرد شكل اجتماعي "حياتنا كلها بقت افتراضية"، وما يحدث هو مجرد احترام للمراسم "بمجرد ما العزا ينتهي ولا كأن في حد مات، الحزن النهاردة غير حزن زمان كله بقى صيني".
تعليقات الفيسبوك