نيويورك تايمز: ترامب يدفع لتصنيف الإخوان "إرهابية" بعد زيارة السيسي
السيسي وترامب في البيت الأبيض - أرشيفية
كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، عن أن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تدفع إلى استصدار قرار يصنف جماعة الإخوان كإرهابية، ما يشكل عقوبات أمريكية ضد الحركة التي تملك نفوذا على ملايين الأعضاء في الشرق الأوسط، وفقًا لمسؤولين أمريكيين.
وتابعت الصحيفة، أن البيت الأبيض أصدر تعليماته لمسؤولي الأمن القومي والدبلوماسيين لإيجاد طريقة لفرض عقوبات على الجماعة بعد زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسي في 9 أبريل الماضي، ولقائه في اجتماع خاص بدون مراسلين ومصورين مع الرئيس الأمريكي.
وتابعت أن ترامب أبدى قبلولا باعتبار الجماعة "إرهابية"، إذ سيكون أمرا منطقيًا، كما قال مسؤولون أمريكيون إن بعض مستشاري الرئيس الأمريكي فسروا ذلك على أنه التزام من جانبه، لكن الاقتراح أثار جدلاً حاداً داخل الإدارة الأمريكية، خلال اجتماع حضرته شخصيات رفيعة المستوى لواضعي السياسات من مختلف الإدارات عقده "ترامب" الأسبوع الماضي وحضره مسئولو مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض.
وحسب الصحيفة، فإن اعتبار "الإخوان" جماعة إرهابية ينتج عنه عقوبات اقتصادية وعقوبات خاصة بالسفر والحركة ضد الشركات والأفراد الذين يتعاملون معها، وأضافت الصحيفة إن سارة هاكابي ساندرز، السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض، كشفت، في بيان لها، أن الإدارة تعمل على الدفع باتجاه اعتبار الإخوان جماعة إرهابية، وقالت ساندرز: "تشاور الرئيس مع فريق الأمن القومي وقادة المنطقة الذين يشاركونه قلقه، واعتبار (الإخوان) جماعة إرهابية أمر يسير في طريقه من خلال عملية داخلية"، كما نقلت الصحيفة عن مسؤولين أمريكيين أن جون بولتون، مستشار الأمن القومي ومايك بومبيو، وزير الخارجية، يدعمان الفكرة، لكن البنتاجون وموظفو وكالة الأمن القومي والمحامون الحكوميون والمسؤولون الدبلوماسيون عبروا عن اعتراضات قانونية وسياسية، وسعوا جاهدين لإيجاد خطوة محدودة في هذا الملف ترضي البيت الأبيض، وقانونا، جادل بعض المسئولون بأن معايير تسمية المنظمات الإرهابية ليست مناسبة لجماعة الإخوان، إذ أن الجماعة في مصر تعتبر أقل تماسكًا من حركات أخرى في بلدان مختلفة تستخدم نفس الاسم أو لديهم روابط تاريخية قوية مع الجماعة، وضربت مثالا بتلك الحركات مثل العديد من الأحزاب السياسية في بلدان مثل تونس والأردن تعتبر نفسها "جماعة الإخوان" أو تربطها بها صلات معينة، ولكن تلك الحركات تتجنب التطرف العنيف.
ومن الناحية السياسية، وفق "نيويورك تايمز"، قد يكون لهذا القرار عواقب وخيمة، بما في ذلك التأثير الشديد على العلاقات مع تركيا، التي يعتبر رئيسها، رجب طيب أردوغان، مؤيدًا قويًا للإخوان، كما أنه من غير الواضح ما هي العواقب التي سيواجهها الأمريكيون والمنظمات الإنسانية الأمريكية التي لها صلات بالجماعة، بالإضافة إلى خشية استغلال القرار سياسيا، وقال مسؤولون إن من بين الأفكار البديلة التي أثيرت في الاجتماع الذي عق خلال الأسبوع الماضي محاولة استهداف جماعة مرتبطة بالإرهاب، وعلى صلة بالإخوان.
وتابع تقرير الصحيفة، أن الإخوان تأسست عام 1928، واستخدمت العنف على مدار عقود كوسيلة لتحقيق هدفها المتمثل في مجتمع تحكمه الشريعة، وأعلنت الجماعة تخليها عن العنف في سبعينيات القرن العشرين واعتناق المبادئ الديمقراطية بدلاً من ذلك، رغم أن بعض أفرع الجماعة والأعضاء السابقين قد تورطوا في أنشطة إرهابية.
وأشار التقرير إلى أن الضغط من أجل فرض عقوبات على جماعة الإخوان يعد الأحدث في العديد من قرارات السياسة الخارجية المهمة التي اتخذها "ترامب"، مثل قرار سحب القوات الأمريكية بسرعة من سوريا.
وكانت إدارة "ترامب" بحثت اعتبار الإخوان والحرس الثوري الإيراني، كمنظمات إرهابية خلال الأسابيع الأولى من عام 2017، لكن الاقتراحات لم تكتمل وسط اعتراضات من بعض الجهات، مع بعض القرارات المتقلبة التي اتخذها "ترامب" مثل حظر دخول مواطني بعض الدول الإسلامية للولايات المتحدة، لكن في ربيع هذا العام، قامت الإدارة الأمريكية بالدفع لاعتبار الحرس الثوري منظمة إرهابية، كما أن وزير الخارجية "بومبيو"، يتمتع بأهم نفوذ في هذا الملف إلى جانب "ترامب" على علم تام بقائمة المنظمات الإرهابية، وهو من أعلن فرض عقوبات على الحرس الثوري الإيراني في 8 أبريل الماضي، وهو اليوم السابق لزيارة "السيسي" للبيت الأبيض.
وكانت هذه الخطوة ضد الحرس المدعوم من الجيش الإيراني تعد المرة الأولى التي تفسر فيها الولايات المتحدة قوانين مكافحة الإرهاب على أنها تسمح لكيان تابع لحكومة دولة بأن يُصنف كإرهابي، وهذا الاستخدام الجديد من قبل إدارة "ترامب" للقوانين منح الكونجرس السلطة التنفيذية لاتخاذ مثل هذا القرار، ما أثار جزعاً بين بعض المسؤولين العسكريين والمسؤولين في الاستخبارات والدبلوماسيين الأمريكيين، الذين كانوا قلقين من أن تمضي الإدارة قدماً دون التفكير في العواقب المحتملة ودون تحديد التفاصيل السياسية التي يجب التعامل معهم، وشملت المشاكل المحتملة خلق حاجة للتعامل مع إعفاء أعداد كبيرة من تأشيرة الدخول للمسؤولين العراقيين الذين يتعاملون مع المؤسسات العسكرية الإيرانية؛ وهو ما أثار احتمال ما إذا كان ينبغي على المسؤولين الأمريكيين رفض منح التأشيرات لأعضاء أجهزة المخابرات في البلدان الأخرى التي تستخدم العنف، بما في ذلك إسرائيل وباكستان وروسيا؛ والمجازفة باتخاذ كل هؤلاء لإجراءات في المقابل ضد القوات الأمريكية ومسؤولي المخابرات.
يذكر أن بعض المشرعين الأمريكيين في مجلسي الشيوخ والنواب، كانوا قد تقدموا بمشروع قرار يهدف لتصنيف الإخوان ضمن الجماعات الإرهابية، على أساس أن هذه الحركة توافي شروط التصنيف، وكان من المقرر أن يجبر مشروع القرار الذي عرضه السيناتور تيد كروز في مجلس الشيوخ، وزارة الخارجية على إرسال تقرير للكونجرس خلال شهرين، إما بسرد الأسباب التي تدعم تصنيف الإخوان جماعة إرهابية أو التي تحول دون ذلك.
وقال "كروز" في المشروع الذي قدمه إلى الكونجرس، إن الجماعة انتهجت الأعمال التي تجعلها منظمة إرهابية، وجميع ما تقوم به يضر بأمن واستقرار العالم، وتمثل خطرًا على أمريكا، وجميع المعايير التي وضعتها الولايات المتحدة لتصنيف الجماعات الإرهابية تنطبق عليها، وانضم السيناتور ماريو دياز بلارت إلى "كروز" في مطلبه، وطالب هو الآخر باعتبار الإخوان منظمة إرهابية.
كما أن وزير الخارجية الأمريكي السابق ريكس تيليرسون تحدث عن الإخوان بطريقة مختلفة عن الطريقة التي ترى الإدارات الأمريكية السابقة الجماعة، وقال أثناء جلسة استماع في لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ : "إن التخلص من تنظيم القاعدة سيسمح لنا بالتركيز على عملاء آخرين للإسلام المتطرف، مثل القاعدة والإخوان وعناصر داخل إيران".
وقال جونوثان شانزر، وهو مسؤول سابق في وزارة الخزانة الأمريكية، وعمل على قضايا تمويل الحركات الإرهابية "أن هناك اختلافا حول تعريف الإسلام المتطرف، وهناك طيف واسع ينضوى تحت هذا المفهوم"، ويقول: "إن إدارة أوباما رأت أن الإخوان يمثلون الإسلام المعتدل وأن القاعدة هي المتطرفة، بينما الإدارة المقبلة تصنف الإخوان متطرفين.