"الرجل راحت والإيد شقيانة".. إبراهيم "حداد" مبتور الساقين: ماليش غيرها
إبراهيم محمد حسن حداد مبتور ساقيه
يداه لا تهاب النيران التي تحتمي منها عينيه، يفكر ويحدد ويرسم ويصنع، يستخدم عقله وأعضاءه المتبقية في إتقان مهنة "الحدادة"، التي شبَّ عليها غير مبالٍ بساقيه المبتورتين، 15 عامًا كافية ليتيقن أن عمره اقترن بتلك المهنة دون سواها.
منذ أن بلغ إبراهيم محمد حسن، عامه الثالث عشر، ترك التعليم دون أن يجيد القراءة والكتابة، فوحيد الأب والأم وجد أسرته مفككة بين أبوين منفصلين وحالة مادية تزداد ضيقا، ليصطحبه عمه إلى ورشة "حدادة" لتعلم مهنة يسترزق منها.
يستقل القطار من طنطا بعد أداء إحدى مهماته، متجهًا إلى بلدته أشمون بمحافظة المنوفية، بينما القطار "يسحب" ويسير بخطوات متهادية في بدايات التحرك، وكان قد ترك الرصيف. سارع "إبراهيم" لاستقلاله في نفس الوقت الذي اصطدم به شخص آخر، فكانت النتيجة انزلاق الشاب العشريني أسفل عجلات القطار، ما أدى إلى تعرض له وهو ابن الـ19 عامًا إلى بتر في ساقيه الاثنتين، حسب روايته لـ"الوطن".
عدم إجادته للقراءة والكتابة، كانت حائلا كبيرا أمام إبراهيم، 28 عاما، للالتحاق بوظيفة حكومية، ولم يجد شيئًا يتقنه غير "الحدادة"، ولكنه طُرد من الورشة التي يعمل بها.
ساقين صناعيين، أهداهما جماعة من الخيرين إلى إبراهيم، وظن أنه يستطع استكمال مهنته بهما لتعينه على الوقوف، "بقت بتعورني ومرتاحتش فيها خالص وخلعتها"، ليخوض تجربة العمل من غيرهما حتى تمكن من ذلك وهو جالس، "بقيت بطلع شغل أحسن، ربنا خد مني حاجة وعوضني حاجات كتير"، ثم أنشأ ورشته الخاصة إلا أنه يلجأ للعمل عند الغير في أوقات "هدوء السوق"، ولكن تواجهه أزمة في تقبل أرباب العمل له، "بيقولولي هتشتغل إزاي بقولهم أنتم ليكم الشغل وإزاي دي بتاعتي".
إبراهيم، الذي تزوج منذ فترة قصيرة، تعمل زوجته على تعليمه للقراءة والكتابة حتى يستطيع ممارسة أي عمل آخر إلى جانب الحدادة أو بديلا عنها في حال لم يستطع الاستمرار بها نظرا لإرهاقها الشديد عليه، إلا أنه يتمنى أيضًا اقتناء "تروسيكل" يعينه على الحركة وجلب الحديد لورشته أو توصيل الأعمال المتهية لأصحابها "هيساعدني استرزق لو الدنيا ريحت حتى لو هبيع بيه أي حاجة".