رئيس الجمعية المصرية للدراسات التاريخية: تنقصها الدعاية الكافية لتُصبح "مدينة عالمية"
أيمن فؤاد
يقول الدكتور أيمن فؤاد، أستاذ التاريخ الإسلامى، رئيس الجمعية المصرية للدراسات التاريخية، إن القاهرة تتميز بأنها ضمن العواصم الألفية (التى يتجاوز عمرها ألف عام)، وهذه المدن عددها قليل، لافتاً إلى حاجتنا لدعاية عالمية للمدينة، التى تعد نموذجاً لتطور المدينة الإسلامية على مر التاريخ.
واستعرض «فؤاد» فى حواره لـ«الوطن» المراحل التاريخية التى عاشتها مدينة القاهرة، فى العصور المختلفة، بدءاً من «الفاطميين ثم الأيوبيين والمماليك والعثمانيين وغيرهم»، إلى نص الحوار:
ماذا عن نشأة القاهرة منذ 1050 سنة؟
- أسسها جوهر الصقلبى، نسبة إلى الصقالبة، «الصقلى» وعندما جاء الفاطميون إلى مصر سنة 969 ميلادية، كانت لهم 3 محاولات سابقة لفتح مصر، باءت بالفشل، لكنهم نجحوا فى المرة الرابعة مع جوهر الصقلبى، وكان بمصر عواصم سابقة متعاقبة، بدءاً من الفسطاط التى أسسها عمرو بن العاص، ثم العسكر العباسية ومدينة القطائع الطولونية، واختط الفاطميون مع جوهر مدينة جديدة فى شمال شرق العواصم السابقة لمصر، أطلقوا عليها اسم القاهرة، وتعد أول مدينة إسلامية مسورة، وبُنيت المدينة وأسوارها من الطوب اللبن، ولها أبواب، لذلك لم تستمر هذه الأسوار طويلاً.
د. أيمن فؤاد: عاصمة الدولة الفاطمية كانت مغلقة أمام العوام
كم بلغت مساحة المدينة فى البداية؟ وما طابعها العمرانى؟
- كان مجمل المساحة حسب السور 1٫5 كيلومتر طولاً، وأقل من ذلك عرضاً، واختطت كل مجموعة «حياً»، أطلقوا عليه اسم «حارة»، وأيام الفسطاط كانت تسمى خطة، وفى القطائع تسمى قطيعة، ودخل مصطلح جديد هو اسم «حارة»، مثل حارة قتامة، الروم الجوانية، الصقالبة، حارة السودان، وامتدت هذه الحارات خارج السور مع الوقت، وخلال عامين بنوا القصر الفاطمى مقر الإمام الفاطمى، 361 هجرية/ 720 ميلادية، وافتتحوا جامع القاهرة الذى أطلق عليه فيما بعد الجامع الأزهر، والقاهرة طيلة الحكم الفاطمى كانت العاصمة السياسية والإدارية للدولة، بينما الفسطاط العاصمة الاقتصادية والتجارية، ولم يكن يسمح بدخول المدينة للعوام الذين أقاموا فى «مصر الفسطاط»، وتضم الفساط والعسكر والقطائع.
متى بدأ التوسع فى المدينة؟ وما سبب التسمية؟
- بنى الفاطميون فى عصر العزيز بالله «القصر الشرقى»، وهو مركز الحكم الذى يضم الإمام والقاعات والقصور الداخلية والجوانية، وله 9 أبواب، و«القصر الغربى» الصغير الذى خصص لشقيقة الحاكم العزيز بالله، وأطلق على الرحبة الفاصلة بين القصر الغربى والشرقى «بين القصرين»، وما زالت تحتفظ باسمها.
"صلاح الدين" فتح أبوابها للجميع.. وأغلق "الأزهر" 100 سنة.. وأمر بإقامة صلاة الجمعة فى مسجد "الحاكم"
بالنسبة للدولة الأيوبية.. كيف أثرت على معمار القاهرة؟
- صلاح الدين هو آخر وزير فى الدولة الفاطمية، وكان سنياً، وبالتالى مهد الطريق لإعادة مصر للدول السنية التابعة للدولة العباسية فى بغداد، وفتح القاهرة للعوام بعد أن نقل مقر الحكم من القصر لقلعة جديدة بناها على هضبة المقطم، وفتحت القاهرة أبوابها للجميع، وبنى سوراً جديداً لربط القلعة بالقاهرة، لكن السور لم يكتمل لأن صلاح الدين أمضى كل فترة حكمه فى الشام لمحاربة الصليبيين، وبدأ الأيوبيون فى بناء نظام جديد تم نقله من السلاجقة، وهو المدارس بدلاً من الجوامع، ومهمة هذه المدارس تعليم الفقه والحديث وبعض العلوم الأخرى، وأصبحت هناك امتدادات شمالية وجنوبية للقاهرة، وآخر حاكم أيوبى الصالح نجم الدين أيوب، الذى شيد قلعة صغيرة جنوب جزيرة الروضة، وأغلق صلاح الدين الجامع الأزهر لمدة 100 عام، وأمر بإقامة صلاة الجمعة فى جامع «الحاكم» شمال المدينة عند باب الفتوح، وأصبح الشارع الأعظم بين باب زويلة وباب الفتوح، وسمى «القصبة»، والمقصود به المركز التجارى للمدينة (شارع المعز الآن)، واستمر هذا الوضع حتى نهاية الدولة المملوكية.
ما التغيرات التى أدخلتها الدولة العثمانية؟
- أصبحت الأحياء أكثر وضوحاً، مثلاً حى بولاق الذى بدأ تأسيسه أيام المماليك، وأصبح للمساجد القباب مثل جامع سليمان باشا، والمئذنة تشبه القلم الرصاص (رفيعة وطويلة)، وبقى من الدولة العثمانية بعض البيوت الكبيرة مثل بيت السنارى، والسحيمى.
وماذا عن عصر محمد على؟
- كان بداية التحولات، ومن الممكن النظر لتطور حى شبرا على سبيل المثال، فنتيجة لبناء محمد على قصر شبرا، وتمهيد الطريق المؤدى إليه من جهة كوبرى الليمون، انتشرت على جانبى الطريق القصور والحدائق بعد شق الترعة البولاقية وخليج الزعفران.
هل أثر الاستعمار والجاليات الأجنبية على شكل المعمار؟
- ظهرت البنوك والأندية الاجتماعية ودور السينما والمسرح، تأثراً بالجاليات اليونانية والأرمن والطليانة واليهودية الذين عاشوا فى القاهرة، كما ظهرت المحال التجارية مثل عمر أفندى وشيكوريل وعدس وريفولى.
ما الذى تغير فى مصر بعد قيام ثورة يوليو؟
- اتسعت المدينة فى عدة اتجاهات، منها مدينة نصر، استاد القاهرة، والمساكن الشعبية، والقاهرة من المدن القليلة الألفية على مستوى العالم، ونموذج لتطور المدينة الإسلامية على مر التاريخ، لكن ينقصها الدعاية الكافية.