أحلام "البنات السمر" صُنع فى "أم الدنيا"
أحلام البنات السمر
كسرن حاجز الغربة، وتغلبن على صعوبات هجرة الأهل والأحباب، ليجدن مساحة آمنة تسع طموحاتهن، تحولت تلك المساحة بمرور الوقت إلى وطن يُلبى احتياجاتهن، ويحقق أحلامهن، ويُشعرهن بالأمان.. فتيات من القارة السمراء قررن خوض التحدى الأكبر فى حياتهن، فتركن بلدانهن، وجئن للعلم والعمل فى «أم الدنيا»، حيث يدرسن فى جامعات مصرية، ويشاركن فى الأنشطة والفعاليات داخل حرمها، بكل حرية ومساواة. عالم آخر كان فى انتظارهن، وعادات شعب لا يعرفنه، القليل فقط يعرفنه عن مصر من الكتب وحكايات الآباء والأجداد، وشاشات السينما. فتيات من «جيبوتى ومالى والسنغال والسودان وتشاد» جئن بأحلام مختلفة، منهن من قررت البقاء للأبد فى أرض الكنانة، وأخريات ينتظرن العودة بشهادة علمية مُزينة باسم مصر، لتكون بمثابة وسام يفخرن به فى أوطانهن وأمام عائلاتهن. يُدنَّ بالفضل لـ«أم الدنيا» التى احتضنتهن، وفتحت لهن كل الأبواب.. «الوطن» سمعت قصصهن، وسر اختيارهن لمصر، وكيف استطعن التغلب على صعوبات اللغة واختلاف التقاليد، وغيرها.
"الوطن" تحاور "أفريقيات" اخترن الدراسة والإقامة فى مصر
"رماذ".. السودان: 21 سنة خلونى "بنت بلد"
"رماذ" ابنة السودان
كانت ابنة السبع سنوات حين جاءت إلى مصر مع والدتها من الخرطوم للاستقرار فى القاهرة، التحقت بالمدارس السودانية، وكونت صداقات مع أطفال مصريين من خلال دروس القرآن، امتزجت روح «رماذ قاضى» بكل شبر فى «أم الدنيا»، وتعلقت بكل تفاصيلها، وتعتبر مصر هى الوطن، تتحدث لهجتها وتعيش وفق تقاليدها.
تخرجت فى كلية السياحة والفنادق.. وأسست مبادرة خيرية لمساعدة المحتاجين
تُقيم «رماذ» حالياً مع شقيقتها المتزوجة من مصرى، عقب سفر والدتها، تخرجت فى كلية السياحة والفنادق جامعة حلوان، وبدأت تشق طريقها فى سوق العمل، وشاركت بعدد من المشاهد فى فيلم للفنان أحمد حلمى: «أتمنى أكون مذيعة».
تعمل مترجمة، وتسكن فى حى مصر الجديدة منذ جاءت إلى «المحروسة» قبل 21 عاماً، ومارست كل الألعاب المصرية فى طفولتها، مثل «سبع بلاطات، عسكر وحرامية، السيجا، والاستغماية، وركوب الدراجات، وذلك كله شكل لديها حنيناً لا يغادر ذكرياتها، تقول: «أول صديقة لى كان اسمها (لينا)، عمرى ما أنساها، قضينا أجمل وقت مع بعض»، تسافر إلى وطنها الأول كل عام أو عامين لزيارة الأهل، ثم تعود مرة أخرى لأحضان وطنها الثانى.
كانت «رماذ» تمارس رياضة «الكاراتيه» فى صغرها، وحصدت العديد من الميداليات، إضافة إلى اشتراكها فى العديد من المسابقات، وفضلت فى صباها التوجه للعمل الخيرى، فدشنت مبادرة «إحنا أهلك.. إحنا ناسك» فى شهر رمضان الماضى، التى استهدفت بعض المناطق الفقيرة التى يقطن فيها سودانيون ومصريون وسوريون، ومنها حى البساتين، تضيف: «لما سبت شغلى حسيت بقهر، وقررت أطلع طاقة الغضب اللى عندى فى عمل الخير». بدأت تساعد الفقراء والمحتاجين، وتستقبل تبرعات لم تكن تتوقعها، بمساندة أصدقائها المصريين الذين يدعمونها فى كل خطواتها، ويشاركونها فى توزيع «شنط رمضان» وزكاة المال وغيرها من المساعدات الإنسانية التى جعلتها تشعر بواجبها نحو الفئات المحتاجة: «حبيت أقدم دور ولو بسيط»، إضافة إلى تفاعلها ومشاركتها فى المجتمع المدنى وحرصها على حضور ندوات وفعاليات متعلقة بالقارة السمراء لزيادة الوعى والتعاون بين أبناء أفريقيا، تعشق «رماذ» المساجد والأماكن الأثرية، مثل القلعة والحسين وقصر محمد على وغيرها، تحب محشى ورق العنب والفول، تقول إنها جاءت بذرة وتكونت هنا: «مش حاسة إنى مش مصرية لأنى متشبعة بيها وكفاية إننا بنشرب من نيل واحد».
"مدينة".. مالى: سأكمل دراستى رغم نداءات العودة
"مدينة" فى كلية إعلام الأزهر
قبل 8 سنوات، جاءت «مدينة بارو» من دولة مالى لتحقيق حلمها بدخول كلية الإعلام جامعة الأزهر، حتى تخرجت العام الماضى فى قسم الصحافة والنشر، وحصلت على الماجستير. طموحات وأحلام كبيرة تراود ابنة القارة السمراء، متمنية أن تحصل يوماً ما على منصة إعلامية خاصة تنطق بالعربية، لتكون حلقة الوصل بين الدول العربية وإعلام بلدها الذى يتحدث بالفرنسية.
أيام لم تكن سهلة، تغلبت عليها الفتاة «العشرينية» وسط صديقاتها فى مدينة البعوث الإسلامية، التابعة للأزهر الشريف، تندمج مع العالم الخارجى من خلال انضمامها للعديد من الدورات التدريبية والورش لتنمية مهاراتها، تحكى أنها وجدت تشابهاً كبيراً بين شعبها والمصريين، وذلك فى حسن المعاملة ومساعدة الغير. تعتبر «أم الدنيا» صاحبة الفضل عليها فى تحقيق أحلامها، ولن تنسى هذه الفترة من حياتها، خاصة صديقاتها المصريات اللاتى ساعدنها فى سنوات الدراسة الأولى لعدم إتقانها اللغة العربية، تقول: «كانوا دايماً بجوارى، ولم يتركونى لحظة».
تشيد «مدينة» بمعاملة المصريين للنساء، واحترامهم لهن، ولمست ذلك فى المواصلات العامة حين تلاحظ وقوف الشاب أو الرجل كى تجلس السيدة، أو مساعدتها فى حمل أشيائها، وغيرها من المواقف التى أثارت فى نفسها الإعجاب.
حصلت الفتاة «العشرينية» على دورات فى التنمية البشرية داخل الجمعية الأفريقية و«صوت الأزهر» ومعهد التخطيط وغيرها، إضافة إلى مشاركتها فى العديد من المؤتمرات والأنشطة الثقافية، شعلة نشاط تتمتع بها الفتاة السمراء، وتصر على استكمال الدراسة فى مصر رغم نداءات الأهل المتكررة فى «مالى» بالعودة لقلقهم الدائم عليها، لكنها ترد بأن مصر آمنة تماماً.
تعتبر «مدينة» دراستها أكبر إنجاز حققته فى حياتها، وتتمنى أن تواصل طلب العلم. تتذكر بعض المواقف الطريفة التى تواجهها فى الشارع، ومنها سؤالها الدائم: «هل أنتِ من أفريقيا؟»، لتجيب بمرح: «وهل توجد مصر فى قارة أخرى؟»، لافتة إلى أنها تقف أحياناً لتشرح لبعض الناس أن مصر قلب أفريقيا النابض: «بنقلبها ضحك على الآخر».
أعشق الملوخية والفتة.. وحققت حلمى بدخول كلية الإعلام
قليل من المضايقات تتعرض لها «مدينة» بسبب لون بشرتها السمراء، لكنها تعلم جيداً أن الأغلبية العظمى من المصريين يتعاملون معها بلطف شديد، ومن الأكلات التى تفضلها «الملوخية والفتة».
"فاطيمة".. كوت ديفوار: باحب الأزهر بالوراثة
«فاطيمة» ابنة كوت ديفوار
خلال شبابه، درس والدها فى الأزهر الشريف، تأثر بالعلماء وشعب المحروسة حتى وقع فى غرامها، وأصر أن تلتحق به منذ صغرها، لتبدأ فاطيمة بمبا، تعليمها منذ المرحلة الابتدائية فى الأزهر الشريف، خلفاً لوالدها الذى رحل فى منتصف الطريق، لتظل والدتها تساندها وتدعمها حتى وصلت للمرحلة الجامعية، وأصبحت ابنة دولة كوت ديفوار لا يفصلها عن التخرج سوى عام واحد فقط.
تتحدث اللهجة المصرية بطلاقة: "أحلى سبانخ أكلتها هنا"
تحكى «فاطيمة» أن أهلها وعائلتها فى كوت ديفوار، لكن والدها أوصى بأن تدخل هى وشقيقتها الصغرى الأزهر على أن تعودا لوطنهما مرة أخرى بعد انتهاء تعليمهما، مؤكدة أن فى بلادها لا يتعلم الكثير من الفتيات العلوم الشرعية، ويركزن على دراسة الهندسة والطب، لكنها أحبت تلك العلوم التى لقنها لها والدها، تعيش فى مصر منذ طفولتها حتى أصبحت جزءاً منها تتحدث لهجتها العامية بطلاقة وتعيش وسط شعبها، وتعلق فؤادها بصحبتها التى معظمها من المصريات.
تفتخر بكونها عاشت وتربت فى مصر، وتفرح حين يطلق عليها صديقاتها لقب «مصرية»، تعيش بعادات وتقاليد المصريين وتربت على أكلهم وتتقاسم معهم تفاصيل حياتهم، تشيد بحضارة أم الدنيا خاصة الحضارة الإسلامية، التى يشهد لها التاريخ وكذلك دول القارة السمراء: «العلوم الشرعية يعنى مصر»، مؤكدة أن معظم الأهالى لا يفضلون سفر فتياتهم إلا لمصر للدراسة فى الأزهر، الذى يعد المنصة الرئيسية لدراسة الدين بشكل صحيح.
تعيش ابنة كوت ديفوار على أرض مصر وكأنها فى وطنها، لديها الكثير من الصديقات اللاتى يساندنها فى أوقات الشدة قبل الفرح، تتذكر تلك المواقف الصعبة التى مرت بها خلال فترة وجودها للدراسة، ووجدت منهن الدعم المادى والمعنوى، وكذلك من جيرانها التى تشعر وسطهم بالألفة والطمأنينة.
تتذكر «فاطيمة» حين كانت عائدة إلى المنزل برفقة صديقتها فى مترو الأنفاق وتعرضت لمضايقة من أحد الشباب فوجدت الأخيرة تدافع عنها: «كأن الكلام كان موجه لها مش ليّا»، تعتبر كشقيقتها تدخل بيتها وتطلب من والدتها إعداد الطعام المصرى المفضل لديها: «أحلى سبانخ أكلتها من إيديها»، كذلك تعد لهم طعام بلدها، وتتمنى أن يدوم الحب والود بينهم للأبد.
"أسماء".. السنغال: حققت أمنية والدى.. ولن أعودإلى وطنى إلا بـ"الشهادة"
جاءت من السنغال قبل عامين، طفلة لم تتجاوز عامها الرابع عشر، تتونس بأشقائها وعمها وأبنائه، بناء على رغبة أبيها الذى أصر على أن تكمل تعليمها فى «أم الدنيا»، قبل رحيله، كانت أمنيته أن تتشرب الفتاة الصغيرة علومها وتتقن لغتها العربية. حياة جديدة بدأت تستكشفها «أسماء» على أرض المحروسة، فالتحقت بمعهد فتيات البعوث، التابع للأزهر الشريف، ووصلت للصف الثالث الثانوى. تقول إنها جاءت من بلدها من دون شهادة، وانضمت لدراسة خاصة بعد تحديد مستواها ونجاحها فى المرحلة الابتدائية، ومنها انتقلت للمرحلة الإعدادية، وتحلم بانتهاء دراستها الجامعية هنا فى مصر، تضيف: «مش عايزة أرجع السنغال غير ومعايا الشهادة».
"باحب المحشى والكشرى.. وزرت معظم المعالم والمدن السياحية"
درست تاريخ مصر فى وطنها، تعرف الأهرامات وأبوالهول كما تعرف قريتها، كانت شغوفة لزيارة تلك الأماكن التى طالما رسمتها فى خيالها طيلة سنوات طفولتها، ووجدتها أجمل كثيراً على أرض الواقع: «أول حاجة عملتها لما جيت مصر رُحت زُرت الأهرامات». تعلّق فؤادها بـ«أم الدنيا» منذ يومها الأول، ولم تترك مدينة سياحية إلا وزارتها، والتقطت صوراً تذكارية، لافتة إلى أن مدينة الأقصر أشبه ببلدها السنغال، خاصة شوارعها وناسها والأراضى الزراعية المجاورة، فلم تشعر بغربة لوجود معظم أفراد عائلتها معها، وحرصهم على دعوة فتياتهم للدراسة فى مصر، تقول: «هنا فيه أمن وأمان، والناس طيبين جداً».
لم تكن تجيد الحديث بالعربية، إلا أنها تعلمتها، إضافة إلى بعض المفردات العامية التى سمعتها من صديقاتها المصريات داخل وخارج الدراسة، تحكى: «كنت بفهم القليل من العربية لكنى لا أجيد التحدث بها»، مشيرة إلى أنها فضلت مصر عن غيرها لتعلم اللغة العربية الفصحى والدراسة فى الأزهر الشريف، الذى تعتبره منارة العلم الأولى فى العالم.
تشعر بسعادة لوجودها فى مصر، وتستمتع بزيارة معالمها ومدنها السياحية طيلة العام، عبر الرحلات التى ينظمها المعهد والاتحادات الأفريقية، فذهبت إلى «الأقصر وأسوان والإسكندرية وشرم الشيخ والغردقة والعين السخنة وغيرها»، وتحب المأكولات المصرية حتى باتت مغرمة بها مثل «الكشرى»، أكلتها المفضلة، الأولى، والمحشى بأنواعه، والمكرونة بالبشاميل، وغيرها.
تقول إنها تعرفت على فتاة مصرية خلال بطولة كأس الأمم الأفريقية الأخيرة، ووجدت فيها الأخت والصديقة التى تؤنسها، تضيف: «أروع بنت فى مصر، بتحب كل الأفارقة ومخلصة»، قليل من المضايقات تقابلها «أسماء»، لكنها ترى فى الشعب المصرى الطيبة والتسامح وحسن المعاملة، وتحلم بدخول كلية التربية قسم التكنولوجيا، وتقول إن الشهادة المصرية فخر لكل أفريقى، مشيرة إلى حصول عمها على الدكتوراه فى مصر، وكذلك أبناؤه ما زالوا يواصلون التعلم، تختتم حديثها قائلة: «كلنا تعلمنا هنا، وأصبحت مصر جزءاً من وطننا».
"نعمة".. جيبوتى: تعرفت على طبيعة المصريين خلال "محاكاة الاتحاد الأفريقى"
جاءت إلى مصر فى 2015 للالتحاق بكلية الحقوق فى جامعة القاهرة، كغيرها من الوافدات اللاتى يحضرن للدراسة ثم يعدن لأوطانهن بعد الحصول على الشهادة، لكنها سرعان ما اندمجت مع المجتمع المصرى، وأصبحت أشبه بالمصريات، حتى تم اختيارها ضمن المتطوعين فى اللجنة التنظيمية لبطولة كأس الأمم الأفريقية التى أُقيمت فى مصر مؤخراً.
«نعمة فارح»، من دولة جيبوتى، معروفة بخفة ظلها وبشاشتها، وتتحلى بالكثير من صفات المصريين حتى أصبحت واحدة منهم، لم تقتصر دراستها على المحاضرات فى المدرجات فقط، بل بدأت تبحث عن أنشطة طلابية تشارك بها داخل الحرم الجامعى، ومنها نموذج محاكاة الاتحاد الأفريقى الذى أبهرها، وجعلها تعرف الكثير عن قارتها السمراء، إضافة إلى تكوين صداقات من مختلف الدول الأفريقية، تقول: «تعرفت على المجتمع المصرى أكثر، وكانوا مهتمين بالشأن الأفريقى، وقد ساعدونى كثيراً».
تتذكر «نعمة» بعض المواقف الطريفة التى صادفتها فى أيامها الأولى، خاصة عدم معرفتها بالعامية المصرية، وصعوبة التفاهم مع الناس فى الشارع والجامعة، فاستطاعت التغلب على ذلك فى البداية باستخدام بعض المصطلحات المُوجزة مثل «اشطة، عاااش، يا جدع»، وغيرها من العبارات التى تكسر الكثير من الحواجز مع المواطنين.
الشهادات المصرية تحظى بتقدير عالمى وواجهت صعوبات بسبب "العامية"
عائلتها لم تمانع فى مجيئها إلى مصر للدراسة، مشيرة إلى أن الشعب المالى يعرف عن مصر بأنها بلد الأمن والأمان، وتشتهر بطيب خلق أهلها، تضيف: «عمرى ما شفت حاجة وحشة من المصريين»، مؤكدة أن الشهادات العلمية فى مصر تحظى بتقدير جيد فى العالم، لذا حرصت على الالتحاق بإحدى الجامعات فى مصر، وشاركت ابنة الـ24 عاماً فى العديد من الفعاليات والأنشطة، منها انضمامها كعضوة عام 2017 فى الاتحاد العام للطلبة الأفارقة، كما أصبحت رئيساً للفتيات فى العام التالى، تستطرد: «وحالياً أعمل استشارية».
اختتمت نشاطها بالتسجيل فى مشروع الـ1000 قائد، الذى تنظمه كلية الدراسات الأفريقية العليا بجامعة القاهرة، خاصة بعد تخرجها وتفرغها للمبادرات والفعاليات، مؤكدة أنها تحاول حالياً تعلم اللغة الإنجليزية التى تجد فيها صعوبة، خاصة أن لغتها الأولى الفرنسية.
تعرف «نعمة» معظم الأماكن الشهيرة، وتسافر إليها باستمرار، مثل «شرم الشيخ والغردقة والعين السخنة والإسكندرية»، تقول: «أماكن رائعة وبحكى عليها لأهلى باستمرار»، تعيش مع صديقاتها فى منطقة الهرم، ولا تشعر بأى غربة حالياً مقارنة بأيامها الأولى، واصفة الحياة فى مصر بأنها رائعة، وأفضل من بلدان أفريقية عديدة، خاصة فى الأسعار، كما أنها كانت مُغرمة بالسينما المصرية منذ صغرها، وتعرف أسماء الكثير من النجوم، على رأسهم عادل إمام وفاتن حمامة.
"لطيفة".. تشاد: جيت أتعالج وعمرى 5 سنين ومش هارجع
«لطيفة» ابنة تشاد
ظلت «لطيفة حسن»، من دولة تشاد، تشكو لفترة طويلة من ألم فى العين، وطرقت أبواب عشرات الأطباء فى بلدها لتخفيف أوجاعها لكن دون جدوى، فقرر والدها أن يصطحبها معه إلى مصر للعلاج، وبالفعل تحقق لها الشفاء عند مجيئها فى عام 2005، وكانت ابنة التسع سنوات، فقررت البقاء فى «أم الدنيا»، وعدم مغادرتها.
تقول إنه بعد استقرارها فى مصر مع والدها ووالدتها، أرسلوا لإحضار باقى أشقائها، والتحقت بمدرسة «الليسيه»، وواصلت حياتها من دون ألم بعد أن فقدت الأمل فى الشفاء، تضيف: «خفيت هنا وقررت أفضل فى مصر باقى عمرى». تعرفت على مصريات كثيرات، ولا تزال على علاقة طيبة بهن: «ليّا صاحبتى طيبة وجدعة وبتحبنى»، تقول إن أحب الأماكن إلى قلبها «دريم بارك»، فالألعاب تخلق لها سعادة خاصة.
تُحب مصر، وتهوى فنونها من سينما وتليفزيون، وكانت تتابع فى صغرها أشهر الأعمال الفنية، ولما استقرت فى القاهرة اعتادت على دخول السينما، ومن نجومها المفضلين الزعيم عادل إمام وداليا البحيرى وكريم عبدالعزيز وأحمد حلمى ونيللى كريم وغادة عادل وغيرهم، ومن المطربين حمادة هلال ومصطفى قمر وهانى شاكر وآمال ماهر وشيرين عبدالوهاب، تقول: «بحب كمان فيلم الباشا تلميذ وعسل إسود وحب البنات».
أستعد لدخول "أولى سياسة واقتصاد".. وباطبخ كل الأكلات المصرية
تستعد لعامها الجامعى الأول فى كلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة، معبرة عن سعادتها ببداية مرحلة جديدة فى حياتها، تنتظرها بحماس رغبة فى الاشتراك فى الأنشطة المختلفة، خاصة بعد انضمامها لإحدى الجمعيات الخيرية فى عام 2012 «من خلالها لفيت محافظات كتير وقابلت ناس أكتر».
زارت الإسكندرية وشرم الشيخ والغردقة، وتعشق الطقس فى الأقصر وأسوان بفصل الشتاء، تقول إن علاقتها بمصر حتمية، وأشبه بـ«علاقة السمك بالماء»، تقول: «لو خرجت من مصر أموت»، فلا تتخيل نفسها بعيدة عن وطنها الثانى الذى احتضنها منذ طفولتها حتى تجاوزت العشرين من عمرها، وامتلأت ذاكرتها بتفاصيل هذا البلد الأمين: «عشت هنا وكبرت هنا وعمرى ما هفكر أرجع تشاد أبداً».
تعيش مع والدتها وأشقائها الخمسة، بعد وفاة أبيها، 3 صبيان وفتاتين، تشيد بطيبة المصريين، وأنها تعلمت منهم الجدعنة: «صحابى بيقولوا لى لا يمكن متكونيش مصرية». تُفضل «لطيفة» الأكلات المصرية، خاصة المحشى والرقاق والجلاش والمسقعة والمكرونة البشاميل: «وبعرف أطبخها كمان».