صرف ورطوبة وإهمال.. دار المسنين في رأس البر "تحتاج رعاية"
دار مسنين رأس البر النزلاء الخدمة 5 نجوم
دار المسنين في رأس البر.. مبنى مكون من دورين فقط مفروش بأثاث بسيط أقيم عام 1998 م في عهد اللواء أحمد سلطان محافظ دمياط الأسبق، يستوعب 22 مسنا ومسنة من محافظات مصر المختلفة والطاقم الإداري للدار مكون من 3 موظفين إداريين وطباختين و3 عمال نظافة وموظف حسابات.
ومنذ إقامته فلم يشهد أعمال إحلال وتجديد حتى بات المبنى يعانى من رشح الصرف الصحي في بعض المناطق منه، فضلا عن تقادم أدوات المطبخ وتهالكها وتأثير الرطوبة على الكهرباء وسوء حالة السباكة بشكل عام في الدار وعلى الرغم من الموقع المتميز للدار الذى يقع بشارع 107 بمدينة رأس البر فحين التوجه إليه عليك بقطع عدة كيلو مترات سيرا على الأقدام أو مستقلا سيارة، حيث تشهد المنطقة هدوءا غير مسبوق فتكاد لا ترى مارة في الشارع منذ لحظة نزولك من سيارة الميكروباص وصولا للدار مترجلا ما لايقل عن 6 كيلومترات فضلا عن إحاطتك من كل جانب بكلاب كبيرة الحجم ولا صوت يعلو على أصواتها.
"الوطن" انتقلت للدار للتعرف على مشاكلها والاستماع لآراء النزلاء حيث رصدت كاميرا "الوطن" سوء حالة المطبخ، فضلا عن عدم وجود لافتة للدار والتى مزقت قبل ثلاثة أعوام بسبب سوء الأحوال الجوية، ولم يجد المسؤولون سبيلا لإصلاحها بسبب تكلفتها المرتفعة التي تصل إلى 7 آلاف جنيه، هذا بالإضافة لتعطل العديد من اللمبات الكهربائية وتساقط أجزاء من دهان المبنى.
في الطابق العلوى تجلس المسنات لجوار بعضهن البعض يتطرقن لأمور حياتهن تتذكر كل منهن حياتها قبل وبعد الدار وخطتهن لليوم التالي.
تقول فريدة موظفة بالمعاش: "أعاني من القلب وجلطة في المخ مرتين والمرارة، وسبق وأجريت عملية مياه في العين وحضرت لهنا قبل 6 أشهر نظرا لكبري وعدم وجود من يخدمني، فأولادي متزوجون ولا يمكنني المكوث مع زوج نجلتي لذا كان علي البحث عن مكان آخر، فجميعنا هنا أصدقاء وأحباء ويخافون علينا أكثر من نفسنا فنبدأ يومنا بالفطار ثم أداء الصلوات في مواعيدها، فنحن قمنا بأداء دورنا على أكمل وجه تجاه أبنائنا والأخصائية تحملنا على كفوف الراحة".
ولجوارها تجلس الحاجة "سعاد.ع" ربة منزل، مريضة بالغدة الدرقية تقول: "أقمت بالدار قبل 3 أشهر والخدمة على أكمل ما يكون ونحن هنا إخوات واللي تتعب الكل يقف لجوارها ووجدت راحتى وسعادتى هنا، نبدأ يومنا بالفطور ثم نمكث في الحديقة لنتشمس ثم نصلي الظهر سويا، وجئت هنا رغم أن لدى أولاد وأمتلك شقة فقبل وفاة زوجي تزوج نجلي الأصغر بشقتنا وأقام وزوجته وأطفاله بها ولم أجد راحتي معهم بعد وفاة زوجى ولا أتحمل الإزعاج وتركت الشقة لهم لكونها صغيرة لأقعد وسط حبايبي هنا حيث نود بعضنا البعض".
أما الحاجة ميرفت، 60 عاما، فلا تفارق الابتسامة وجنتيها تتحدث مع صديقاتها في أمور الحياة قائلة: "كل شيء تمام، مفيش حاجة هنا ناقصنى فرحانة بوجودي وسط حبايبي"، متابعة: "أنا مريضة سكر ولكن أموري على ما يرام وتعجبني وجبة الفطار والنظام الغذائي بشكل عام، وبعد وفاة زوجي بحث أولادي عن مصدر رزقهم في مكان مختلف، أما نجلتي فتزوجت وأصبحت أنا وحيدة، وبعد ما عشت في شقتي 35 عام رحلت عنها لأقيم هنا وأجد راحتي النفسية وتعلقت بالدار".
أما الحاجة "سامية .ع" 60 عاما، ربة منزل، إحدى النزيلات فتشكو سوء حالة السباكة وحاجتها للإصلاح، قائلة: "أقيم هنا منذ عام وشهرين وأصبحت أحب الموجودين في الدار أكثر من أهلي، خاصة كنت وحيدة في منزلي والعقار صادر له قرار إزالة".
أما الحاجة "ن" فتعد كبيرة النزلاء بالدار خاصة وأنها مقيمة منذ عام 2002 م، فهى أم لثلاثة أبناء منهم مدير شركة بترول وعقيد سابق توفي قبل ثلاثة أعوام بسكتة قلبية مفاجئة، والأصغر يعمل بإحدى الدول الأجنبية وفضلت الأم الإقامة بالدار، خاصة وأن أبناءها الثلاثة غير مقيمين بدمياط لطبيعة عملهم، ففضلت الأم المكوث في الدار حتى لا تظل وحيدة فيما يزورها أولادها باستمرار، فضلا عن مكوثها مع نجلها بالخارج نحو ثلاثة أشهر كل عام، مشيرة لسؤال أولادها الدائم عنها بل وزيارتهم لها باستمرار ومطالبتهم لها مرارا وتكرارا بالإقامة معها، بينما هى تفضل المكوث في المكان الذي ولدت فيه، وتشكو السيدة سوء حالة أبواب دورات المياه وسوء حالة السباكة وحاجة المراتب والسجاد للتغيير وإصلاح حالة الكهرباء وكذلك الحاجة لتليفزيون جديد، أما المطبخ فحدث ولا حرج.
ويقول محمد زكريا الغزاوي، 71 عاما، رئيس جمعية رعاية المسنين الخاضعة لإشراف الشؤون والمشرف على دار المسنين ونادي الوفاء للمسنين، لـ"الوطن": "نقدم خدمة كاملة للنزيل الذى يشترط ألا يقل عمره عن 55 عاما للسيدات و60 عاما للرجال، والقدرة على خدمة نفسه بنفسه وخلوه من فيروس سي، فنحن للأسف لا نستقبل النزيل القعيد أو من لا يملك تكلفة الإقامة كما نقدم ثلاث وجبات على أعلى مستوى تشمل بروتين حيوانى ونباتى، فضلا عن إجراء الكشف الطبى للنزيل مرتين أسبوعيا يومى السبت والثلاثاء".
وأضاف الغزاوي: "نقدم خدمة متميزة للنزيل قد لا تكون في دار أخرى، فضلا عن تنظيم رحلات وأنشطة للنزلاء ورعاية صحية شاملة مقابل مبلغ مادى يتراوح من 1100- 1300 جنيه شهريا حسب نوع الغرفة، فلدينا غرف جناح مزودة بحمام، وفي الماضي كان يقيم ثلاثة نزلاء في الغرفة ومع حدوث مشاكل فصلناهم عن بعضهم البعض وبات كل نزيل بمفرده في الغرفة وكل فردين يشتركان في دورة المياه عدا غرف الجناح فكل غرفة مزودة بدولاب ومروحة وشرفة، ويقيم حاليا 18 نزيلا 10 رجال و8 سيدات ويتلقى النزيل خدمة 5 نجوم، ومن يرحل تحت ضغط أولاده يعاود مرة أخرى للمطالبة بالإقامة مجددا، نظرا للطمأنينة وراحة النفس والخدمة المتميزة فجميعنا هنا بمثابة أسرة واحدة فالنزيل لا يجد راحته مع زوج ابنته أو زوجة ابنه".
ويضيف الغزاوي قائلا إن الدار تعاني من انخفاض رواتب الطاقم الوظيفى بما لا يتخطى 500 جنيه شهريا للموظف حتى قمنا بالإعلان عدة مرات عن حاجتنا لمشرفة مسائية ومديرة، ولا يتقدم أحد لضعف الرواتب فالدار للأسف بدون مشرفة مسائية.
ويوضح الغزاوي قائلا: "رغم كوننا الدار الوحيدة في المحافظة، فلا يوجد أي دعم لها فنحن بحاجة لبناء دور ثانٍ يستعب النزيل القعيد والفقير معا مع توفير الطاقم الوظيفي الملائم فللأسف نتلقى طلبات بحالات من هذا النوع ولا يمكننا استقبالهم فلا نتلقى دعم سواء من رجال الأعمال أو المحافظين فلم يزر أي محافظ الدار سوى اللواء أحمد سلطان عام 1998 م محافظ دمياط حينذاك، مضيفا: "للأسف المسن مش في دماغ المسؤولين"، على حد قوله.