سناء منصور: انحيازي للجيش المصري أثناء الحرب تسبب في تهديدي بالاستقالة من "مونت كارلو"
سناء منصور
صوت نسائى شديد العذوبة والاحترافية، يدل على شخصية صاحبته التى نجحت أن تصنع لنفسها تاريخاً حافلاً بالإنجازات المهنية ومواقف مشرفة داعمة لمصر، خاصة خلال تغطيتها لمعارك السادس من أكتوبر عام 1973 خلال عملها بإذاعة مونت كارلو الفرنسية.
سناء منصور، أول صوت إذاعى قال «هنا راديو مونت كارلو»، أكدت لـ«الوطن» أن انحيازها لجيش بلدها أثناء حرب أكتوبر تسبب فى استقالتها من المحطة التى تخضع إدارياً للإذاعة الفرنسية العامة، وأن أداءها مع زملائها العرب دفع جامعة الدول العربية لتقديم خطاب شكر على أدائهم المشرف فى تغطية المعارك.
كيف مارستِ دورك كإعلامية مصرية تعمل فى محطات أجنبية عقب هزيمة يونيو 1967؟
- قدمت برامج «منوعات»، وأخرى خاصة بالمرأة فى «راديو باريس» الموجهة على الموجة القصيرة، إلى منطقة شمال أفريقيا، خلال فترة دراستى فى العاصمة الفرنسية، ثم انتقلت بعد ذلك إلى «راديو مونت كارلو»، والتى كانت تعمل لمدة 4 ساعات، وقدمت نفس نوعية البرامج، إضافة إلى تقديم نشرات إخبارية وموجزات الأنباء، وسط حالة من الانكسار، بسبب هزيمة يونيو، «الناس كلها بتبص لك إنك مهزوم، وبيسخروا مننا ويقولوا حرب الأيام الستة».
ما الذى تغير عقب انتصار القوات المسلحة المصرية فى حرب 1973؟
- فى الساعة الثانية من يوم 6 أكتوبر عام 1973، فوجئت بتعليقات «غريبة» اعتقدت فى البداية أنها تهكم وسخرية، مثل «بشويش علينا» و«لا خلاص انتوا دخلتوا تل أبيب»، حتى التقيت رئيس التحرير، الذى أخبرنى ببدء الحرب ضد إسرائيل، «جريت على أوضة الأخبار فورا، وفرحت لما قريت عن تقدم الجيوش لخط بارليف»، وبدأت فى تنسيق العمل، مع زملائى العرب، وهم المصرى مجدى غنيم، والفلسطينى حنا مرقص، «قوليلهم يلا الحرب قامت ورانا شغل»، وفكرنا فى كيفية إدارة الموقف، وقررنا إذاعة موسيقى إنجليزية كلاسيكية، خلال الفواصل الإخبارية، مع عدم بث فقرات منوعات أو لقاءات مُسجلة، وذلك عوضاً عن القرآن الكريم الذى يبث فى الإذاعات العربية، وبالفعل كنا نذيع خبراً عاجلاً كل ربع ساعة، عقب ترجمته من الفرنسية إلى العربية، حتى جاءت الساعة الثامنة مساءً، التى يجب أن ينتهى فيها البث، ما جعلنى أتواصل مع محطة التقوية فى «قبرص»، لمد فترة البث وإخطار الجمهور بتفاصيل المعركة، ليمتد العمل لمدة 17 ساعة، «محدش فينا روّح بيته، كلنا فضلنا فى المحطة»، ثم امتد البث إلى 24 ساعة لعدة أيام.
الإعلامية القديرة: المذيعون العرب استعدوا لتقديم استقالات جماعية من المحطة الفرنسية.. وكلمة السر "همبكة"
هل تسبب موقفك الداعم لمصر ضد إسرائيل فى أزمات مع رئيس المحطة الفرنسية؟
- بالطبع، فبعد مرور أيام على تغطيتنا لأخبار الحرب بحماس وفخر لما بذله الجنود المصريون والقيادات، تلقت وزارة الخارجية الفرنسية خطاب شكر من جامعة الدول العربية على أداء «مونت كارلو»، والموقف المشرف من المحطة، بالإضافة إلى تلقى الوزارة احتجاجاً شديد اللهجة من إسرائيل على أداء الراديو، مع جعل «الخارجية» تتواصل مع مسئولين بالمحطة، ووصل مديرنا بطائرة من باريس، لمحاسبتنا والتحقيق فى الأمر، وتحدث معنا بانفعال شديد، متسائلاً عن المسئول عما حدث، لأخبره بأننى من جعلت زملائى يفعلون ذلك، ليصدمنى بالرد «أنتِ هنا فى خدمة فرنسا»، لأرد عليه أننى مصرية وجئت إلى هنا فى إطار التعاون الإعلامى بين وطنى وفرنسا، ثم طلب منا عقد اجتماع عاجل، ضم كافة العاملين بالراديو وعددهم 6 أشخاص، وكلما تحدثت أو علقت، قال لى بانفعال: «بطلى السينما والسيرك»، وعقب الاجتماع قَلِقت من إرغامنا على مدح إسرائيل، لأتفق مع زملائى أنه إذا لم تسر الأمور على ما يرام، فسأقول لهم فى التليفون كلمة «همبكة»، وتركتهم يتوجهون إلى عملهم، ثم ذهبت إلى المسئول، وتطور الحوار بيننا إلى طلبى الاستقالة، التى قُبلت باستحسان منه وترحيب شديد، ما جعلنى أنطق «كلمة السر»، خلال تواصل إحدى المذيعات معى أثناء فاصل برنامجها، ما جعلها تترك الهواء، وبدأ الجميع فى الالتفاف حول الآلات الكاتبة لكتابة استقالاتهم، ما جعل المسئول الفرنسى يُصدم بذلك، داعياً لاجتماع طارئ جديد، رفض خلاله جميع الاستقالات، «خصوصاً أننا العرب الوحيدون فى المنطقة، ومفيش حد يحل محلنا، وكمان فى إضراب للصحفيين الفرنسيين»، وحاول احتواء الموقف عاقداً اتفاقاً بأنه سيعرض وجهة نظرهم ورأيه فيما حدث على رئيس مجلس إدارة المحطات الإذاعية التابعة لها «مونت كارلو»، الذى سيحدد ما سيحدث، وفوجئت باتصال هاتفى فى اليوم التالى، بانحياز رئيس مجلس الإدارة لصالحنا، مع طلبه تخفيف اللهجة الحماسية، مع العلم أنه جاء إلينا عدد كبير من الإعلانات من العرب، حتى إنه كانت تعرض مواد إعلانية خلال النشرات الإخبارية من كثرتها.
الشيخ زايد قال لى: "والله سناء تسوى 10 رجال".. وحوارى مع جيهان السادات "كسّر الدنيا لما اتذاع".. وانبهرت بشخصيتها وثقافتها
ما البرامج التى قمت بتقديمها عقب انتهاء الحرب؟
- أجريت سلسلة حوارات مع الرؤساء والملوك والأمراء العرب، حيث أجريت حواراً لمدة 3 ساعات مع الشيخ زايد، والذى حكى خلاله لأول مرة عن أسرته وأبنائه ورؤيته للتربية، واختتم حديثه معى قائلاً: «والله سناء إنتى تسوى 10 رجال»، ثم حاورت الملك الحسين، وخططت لإجراء حوار مع الرئيس السادات، وعقب سفرى إليه، فوجئت بتأكيد تحسين بشير المسئول الإعلامى بالرئاسة عن عدم علمه بتحديد موعد مع «السادات» بالتنسيق مع فوزى عبدالحافظ سكرتيره الشخصى، كما أن الرئيس الراحل كان فى أسوان حينها، ما جعلنى أنهار، حتى قادتنى الصدفة لإجراء حوار مع حرمه السيدة جيهان السادات، والذى نسقه معى أحمد فوزى، سكرتير السيدة جيهان، عقب علمه بما حدث لى، وذهبت إليها دون تحضير أسئلة، وبعد 10 دقائق من لقائنا انبهرت بحضورها وشخصيتها وثقافتها، وتحدثت معها عن تفاصيل سياسية وأسرية، «والحوار ده كسّر الدنيا لما اتذاع»، والناس بقت عايزة تسمعه تانى، كإننى بعمل برنامج «ما يطلب المستمعون».
أجريت سلسلة حوارات مع الرؤساء والملوك والأمراء العرب
ولا أستطيع أن أنسى تجربتى مع إذاعة الشرق الأوسط، التى حاولت من خلالها، أن أنقل خبرتى الأوروبية إليهم، فى ظل ضيقى من «البيروقراطية» فى التعامل، وكثرة الإجراءات الحكومية.
أداء قناة "الجزيرة" سيئ للغاية وغير مهنى وإن دل فإنما يدل على فشلهم إعلامياً
ما رأيك فى الأداء الإعلامى لقناة «الجزيرة»؟
- أداء سيئ للغاية، وغير مهنى، وللأسف يدل على فشلهم إعلامياً، وكان لدىّ حدس بأن لتلك القناة وجهاً آخر، حيث عُرض علىّ تقديم ندوة فيها قبل «توحشها» الحالى، خلال فترة تولى أنس الفقى وزارة الإعلام، إلا إننى تراجعت فى اللحظة الأخيرة.