تراجع الاعتماد على عائدات "الذهب الأسود" في ميزانيات الدول الكبرى
تفجيرات حقول «أرامكو» أنذرت العالم للبحث عن بدائل النفط
فتح الهجوم الذى استهدف منشأتى نفط شركة «أرامكو» السعودية وزيادة التوتر فى منطقة الخليج، وما حققه من تأثيرات سلبية على إنتاج النفط، الباب أمام الحديث أكثر عن ملامح مرحلة تشكلت أو تتشكل حول تقليل الاعتماد على النفط لدى كثير من الدول سواء كمصدر للطاقة أو كأحد مصادر الدخل القومى. وأكدت تقارير روسية اتجاه حكومة موسكو إلى وضع ميزانية تعتمد على تقليص دور عائدات الطاقة فى الاقتصاد، مع ارتباط أسعار البترول بالدولار الأمريكى، وسط تأكيدات أن عائدات الطاقة ستتراجع تدريجياً خلال السنوات القادمة، وجاء اعتماد البنك المركزى الروسى تدابير للحد من تأثير تقلبات أسعار الخام الأسود ليعبر عن هذا التوجه، وإن كانت ستبقى لفترة ما تشكل نحو ثلث مدخلات خطة موازنة 2022.
وكشفت الأرقام محاولات «موسكو» تجنيب الاقتصاد الروسى صدمات أسعار النفط والغاز الطبيعى لأن حصة النفط والغاز فى إجمالى دخل الميزانية الفيدرالية بحلول نهاية 2019 ستتراجع إلى 40% حيث تراجعت عائدات النفط والغاز الطبيعى إلى 7.2%، ومن المخطط لها أن تصل إلى 35% بحلول 2022. وفى الولايات المتحدة الأمريكية، فإن طفرة النفط الصخرى جعلتها تقترب من نقطة الاكتفاء الذاتى فى مجال الطاقة، وهو ما انعكس على تصريحات الرئيس الأمريكى دونالد ترامب حين عقب على هجمات «أرامكو»، قائلاً إن الولايات المتحدة ستساعد حلفاءها رغم استقلاليتها فى مجال الطاقة، موضحاً: «لا نحتاج إلى نفط أو غاز الشرق الأوسط، لدينا فى الحقيقة عدد قليل جداً من الناقلات هناك، لكننا سنساعد حلفاءنا»، وأجاز «ترامب» استخدام نفط الاحتياطى الأمريكى الاستراتيجى، بعد أن تسبب الهجوم فى خفض إنتاج النفط الخام داخل السعودية. وذكرت تقارير صحفية يابانية أن القطاعين العام والخاص فى اليابان سيستثمران 10 مليارات دولار لتشجيع استخدام الغاز الطبيعى المسال، بسبب مخاوف حيال استقرار إمدادات النفط من الشرق الأوسط، حيث تهدف الحكومة اليابانية إلى خفض اعتمادها على النفط من الشرق الأوسط بعد هجمات «أرامكو» فى 14 سبتمبر الماضى، إذ يشكل النفط القادم من المنطقة نحو 90% من وارداتها من الخام. وتراهن إيران، على الطاقة النووية مستقبلاً، بعدما كشف محمد باقر نوبخت، رئيس منظمة التخطيط والموازنة العامة الإيرانية عن إعداد مشروع موازنة السنة المالية القادمة، التى تبدأ فى 21 مارس 2020، دون الأخذ بعين الاعتبار إيرادات النفط، تماشياً مع سياسات الاقتصاد المقام، وستصرف العائدات النفطية على المشروعات العمرانية. وأشار إلى أن هناك 3 مقترحات لتعويض إيرادات النفط فى الموازنة العامة، منها إلغاء دعم المحروقات وزيادة العوائد الضريبية، بإلغاء الإعفاءات الضريبية التى لا تتماشى مع ظروف الحرب الاقتصادية المفروضة.
سعر البرميل إشكالية دائمة أمام الموازنة السعودية.. ومتوسط العائد على رأس مال إنتاج الطاقة من الرياح وصل إلى 22% خلال السنوات الـ5 الماضية
وتواجه السعودية، أحد المنتجين الرئيسيين فى العالم للنفط، إشكاليات فى ميزانيتها، نتيجة تقلبات أسعار النفط، حيث تستهدف الحكومة السعودية أن يكون سعر البرميل 70 دولاراً خلال أعوام 2020 و2021 فضلاً عن العام الجارى الذى كانت تحتاج أن يبلغ متوسط سعر برميل النفط فيه 84 دولاراً، لمواجهة العجز فى الميزانية، ما دفع المملكة إلى زيادة الرسوم والضرائب ومنها فرض رسوم على المقيمين بالمملكة.
وقلل انخفاض أسعار البترول والتحول البطىء المتزايد نحو مصادر الطاقة الأخرى من عوائد صناعة البترول ويعكس طبيعة المرحلة الحالية، فعلى سبيل المثال شركة «إكسون موبيل» حققت عائداً على رأس المال بلغ نحو 25% عام 2011، لكن العام الماضى انخفض هذا العائد لأقل من 10%، وفقاً لتقرير لصحيفة «وول ستريت جورنال» الأمريكية نشرته مؤخراً، فيما تحسن العائد على رأس المال لشركة Vestas Wind Systems المتخصصة فى طاقة الرياح ارتفاعات من سالب 5% عام 2011 إلى عوائد إيجابية بلغ متوسطها 22% خلال الخمس سنوات الماضية.