"ترامب".. استمرار مسلسل التراجع والقرارات المتضاربة
ترامب - أرشيفية
تراجع الرئيس الأمريكي دونالد مجددا عن قراراته بشأن شمال سوريا، حيث كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية أن مسؤولين في البيت الأبيض ووزارة الدفاع يضعون اللمسات الأخيرة على خطة تتضمن الاحتفاظ بنحو 200 جندي أمريكي في شرقي سوريا ومناطق حدودية مع العراق، وأن التنفيذ ينتظر مصادقة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
وقالت الصحيفة، نقلاً عن مصادر مطلعة، إن هدف الخطة مزدوج يتضمن الإبقاء على إمكانية مكافحة تنظيم "داعش" من جهة أولى، والحيلولة دون وقوع مناطق النفط في أيدي روسيا والحكومة السورية من جهة ثانية.
وكان ترامب قد أوحى باحتمال الموافقة على الخطة حين أشار في تغريدة على "تويتر" إلى أن الولايات المتحدة عملت على تأمين النفط، وسوف تخرج في الآن ذاته من الحروب التي بلا نهاية. وفي حال تطبيق الخطة فإن الرئيس الأمريكي سوف يكون قد تراجع للمرة الثانية عن قرار اتخذه في ديسمبر من العام الماضي وقضى بسحب فوري لنحو 2000 جندي أمريكي منتشرين في مناطق مختلفة من سوريا، ثم عاد وقبل مقترحات البنتاجون بسحبهم على دفعات.
كذلك كان قد قرر قبل أسبوعين سحب ما تبقى منهم في ضوء مكالمة مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أبلغه الأخير خلالها بأن أنقرة سوف تشرع في عملية "نبع السلام" داخل الأراضي السورية، وها هو اليوم يتراجع مجدداً فيقبل مقترح الإبقاء على 200 منهم.
ولم يكن هذا التراجع جديدا، فقد اعتاد على التراجع عن قرارات مصيرية، ومؤخرا، تراجع "ترامب" عن استضافة القمة المقبلة لمجموعة الدول السبع الكبرى في منتجع يملكه بمدينة ميامي بعد أن تعرض لاتهامات بالفساد من خصومه الديمقراطيين ومنظمات مدنية أمريكية. وقال ترامب في تغريدة على تويتر إنه تم التراجع عن خطة تنظيم القمة في نادي ترامب دورال الوطني للجولف في ميامي بولاية فلوريدا بسبب ما وصفها بردود الأفعال غير المنطقية من قبل الديمقراطيين وبعض وسائل الإعلام المناهضة له.
وهذا الشهر بعد أن هدد "ترامب" تركيا بعقوبات حال مهاجمتها شمال سوريا، تراجع وأشاد بتركيا، مؤكدًا أنها دولة مهمة وحليفة للولايات المتحدة، وكتب عبر "تويتر" أن نظيره التركي، رجب طيب أردوغان، سيزور الولايات المتحدة يوم 13 نوفمبر المقبل.
وقال: "كثير جدا من الناس ينسون بسهولة أن تركيا شريك تجاري مهم للولايات المتحدة، وهم بالحقيقة ينتجون الإطارات الصلبة الهيكلية لمقاتلاتنا من طراز F-35 . كما كان العمل معها جيدا في مساعدتها لي على إنقاذ حياة كثير من الناس في محافظة إدلب وإعادة القس برونسون إلى وطنه بصحة جيدة بطلب مني، على الرغم من فترة السنوات الطويلة التي بقيت من سجنه". ولاحقا تراجع "ترامب" وجدد تهديده بتدمير اقتصاد تركيا في حال شنها أي أعمال عسكرية "غير مبررة وغير ضرورية" شمال شرق سوريا ضد المقاتلين الأكراد المتحالفين مع الولايات المتحدة.
وفي يونيو الماضي، وعلى هامش قمة الـ20..تراجع ترامب عن قرار حظر هواوي بعد مرور 6 أسابيع منذ إدراج الحكومة الأمريكية شركة هواوي على قائمتها السوداء، وصرح ترامب قائلاً إن الشركات الأمريكية يمكنها بيع معداتها لشركة هواوي، مضيفاً أن السماح للمعاملات بين الجهتين لن يمثل "مشكلة طوارئ وطنية كبرى". وجاءت تعليقات ترامب خلال قمة الـ20 التي عقدت في اليابان، بعد اجتماع مرتقب مع الرئيس الصيني شي جين بينج، حيث تناقش الرئيسان حول نزاع الحكومتين التجاري الذي جعل من شركة هواوي، إحدى أكبر الشركات المصنعة للهواتف الذكية في العالم، نقطة تحول في المعركة. وكانت قد حظرت وزارة التجارة الأمريكية في مايو الماضي بيع السلع أمريكية الصنع لهواوي دون الحصول على ترخيص أولاً، بعد أن اتهم مسؤولون أمريكيون الشركة بالعمل على تهديد الأمن القومي والسياسة الخارجية الأمريكية.وأشار ترامب إلى أن شركة هواوي ستبقى جزءاً من المناقشات التجارية الجارية بين واشنطن وبكين، ولكنه في الوقت الحالي، سيسمح للشركات الأمريكية بيع قطع غيار للشركة الصينية.
وفي يونيو الماضي أيضا، كشفت تقارير صحفية أن "ترامب" وافق على هجمات عسكرية ضد إيران رداً على إسقاط طائرة أمريكية، لكنه تراجع عن القرار قبيل تنفيذه مباشرة، وذكرت صحيفة "ذا نيويورك تايمز" أن المسئولون الدبلوماسيون والعسكريون توقعوا تنفيذ الهجوم بعد محادثات ومناقشات مكثفة في البيت الأبيض بين الرئيس وكبار المسئولين وقادة الكونجرس، وتابعت المصادر أن ترامب كان قد وافق مبدئياً على إحداث هجمات على عدد من الأهداف الإيرانية مثل بطاريات الرادار والصواريخ. وأضاف مصدر مسئول: "العملية كانت قيد التنفيذ في مراحلها الأولية حينما ألغيت..الطائرات كانت تحلق في الجو والسفن كانت في المواقع..ولكن لم يتم إطلاق أي صواريخ حينما تم التراجع".
وفي فبراير 2017، تراجع عن موقفه وأيد "سياسة الصين الواحدة" في اتصال "ودي" مع الرئيس الصيني، وكانت المكالمة الهاتفية هي المحاولة الأولى من ترامب للتواصل مع نظيره الصيني، رغم اتصاله بالعديد من زعماء الدول الأخرى من قبل، حيث وافق الرئيس الأمريكي على احترام سياسة "الصين الواحدة"، في اتصال هاتفي مع الرئيس الصيني شي جينبينج، حسبما أعلن البيت الأبيض.
وسياسة الصين الواحدة تتلخص في الاعتراف بالموقف الصيني القائل إن "هناك صين واحدة فقط في العالم، وإن تايوان جزء لا يتجزأ من هذه الصين"، وأثار ترامب الشكوك بشأن موقف الولايات المتحدة من هذه السياسة القائمة منذ فترة طويلة، حينما تحدث مباشرة مع رئيسة تايوان، تساي اينج-وين، في ديسمبر الماضي.
وكانت هذه الخطوة بمثابة انفصال رئيسي عن البروتوكول المعتاد، وأثارت شكوى رسمية من الصين.