قيادة القارة السمراء.. من "تجميد العضوية" إلى "رئاسة الاتحاد الأفريقي"
الرئيس يلقى كلمته فى الاتحاد الأفريقى
تحوّل كبير شهدته السياسة الخارجية المصرية تجاه القارة السمراء تجسَّد فى عودة العلاقات بل وتعميقها إلى حد كبير بعد أن كانت عضوية مصر فى الاتحاد الأفريقى مُجمدة لتتمكن من العودة مجدداً إلى قيادة القارة بعد تولّى مصر رئاسة الاتحاد الأفريقى هذا العام.
ومثلت «القاهرة» القارة فى المحافل الدولية حاملة على كتفيها همومها وقضاياها من قمة العشرين إلى قمة السبع إلى القمة الاقتصادية الروسية الأفريقية وغيرها من المناسبات التى شكلت فرصة لمساعدة القارة.
"سمير": السياسة الخارجية تجاه أفريقيا تعتمد على مبدأ الخروج من الذات نحو الآخر وقدمنا للأشقاء مشروعات وأفكاراً قابلة للتنفيذ
وعلق الدكتور أيمن سمير، الخبير فى العلاقات الدولية، قائلاً إن السياسة الخارجية المصرية تقوم على مبدأ «الخروج من الذات نحو الآخر» بمعنى أن غالبية الدول الآن تنكفئ على ذاتها، على سبيل المثال فى الولايات المتحدة يقولون أمريكا أولاً، وفى بريطانيا نجدهم يقولون «البريطانيين أولاً»، فالدول تنكفئ على نفسها، إلا أن مصر تنتهج سياسة الخروج من الذات نحو الآخر، وتتوجه أن تقدم نفسها لأفريقيا، وتعطى ما تملك من خبرة ومن إمكانيات للأشقاء الأفارقة، بمعنى أن مصر عندما نجح فيها برنامج تحديث البنية التحتية، فطرحت هذه الفكرة للأفارقة فشعر الأفريقى بصدق التوجه المصرى، لافتاً إلى تجربة «فيروس سى» التى نجحت فى مصر ومن ثَم تقدمها لمليون أفريقى، مستطرداً: «هنا يشعر الأفريقى بالمصداقية والصدق».
وأضاف «سمير» لـ«الوطن»، أن مصر لم تقدم لأفريقيا جُملاً إنشائية، ولكن تقدم لهم مشروعات وأفكاراً قابلة للتنفيذ على الأرض.
وتابع: «فى جميع لقاءات الرئيس عبدالفتاح السيسى والدولة المصرية، سواء الخارجية أو أى وفد مصرى فى أى محفل دولى، سواء فى أوروبا أو آسيا أو أى مكان، أفريقيا بندٌ كان ثابتاً لدرجة أن هناك رؤساء عندما يلتقون بنظرائهم فى أوروبا وآسيا يتعجبون من مدى الاهتمام المصرى بهم وبقضيتهم، وهو ما أطلقت عليه الخروج من الذات نحو الآخر، فنفكر فى الأفارقة وكأنهم بالفعل مصريون، وهذا ترجمته ليست المشروعات والأفكار فقط، ولكن الأرقام، عندما تعلم أن زيارة الرئيس السيسى الأولى بعد توليه الحكم كانت لأفريقيا عندما ذهب لحضور اجتماعات الاتحاد الأفريقى»، مشيراً إلى أن 33% من زيارات الرئيس واستقبالاته للضيوف هى زيارات لدول أفريقية، حيث إن الرئيس زار دولاً لم يزُرها أى رئيس مصرى من قبل.
وقال «سمير» إن النتائج كانت عبارة عن تحوُّل فى الصورة النمطية لمصر، حيث كانت هناك صورة سلبية، وبأن مصر تتعالى على الأفارقة، ولكن فوجئوا من خلال كل هذا المجهود بأن هناك صورة نمطية مختلفة، وأن مصر بعد 30 يونيو ذات قيادة مختلفة، مشيراً إلى أنه هناك تواضعاً شديداً جداً، وأنه إذا تم إجراء تحليل مضمون لخطاب الرئيس الذى وجهه للشعوب الأفريقية أو فى الاجتماعات الأفريقية نجد أنه يتسم بالود والعاطفة الشديدة لدى الشعوب الأفريقية، مشيراً إلى برنامج الشباب المصرى الذى تم تطبيقه أفريقياً.
من جانبه، قال الدكتور محمد صادق إسماعيل، مدير المركز العربى للدراسات السياسية، إن العودة لأفريقيا حكمتها عدة ظروف منذ عام 2014 وحتى الآن، مشيراً إلى أن أول هذه الاعتبارات هو إعادة رسم السياسة الخارجية المصرية ودوائر السياسة الخارجية المصرية، لافتاً إلى أن الدائرة الأفريقية دائرة مهمة جداً، ومن جانب آخر باعتبارات حكم التاريخ والجغرافيا فيما يرتبط بعلاقات مصر بالقارة الأفريقية.
وأضاف: «الدائرة الأفريقية فى عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر كانت الدائرة الثانية بعد الدائرة العربية ثم الدائرة الإسلامية، ثم العالمية»، لافتاً إلى أن الرئيس السيسى سعى إلى عودة العلاقات مع دول أفريقيا فيما يتعلق بعودة مصر مرة أخرى إلى المنظمة الأفريقية ومن ثَم بدأت هناك العديد من الزيارات الدبلوماسية التى مثلت دوراً مهماً فى عودة العلاقات مع أفريقيا، وصولاً لرئاسة مصر للاتحاد الأفريقى هذا العام.
«الصورة بقت حلوة».. من العزلة للريادة
استقلال القرار والمصلحة الوطنية.. كلمة السر في خريطة التحالفات الخارجية
دبلوماسية "30 يونيو" تعمل على تمهيد العودة إلى الهوية فى مواجهة التطرف