تفاؤل فى الوسط الصناعي بعد مبادرة "المركزي".. والمستثمرون: ستشعل حراك الإنتاج
إعادة تشغيل المصانع المتعثرة
استكمالاً للخطوات التى تتخذها الدولة لدعم وإصلاح الاقتصاد المصرى، وانطلاقاً من حيث انتهت الموجة الأولى لبرنامج الإصلاح الذى ركز بشكل أساسى على المؤشرات الكلية للاقتصاد، بدأت التوجهات السياسية والتنفيذية للتركيز على عصب الاقتصاد المصرى ألا وهو القطاع الصناعى، حيث أطلقت الحكومة والبنك المركزى مبادرتين جديدتين لدعم الصناعة المصرية وتنشيط صادراتها، من خلال إتاحة تمويلات بقيمة 100 مليار جنيه لتمويل السلع الاستثمارية ورأس المال العامل بمعدل فائدة 10% متناقص سنوياً، ليصل بذلك إجمالى القروض الممنوحة للقطاع الصناعى فى مصر إلى 432 مليار جنيه، بجانب مبادرة إعفاء المصانع المتعثرة من فوائد الدين وجدولة الأصل.
توقعات بتراجع أسعار السلع وطفرة فى نمو ومساهمة الصناعة فى الناتج
ومن المقرر أن تغطى المبادرة الأولى 96 ألف مؤسسة صناعية قائمة بالفعل وتسعى للتوسع وزيادة إنتاجها، مع منح الأولوية للصناعات التى تأمل الدولة فى وجودها لسد فجوة الاستيراد، مثل مستلزمات الإنتاج، لفتح المجال للصناعات الجادة لتتوسع، الأمر الذى يساعد فى نمو المشروعات الصغيرة والمتوسطة التى تم تدشينها اعتماداً على المبادرة التى أطلقت منذ 4 سنوات والتى قدمت تسهيلات ائتمانية لعدد 86 ألف مشروع صغير.
فيما تسعى المبادرة الثانية إلى توفيق أوضاع نحو 5184 مصنعاً متعثراً من الفوائد المتراكمة، حيث تقوم هذه المبادرة بإعفاء المصانع المتعثرة من الفوائد المتراكمة بالكامل والتى تبلغ قيمتها 31 مليار جنيه، فضلاً عن إزالة هذه الشركات من القوائم السلبية لدى البنك المركزى، بشرط أن تسدد 50% من قيمة أصل الدين، وبالتالى ستكون هذه الشركات والمصانع قادرة على العودة إلى التعامل مع الجهاز المصرفى مرة أخرى بناءً على ملاءتها ودراستها وعلى جدوى مشروعاتها، بدون أى خلفيات تعوقها عن العمل.
من جانبه، أوضح المهندس إبراهيم العربى، رئيس الاتحاد العام للغرف التجارية المصرية، أن الدولة بدعم من الرئيس عبدالفتاح السيسى نجحت فى وضع رؤية جديدة لعمل حراك فى السوق المصرية والمنظومة الاقتصادية بالكامل، من خلال إطلاق حزمة دعم لتنشيط قطاع الصناعة وتشغيل المصانع المحملة بأعباء الدين وإتاحة تمويلات بأسعار فائدة متناقصة، الأمر الذى ينعكس على تنشيط القطاعين الصناعى والتجارى على حد سواء.
"العربى": المستهلك المستفيد الأكبر
وأكد أن هذه المبادرات بمثابة منظومة متكاملة لعمل حراك اقتصادى عن طريق تشجيع المستثمرين على زيادة الإنتاجية، الأمر الذى يحتاج إلى تشغيل المزيد من الأيدى العاملة، وهو ما يساهم فى ضخ المزيد من الأموال فى السوق بشكل مباشر وغير مباشر، وبالتالى ستدعم القوة الشرائية للمستهلكين بما يؤثر على زيادة معدلات الطلب والاستهلاك. وأضاف أن أسعار الفائدة المنخفضة التى تُتيحها المبادرة بجانب التراجعات التى شهدها سعر الدولار أمام الجنيه الفترة الماضية، يدفعان إلى انخفاض تكلفة الإنتاج، وبجانب زيادة المعروض من السلع، ستُحدث مزيداً من التراجعات فى أسعار السلع لتصل إلى المستهلك النهائى بسعر مناسب.
من جانبه، توقع الدكتور محرم هلال، نائب رئيس الاتحاد المصرى لجمعيات المستثمرين، أن حزمة مبادرات القطاع الصناعى التى تم إطلاقها من قبل الحكومة والبنك المركزى ستؤدى لنمو الصناعة فى السوق المحلية بنسبة تتراوح ما بين ٢٥ - ٣٠٪ خلال الـ٣ سنوات المقبلة.
وأشاد بالجهود المبذولة من قبل الدولة لدعم وتحفيز نمو الصناعة فى مصر والتى تعد عصب نمو اقتصاديات الدول المتقدمة، مضيفاً أن مصر تمتلك العديد من المزايا التنافسية التى ستمكنها من تعزيز صادراتها فى أسواق جديدة كأسواق الدول الأفريقية، وبعض الدول العربية التى تعكف على إعادة بنائها من جديد.
وأشار «هلال» إلى أنه لن يحدث انخفاض فى الأسعار، مرجعاً السبب إلى أن ارتفاع الأسعار بسبب مغالاة التجار وليس بسبب ارتفاع تكاليف الإنتاج.
وقال خالد أبوالمكارم، رئيس المجلس التصديرى للصناعات الكيماوية والأسمدة، إن مبادرات الدولة التحفيزية التى أطلقها البنك المركزى بالتعاون مع الحكومة ستحقق تأثيراً إيجابياً للغاية على القطاع الصناعى، بما ينعكس على زيادة حجم الاستثمارات سواء المحلية أو الأجنبية، مضيفاً أن هذه المبادرة من شأنها أن تضع مصر ضمن أفضل الفرص البديلة التى يسعى المستثمر الأجنبى للاستفادة منها فى ظل انخفاض سعر الفائدة الصناعية مقارنة ببعض الدول الأخرى، خاصة أن المستثمر الأجنبى يعتمد بشكل جزئى على القطاع المصرفى لتمويل استثماراته بجانب أمواله التى يبدأ تأسيس النشاط من خلالها.
وأوضح أن هذه المبادرات ستؤثر بشكل مباشر على زيادة الناتج المحلى الإجمالى، حيث يمكنها إحداث طفرة فى معدلات نمو القطاع ومساهمته فى الناتج القومى لتزداد من 17.5% خلال العام الماضى لتصل إلى 30% خلال الثلاث سنوات القادمة، وذلك من خلال تشغيل المصانع المغلقة نتيجة التعثر والتى يتعدى عددها الـ5000 مصنع، مشيراً إلى أن هذا التدخل السريع والإيجابى من قبل الدولة سيبث الحياة مرة أخرى فى هذه المصانع عن طريق دعمها وجدولة ديونها وضخ الأموال التى تحتاجها للتشغيل مرة أخرى.
وتابع أن إعادة تشغيل المصانع المتعثرة أكثر فاعلية على المدى القصير فى دعم القطاع الصناعى ودفع معدلات النمو مقارنة بإنشاء مصانع جديدة، وذلك يرجع لانخفاض تكلفة التشغيل مقارنة بتكلفة الأرض والبنية التحتية والمبانى والآلات التى يتطلبها إنشاء مصنع جديد، خاصة أن المصانع المتوقفة تم تأسيسها قبل تحرير سعر الصرف وارتفاع أسعار الدولار، مضيفاً أن هذه المصانع ستعمل بشكل فورى فى حالة توفيق أوضاعها على عكس الوقت الطويل الذى يحتاجه إنشاء مصانع جديدة، مؤكداً أن هذه المبادرات هى انتفاضة صناعية جديدة ستقود القطاع لمرحلة من النمو وزيادة الاستثمارات ومعدلات الإنتاج وبالتالى زيادة حجم الصادرات والحصول على نقد أجنبى، وفى حالة نجاحها ستُحدث نقلة نوعية لمصر صناعياً.
وليد جمال الدين: المبادرات الجديدة تدعم نمو الصادرات
فيما يرى الدكتور وليد جمال الدين، رئيس المجلس التصديرى لمواد البناء والحراريات والصناعات المعدنية، أن خفض الفائدة لقطاع الصناعة إلى نسبة ١٠٪ تعد إحدى الخطوات المهمة لدعم القطاع فى السوق المحلية بعدما كانت تتحمل الصناعة فائدة ١٥٪ فى ظل بقاء الدول المحيطة كالسعودية أسعار الفائدة لديها عند ٢٫٥٪ تقريباً.
وأشار إلى أن حزمة المبادرات الجديدة الداعمة للقطاع الصناعى ستخفض من التكاليف الإنتاجية والذى قد يؤدى لانخفاض أسعار بعض المنتجات فى المرحلة المقبلة.
وتابع أن خفض التكاليف سيمكّن المصانع من زيادة الإنتاجية وبذلك قد تحتوى بعض الصناعات على فائض من إنتاجها عن السوق المحلية والذى سيجبر القطاع الصناعى على زيادة معدلات التصدير خارج السوق المحلية من خلال فتح أسواق جديدة ككثير من أسواق الدول الأفريقية.
وقال أشرف الجزايرلى، رئيس مجلس إدارة غرفة الصناعات الغذائية باتحاد الصناعات، إن حزمة المبادرات الداعمة للقطاع الصناعى التى تم اتخاذها من قبل الحكومة والبنك المركزى ستدعم نمو القطاع بنسبة كبيرة، مشيراً إلى أن إطلاق مبادرة خاصة لدعم الصناعة كان أمراً حتمياً فى ظل خطط الدولة المستقبلية من نمو للاقتصاد المصرى وزيادة نصيب الصناعة من الناتج القومى.
أشرف الجزايرلى: السوق المحلية على موعد مع ثورة صناعية جديدة
وتابع «الجزايرلى» أن أهم ما ستقدمه المبادرة من دعم قطاع الصناعة وإعادة تشغيل المصانع المتعثرة هو توفير الكثير من فرص العمل، من خلال استغلال الطاقات الإنتاجية المعطلة لدى كثير من المصانع والشركات العاملة فى السوق المحلية فى الفترة الماضية نتيجة رفع أسعار الفائدة وارتفاع تكلفة الاقتراض من القطاع المصرفى، موضحاً أن خفض تكاليف الإنتاج، وعلى رأسها تكلفة الاقتراض، ستحفز المصانع على استغلال طاقتها القصوى ومن ثم رفع معدلات الإنتاجية وزيادة الطلب على العمالة.
واستكمل أن قرار رفع أسعار الفائدة على الرغم من حتمية اتخاذه عند وصول معدلات التضخم لأعلى مستوى منذ ٣٠ عاماً إلا أنه أبطأ من نمو القطاع الصناعى فى السوق المحلية بشكل كبير، وأدى لتخلف كثير من المصانع عن سداد أقساط القروض للبنوك مما أدى إلى تعثر تلك المصانع وغلقها، لذلك فإن مبادرة الحكومة والبنك المركزى بإعادة جدولة مديونيات المصانع المتعثرة بل وضخ المزيد من القروض الجديدة ستشعل الحراك فى الصناعات المصرية من جديد.