عام الحراك.. انتخابات مجالس النواب والشيوخ والمحليات حجر في المياه الراكدة
مواطنة تدلى بصوتها فى استحقاق انتخابى سابق
يشهد عام 2020 حراكاً سياسياً بموجب الانتخابات النيابية المنتظر إجراؤها خلاله، فمن المقرر الدعوة لانتخابات مجلس النواب مع انتهاء الفصل التشريعى الحالى للبرلمان المحدد بـ5 سنوات، فضلاً عن إجراء انتخابات مجلس الشيوخ، الذى وافق الشعب على عودته فى استفتاء التعديلات الدستورية التى أجريت العام الحالى. وفيما يمثل إجراء تلك الانتخابات تحدياً كبيراً أمام الأحزاب لتجهيز كوادر قادرة على خوضها، فإن انتخابات المحليات التى أجريت آخر مرة فى 2008، على 52 ألف مقعد فى القرى والمحافظات، تظل هى التحدى الأكبر أمام هذه الأحزاب، الأمر الذى ذهب معه عدد من قيادات الأحزاب والسياسيين، إلى ضرورة الدخول فى تحالفات وائتلافات لتوفير كوادر قادرة على الترشح والمنافسة، فضلاً عن الوفاء بالنسب الدستورية لتمثيل المرأة والشباب والأقباط والعمال والفلاحين، فيما ذهب آخرون إلى ضرورة دعم الدولة نفسها للأحزاب للإنفاق على أنشطتها أو السماح لها بإدارة واستثمار أموال التبرعات ومصادر تمويلها ما يمكنها من الإنفاق على برامجها والدعاية الانتخابية فى الاستحقاقات الدستورية.
خبراء: ليس أمام الأحزاب إلا الدخول فى تحالفات للوفاء بنسب "المرأة والشباب".. و"المحليات" التحدى الأكبر
ويرى الربان عمر صميدة، رئيس حزب المؤتمر، أن التحديات السياسية التى يفرضها عام 2020، المقرر أن يشهد انتخابات مجلسى النواب والشيوخ، تتطلب من الأحزاب بدء التفكير الجدى فى تشكيل تحالفات وائتلافات تمكنها من الحصول على أكبر عدد من المقاعد فى المجلسين، والوفاء بالالتزامات الدستورية الخاصة بنسب التمييز الإيجابى تحت القبة، خصوصاً للمرأة والشباب، وهو التحدى الذى يزداد مع انتخابات المحليات نظراً لاتساع دائرتها لأكثر من 60 ألف عضو على مستوى الجمهورية بداية من القرى وصولاً إلى المجالس الشعبية فى المحافظات، لافتاً إلى أن الرؤية ستتضح أكثر مع صدور قوانين مباشرة الحقوق السياسية، وتقسيم الدوائر ومجلسى النواب، والشيوخ، والمحليات، لأنه وفقاً لها سيتحدد شكل النظام الانتخابى ونوعية القوائم التى ستخوض الأحزاب الانتخابات من خلالها.
ويؤكد «صميدة»، لـ«الوطن»، أن الأحزاب مستعدة لخوض الانتخابات، إلا أنها لا تعرف حتى الآن نسب القائمة إلى الفردى فى الانتخابات، وسوف يحسم كل ذلك صدور قانونى الإدارة المحلية ومباشرة الحقوق السياسية، مضيفاً: «إنجاز القوانين له الدور الأكبر فى تحرك الأحزاب على الأرض، وحزب المؤتمر فى إطار استعداداته، أنشأ مفوضية لاختيار مرشحيه فى الاستحقاقات الانتخابية الثلاثة، وسيكتمل عملها بعد إنجاز هذه القوانين».
"صميدة": يجب تعديل القانون ليسمح للحزب بممارسة نشاط استثمارى
ويشير «صميدة» إلى ضرورة تعديل قانون الأحزاب فى الفترة المقبلة، للسماح لها بممارسة نشاط اقتصادى واستثمار أموال التبرعات، الأمر الذى سيوفر موارد مالية جيدة للحزب، يمكن استخدامها فى الإنفاق على أنشطته والاستحقاقات الانتخابية الثلاثة التى تتكلف الدعاية فيها الملايين من الجنيهات.
حسام الخولى، أمين عام حزب مستقبل وطن، يرى أن هناك إيماناً حقيقياً من الدولة بأهمية الأحزاب التى عليها هى الأخرى أن تضطلع بدورها وتنجز ما عليها استعداداً للاستحقاقات الانتخابية الثلاثة بداية من النواب إلى الشيوخ، المقرر الدعوة إليها أو إجراؤها خلال عام فى ظل بدء دور الانعقاد الأخير لمجلس النواب، ومع نهايته ستجرى الدعوة إلى انتخابات الفصل التشريعى الثانى بعد دستور 2014، ومن المفترض بعد انتخابات البرلمان بغرفتيه، البدء فى المجالس المحلية، التى أجريت آخر انتخابات لها فى عام 2008، وتتجاوز مقاعدها الـ60 ألفاً، وبالتالى على الأحزاب تسريع وتيرة العمل لتكوين قواعد قوية وتدريب كوادر قادرة على خوض الانتخابات وتكون مقبولة لدى الشارع، وفى حال نجاحها فإن ذلك سيساعدها على تشكيل أغلبية برلمانية ومحلية بدلاً من المستقلين، ووضع سياسات من شأنها تحسين حياة المواطنين من خلال قيام الأحزاب بدورها الرقابى والتشريعى والاجتماعى على أكمل وجه.
"الخولى": عليها العمل سريعاً لبناء قواعد قوية وتدريب كوادر
ويرى «الخولى» أن الأحزاب هى حلقة الوصل بين النظام والشعب، وعليها أن تأخذ دورها الطبيعى من خلال المساحات المفتوحة أمامها للمشاركة فى الانتخابات والاستعداد لها وبقوة، متابعاً: «حزب مستقبل وطن يستطيع أن يخوض الانتخابات المحلية والنيابية دون أى تحالفات، لما له من قواعد منتشرة فى كل مكان، فضلاً عن بدء استعداده للانتخابات منذ فترة طويلة».
ويقول عاطف مغاورى، نائب رئيس حزب التجمع، إن الأحزاب تتحمل جزءاً كبيراً من مسئولية إصلاح الحياة السياسية، وفى القلب منها إصلاح الحياة الحزبية، لأن الكادر السياسى لا أحد قادر على تدريبه وتشكيل وعيه وحسه السياسى أكثر من الأحزاب التى تضع الأطر والمبادئ والأجندات والبرامج، وتسعى لإقناع الناس بها، والحزبى الناجح هو من يمتلك رؤية متوازنة تراعى الظرف العام والوضع الإقليمى والتحديات التى تواجه الوطن، لافتاً إلى أن مشاركة الأحزاب فى الاستحقاقات الانتخابية المقبلة ستعيد لها قواعدها مرة أخرى فى الشارع.
وأشار «مغاورى» إلى أن إصلاح الحياة الحزبية لا يحتاج إلى لقاء فوقى بين رئيس الجمهورية والأحزاب، بقدر ما يحتاج من أجهزة الدولة التنفيذية والحكومية أن تؤمن بأهمية التعددية الحزبية، وبدور الأحزاب الرقابى والتشريعى والوطنى، الذى نص عليه الدستور فى مادته الخامسة.
وحول الاستعداد لـ2020 عام الحراك السياسى، أكد «مغاورى» أن «التجمع» منفتح على كل الأحزاب، ومؤمن بأهمية التحالفات الانتخابية فى الاستحقاقات كافة لحصد أكبر عدد من المقاعد للأحزاب فى المجالس النيابية والمحلية، وتحقيق الأغلبية للأحزاب، مضيفاً: «وجود التحالفات ضرورة خصوصاً فى الانتخابات المحلية، بسبب كثرة الدوائر وزيادة عدد المرشحين».
ويطالب نائب رئيس حزب التجمع الدولة بإصدار تشريع لتمويل الأحزاب حتى تستطيع أن تنفق على الانتخابات والأنشطة الحزبية، مضيفاً: «الدعم المادى من الدولة سيحمى الأحزاب من أموال رجال الأعمال الذين يوجهون الحزب حسب مصالحهم، ومن أموال التمويلات الأجنبية».
من جانبه، يقول الدكتور جهاد عودة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة حلوان، إن الحياة الحزبية تعانى من أزمات كثيرة، أبرزها عدم القدرة على لعب دورها الأساسى بأن تكون حلقة الوصل بين السلطة والمواطن، وفى المقابل من الضرورى أن تهتم السلطة التنفيذية بآراء الأحزاب ومطالبها، وأن يكون هناك قنوات مفتوحة للتواصل بين الأحزاب والسلطة التنفيذية، حتى يثق المواطن فى الأحزاب وينضم إليها وينتخبها فى الاستحقاقات الدستورية.
ويشير «عودة» إلى أن نجاح الأحزاب فى الانتخابات البرلمانية أو المحلية سيمنحها إمكانية الدفاع عن مطالب المواطنين بشكل شرعى ومقنن، وحتى تنجح فى الانتخابات ليس أمامها سوى الدخول فى تحالفات للوفاء بالالتزامات الدستورية خصوصاً نسب تمثيل المرأة والشباب فى المجالس النيابية والمحلية، مضيفاً: «لا يوجد حزب فى مصر يستطيع أن يوفر 50 ألف مرشح فى المحليات، وإنجاز النسب المنصوص عليها فى الدستور، وهى 25% للشباب و25% للمرأة، و25% عمال وفلاحين، و25% أقباط، لذلك أرى أن انتخابات المحليات ستكون التحدى الأكبر أمام الأحزاب، والحجر الأكبر فى مياه الحياة السياسية».
يتابع «عودة»: «تفاعل الدولة مع مشكلات المواطن التى تعتبر الأحزاب السياسية إحدى قنوات التعرف عليها، سيكون له بالغ الأثر على الحياة الحزبية بشكل عام، كما أن الأنشطة الحزبية والجماهيرية لها دور رئيسى أيضاً فى التواصل بين المواطن والحزب، وكل هذه الفعاليات تحتاج إلى أموال، لهذا أرى من الضرورى السماح للأحزاب باستخدام أموال التبرعات فى عمل مشاريع ثقافية اقتصادية للاستثمار فى الوعى والفكر مثل المكتبات والحفلات الفنية والمسرحيات ودور النشر، ويمكن من خلال عائدها الإنفاق على أنشطة جديدة، وعلى الاستحقاقات الانتخابية المختلفة».
ويرى حازم عمر، مدرس العلوم السياسية المساعد بجامعة السويس، أن الأحزاب هى جوهر العمل السياسى ولا يمكن تصديق السياسة بلا أحزاب، وأن أزمة الأحزاب تاريخية وتتمثل حالياً فى أنها لا تعبر بشكل مناسب عن مصالح المواطنين الاجتماعية، وكذلك نواب تلك الأحزاب فى البرلمان، والأمر لا يقف عند عرض ومناقشة مشاكل ومصالح المواطنين الاجتماعية وقضاياهم، وإنما يستوجب وضع آليات وبرامج لحلها، عندها فقط سيثق المواطن فى الأحزاب ويندمج معها ويختار من بين مبادئها وبرامجها ما يتفق مع فكره، ويصوت لها».
ويشير «عمر» إلى أن التغيرات الاجتماعية والاقتصادية الكبيرة، التى شهدتها مصر فى الاقتصاد والسياسة، لم تفرز أحزاباً سياسية قوية، بدليل أن انتخابات البرلمان فى عام 2015 أظهرت كثيراً من النواب المستقلين أقوى من الأحزاب، ووجدنا ظاهرة «خطف المرشحين»، وكأن المرشح أشبه باللاعب المحترف، تتنافس الأحزاب على ضمه لها لزيادة حصتها فى البرلمان، بغض النظر عما إذا كان هذا المرشح يمثل توجهات وأفكار هذه الأحزاب من عدمه.