الشاكر: إنشاء محكمة دولية خاصة هو الحل الأمثل مع الدواعش المحتجزين
د محمد الشاكر - استاذ القانون الدولي السوري
قال الدكتور محمد الشاكر، أستاذ القانون الدولي، إن إنشاء محكمة دولية خاصة في شمال وشرق سوريا، يمثل الحل المناسب لأزمة المقاتلين الإرهابيين الدواعش المحتجزين في تلك المنطقة، مؤكدا أن استمرار وجود هؤلاء الإرهابيين في شمال شرق سوريا يعد قنبلة موقوتة لا تهدد سوريا وحدها ولكن مشكلة تهدد العالم.
وتابع الشاكر، خلال مشاركته اليوم في برنامج "قضايا إقليمية" الذي يذاع على قناة روناهي الفضائية ويُسجل من القاهرة، "علينا أن نسأل من أدخل هؤلاء الدواعش، ومن قدم الدعم يعتبر شريكا في جريمة الإرهاب"، وشرح خبير القانون الدولي السوري المحددات الأساسية التي تجعل جرائم تنظيم داعش الإرهابي جرائم دولية، حيث قام بها مقاتلون إرهابيون من جنسات عديدة وقاموا بجرائمهم في دولة أخرى وهي سوريا والعراق، وتضمن القانون الدولي أن الجماعة الإرهابية من بلد واحد ولكن ارتكبت جرائم في عدة دول.
وشدد الشاكر على أن الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا تتحمل مسؤولية كبيرة لإيواء وحراسة المسجونين الدواعش وتأمين عملية احتجازهم، وخاصة في ظل عملية الغزو الأخير، حيث حدثت هجمات من الدواعش وهرب بعضهم من المعسكرات وأماكن الاحتجاز، وأوضح أن القانون الدولي وضع طرقا عديدة لمحاكمة العناصر الإرهابية ولكن لا يبدو أن هناك إرادة من المجتمع الدولي لتنفيذ أي منها، واعتبر أن وجود عدد كبير من الإرهابيين في منطقة واحدة في شمال سوريا يمثل تهديدا أمنيا خطيرا للمنطقة.
وقال الشاكر إن إنشاء محكمة دولية خاصة شرق الفرات هو الحل المناسب بعد أن لاقى موضوع التسليم مشكلات كثيرة، فقد طلبت دول أوروبية من العراق محاكمتهم ولكنها قالت إنه قضاء هش ورفضت بعض الدول الأوروبية أن تضطلع العراق بمحاكمتهم، ومن جهة ثانية عندما تحدث مباحثات حول تسليمهم يرفضونهم لأنهم يرفضون نقل فكرهم، ويمكن إنشاء محكمة أو آلية إقليمية وهذا يحتاج إلى حل وتسوية سياسية، حتى لو حدثت من خلال إنشاء محكمة دولية خاصة في شمال شرق سوريا، حيث إن الجريمة موجودة والإرهابيين موجودون وهذا يحتاج إلى دعم دولي ودفع بالتسوية السياسية السورية والرؤية الدستورية لشكل الدولة السورية المستقبلية وهل يمكن أن تحقق اللامركزية شيئا من أجل إقامة علاقات دبلوماسية أو غيره مع الأطراف الدولية والإدارة الذاتية في شمال شرق سوريا، وهم أيضا ارتكبوا جرائم يمكن أن تحاكمهم المحكمة الجنائية الدولية إذا ارتكب أشخاص جرائم إبادة جماعية ويجب أن تثير دولة طرف هذه القضية أو أن تقوم منظمات دولية أو عن طريق المادة 16 التي تتضمن أن يحيل مجلس الأمن الدولي وهذه مسألة صعبة مرتبطة بالصراع حول سوريا لأنه القرار يجب أن يصدر بالإحالة من جانب الدول الخمس دائمة العضوية، ولذلك تبقى المحكمة الدولية الخاصة في شمال وشرق سوريا هي الحل الأنسب لمحاكمة هؤلاء، وهذا النوع من القضايا يحتاج إلى معلومات وأدلة وغيره وهذا لن يكون موجودا إلا في شمال وشرق سوريا.
وقال الشاكر إن بقاء هذا الوضع سيؤدي إلى انتشار الفكر المتطرف في هذه البيئة والعنف بين المحتجزين أنفسهم، وهم يمثلون قنبلة موقوتة وبؤرة لصناعة التطرف، وما زالت المشكلة أن كل الصراع السوري تحكمه مسألة التجاذب الدولي والإقليمي وهذا مرهون بعملية سياسية جادة لتحقيق أي اختراق حقيقي في العملية الدستورية وتشكيلة المعارضة السورية والتفاهمات الروسية- الأمريكية، ولهذا السبب الصراع في سوريا شائك جدا ويحتاج من جميع الأطراف الانفتاح على بعضهم البعض وإنقاذ ما تبقى من سوريا، ودعا إلى ضرورة إعادة تموضع للمعارضة السورية لتكوين معارضة وطنية موحدة.
وانطلقت اليوم أولى حلقات برنامج "قضايا إقليمية" الذي تقدمه المذيعة منى الحسين على فضائية روناهي، ويذاع البرنامج في الساعة 9 مساء بتوقيت دمشق والقاهرة، والـ7 بتوقيت جرينيتش، ويناقش "قضايا إقليمية" القضايا السياسية المختلفة في الشرق الأوسط، والأحداث العالمية التى تنعكس نتائجها على المنطقة بصورة عامة والشمال السوري بشكل خاص، وناقشت الحلقة الأولى من البرنامج مصير الدواعش المحتجزين في شمال شرق سوريا لدى قوات سوريا الديمقراطية في ظل العدوان التركي الذي يعمل على مساعدة الدواعش على الفرار، وأكد النقاش ضرورة دعم تشكيل محكمة دولية للإرهابيين في شمال شرق سوريا.
فيما اعتبر العميد سمير راغب الخبير الاستراتيجي والعسكري المصري، أن وجود الدواعش في شمال شرق سوريا يمثل تحديا كبيرا في ظل الغموض حول مصيرهم، وخاصة في ظل خطر هدم السجون وإعادة إنتاج داعش مرة أخرى، ويمثل تحديا أمنيا كبيرا أمام قوات سوريا الديمقراطية في ظل العدوان التركي، واعتبر أن أول تحدي أنه ليس هناك معلومات كاملة عن الدواعش المحتجزين، والتحدي الآخر مع أوروبا أنها لا تريد استلام إرهابييها ولا تريد أن يعدموا وأن يعاملوا معاملة مناسبة طبيا وصحيا وغيره، وحتى الآن لا يريدون تحمل المسؤولية عنهم، والبعض يرى أنهم يمكن اعتبارهم أسرى حرب بعد حالة احتراب أهلي ويتم تسليمهم لبلدانهم كأسرى حرب، والأوروبيون لا يرون أن في العراق أو في سوريا قضاء مستقل لمحاكمتهم.
وأوضح راغب أنه لا بد من وجود مصالح للدول ودافع للدول الكبرى للتدخل وتحريك المحاكمة ضد مجرمي الحرب أو الإرهابيين، والدول دائمة العضوية مثل روسيا لن يصوتوا لصالح تحويل هذه القضية للمحكمة الجنائية الدولية لأنه سيتم الدفع بمحاكمة النظام السوري أيضا عما جرى خلال الاحتراب الأهلي.
وقال إن أغلب المحتجزين من الجنسيات العراقية والسورية يجب التعامل معهم بتسليمهم إلى سوريا والعراق، وأكد ضرورة إعادة تأهيل أبناء الدواعش المحتجزين.
واعتبر العميد سمير راغب أن أغلب المشكلة سورية-عراقية، وهناك مصلحة للعديد من الدول لإعادة إنتاج داعش، وأكد أنه لا رهان على وجود قرار دولي، بل الأفضل أن يعود كل المقاتلين الإرهابيين إلى الدول العربية التي أتوا منها، ثم يتم الإبقاء على الأجانب فقط ويتم ترحيلهم إلى بلدانهم.