68 عاما من الشعر في حب مصر.. "عبد المنعم": مكسبي الحقيقي هو بلدي
"يا مصر بحبك انتي وبس".. "عبد المنعم": 68 عاما في كتابة شعر للمحروسة
الشاعر محمد عبد المنعم في معرض الكتاب
شعر يكسوه اللون الأبيض، أسفله عينين بالكاد ترى من خلف نظارة متهالكة، تعلو وجه مليء بالتجاعيد نال منه الزمن، ولم يبقى فيه شيء كما كان سوى لسان ينطق في حب مصر، ويتغزل بكلمات منمقة في معشوقته.
وسط زحام زوار معرض الكتاب، وقف رجل تبدو عليه علامات الشيب، يتكلم بصوت منخفض وكأنه يحدث حاله، جعل أنظار المارة تلتفت إليه، محاولين معرفة ما يقول، قبل أن يكتشفوا أنه يشدو بقصيدة في حب المحروسة، ليلتفوا حوله ويوجهوا حديثهم إليه: "علي صوتك بالكلام الحلو ده".
محمود، رجل سبعيني، يكتب قصائد عن مصر فقط، حيث يراها حبيبته الأولى والأخيرة، بحسب حديثه، يغوص في تفاصيلها ويتغزل في صفاتها ويصف أحوالها، لأنه "ملهوش غيرها"، على حد قوله.
"بحبك، كلمة قولتها لقلبك، بقولهالك وأنا جنبك، بحبك حب غير عادي، يامن تسكني فؤادي، ولو ببعد في يوم عنك بجيلك برضه في ميعادي، بحبك قد موج البحر ولو حتى يكون عالي، ولو ينحر في قلبي نحر هموت موتة بتحلالي، لنا أول محبينك ولا راح أكون أنا التاني، لكن ميت في تفاصيلك وفي ميت يموت تاني؟، وخوفي عليكي لو من اللمس، مهو انتي اليوم وبكرة وأمس، وكلمة حق لو بالهمس، هقولهالك عشان تتحس، يا مصر بحبك انتي وبس"، كلمات أحد قصائد "عبد المنعم".
كتابة الدواوين والشهرة والأضواء، أمور لا تعني شيء بالنسبة للشاعر المصري، "أنا مش عاوز صيت، كل اللي عاوزه هو الفرحة اللي بشوفها في عيون الناس دي لما بقول كلام يلمسهم عن مصر".
68 عاما، من عمر "عبد المنعم" قضاها في كتابة أشعار لمصر، لم تنل أيا منها نصيبها من الشهرة، على الرغم من حضوره الدائم في الندوات الشعرية، خاصة بعد أن تقاعد من عمله.
يروي "عبد المنعم" لـ"الوطن" رحلته مع الشعر في حب بلده، وهو يمسك بالـ"كوفية" التي تنسدل من رقبته بألوان علم مصر: "أنا بحب مصر وبكتب ليها هي وبس، وهفضل أكتب عنها لحد ما أموت".
ندوات كثيرة حضرها الرجل السبعيني حفرت ذكرياتها وتفاصيلها في عقله، "من ساعة ما كبرت وبقى عندي وعي للقراءة والشعر وأنا مبفوتش أي دورة للمعرض، وحضرت أكثر من 40 دورة".
وبوجه باسم يختتم "عبد المنعم" حديثه قائلا: "مفيش عائد مادي من اللي بعمله ومباخدش مليم من الشعر، العائد الحقيقي هو إن أمدح بلدي وأشوفها بتكبر وبتتقدم.. مش عايز حاجة أكتر من كده".