التدخين في زمن الكورونا.. خطر يهدد حياة البشر
أبطال الإقلاع عن "العادة الضارة": الحياة تبدأ بعد السيجارة الأخيرة
السيجارة تهدد حياة الإنسان
«التدخين» إحدى أسوأ العادات التى تهدر طاقات الشباب وأموالهم، وتحولهم من أناس حالمين طامحين فى مستقبل مشرق، إلى مجرد آلات تابعة للسيجارة والشيشة. «الوطن» تفتح ملف الإقلاع عن التدخين بعد تحذيرات الأطباء المتكررة من الأضرار التى تصيب الرئة جراء تراكم النيكوتين عليها.
عادة سيئة يتبعها الشباب بسبب "عوامل نفسية".. والنتيجة "أمراض بالجملة وخسارة فلوس"
كما رصدت زيادة إقبال الشباب على عيادات الإقلاع عن التدخين والجروبات الخاصة بنصائح الإقلاع على مواقع التواصل الاجتماعى، وذلك فى ظل انتشار فيروس كورونا تزايد أسعار السجائر المتكرر فى الفترة الأخيرة، ما قد يكلف المدخنين أموالاً طائلة لا طاقة لهم بها. وأرجع أطباء النفس أسباب صعوبة الإقلاع عن التدخين إلى عوامل نفسية، حيث إنها عادة تلازم المدخن وتحتاج إلى رغبة حقيقية. بينما أكد أطباء الأمراض الصدرية أن أشهر الأمراض التى تصيب المدخنين هو «السرطان»، وذلك لأن الرئة لا تتحمل أى عناصر أخرى غير ثانى أكسيد الكربون والأوكسجين. عيادات الإقلاع بدورها حسنت من مستويات الخدمة المقدمة من خلال إدخال أنماط جديدة للعلاج، ومنها «الليزر» الذى يعد أبرز صيحات العلاج المستخدمة الآن، والتى تعمل على تحسين معدلات هرمون السعادة بدون الحاجة إلى مادة النيكوتين.
حكايات عديدة رواها أبطال الإقلاع عن التدخين، بعد أن تمكنوا من التخلص من أعراض انسحاب مادة النيكوتين فى الجسم وتحويل الطاقة السلبية التى كان مصدرها الأساسى عادات التدخين السيئة، إلى طاقة إيجابية جعلت منهم أناساً حالمين بمستقبل مشرق يجنون الأرباح بعدما تمكنوا من زيادة ساعات العمل، ويدخرون ثمن السيجارة لأطفالهم، واضعين أمام أعينهم ما آل إليه حال المدخنين الذين ما زالوا يعانون من الآثار السلبية للتدخين بنوعيه «السجاير والشيشة».
فرج جمال، ٢٤ عاماً، أحد هؤلاء الأبطال الذين تمكنوا بفضل العزيمة والإصرار من الإقلاع عن التدخين، بعدما رأى عجزه أمام عينيه حينما مرضت زوجته وعجز عن توفير النفقات اللازمة لعلاجها: «كانت مراتى حامل ورُحت معاها للدكتور وطلب منى حاجات بفلوس كتير، ووقتها فلوسى كلها كانت على السجاير ومعرفتش أجيب لها العلاج»، أيقن الشاب العشرينى أن ذلك الموقف ما هو إلا إشارة واضحة مفادها أن الإقلاع عن التدخين سيوفر الكثير من الأموال، وبالفعل كان له ما أراد وتمكن بفضل عزيمته من أن يقلع وبشكل نهائى عن التدخين، الأمر الذى جعله أكثر نشاطاً وحيوية.
"فرج": "بدأت آكل بنفس مفتوحة وأمارس الرياضة"
سنون مرت وأشهر مضت وأيام انقضت عانى فيها الشاب العشرينى من آثار التدخين وما سببه له من مشكلات مادية وصحية، ذكريات سيئة جمعت ابن شبين الكوم بالسجائر، فقبل ٧ سنوات أشار الأصدقاء عليه أن يقوم بتجربة السيجارة على سبيل الترفيه: «ماكانش معايا فلوس دايماً، فكنت بحوش من مصروفى علشان أشتريها، وفضلت أشرب سيجارة فى التانية لحد ما وصلت لعلبة كاملة فى اليوم الواحد، والفلوس وقتها كانت قليلة، وكنت باستخسر فى نفسى الأكل علشان أشترى السجاير»، فى سبيله للإقلاع عن التدخين لجأ الشاب العشرينى إلى وسائل عديدة: «بدأت أدخل على اليوتيوب وأشوف فيديوهات بتتكلم عن التدخين وأضراره، وفى يوم لقيت شيخ بيتكلم عن طرق الإقلاع، وفجأة لقيته بص للكاميرا كأنه بيكلمنى وبيقول، انت، أيوه انت مد إيدك متخفش بقولك مد إيدك وعاهدنى وعاهد ربنا إنك متشربش سجاير تانى»، أيقن الشاب أن تلك العبارات القليلة ما هى إلا إشارات واضحة تحثه على الإقلاع عن التدخين، فقرر أن يحاول بطرق أخرى غير اليوتيوب أن يتعلم الطرق الصحيحة للإقلاع: «جربت طريقة اسمها الن كار، وده كان مدخن وقال لمراته فى يوم إنه مش هيشرب تانى قالت إزاى وماكانتش مصدقة، قالها هقدر وهخلى الناس كمان تبطل، وعمل كتاب فيه بعض الطرق الصحيحة للإقلاع»، يشير «جمال» إلى أن الكتاب هذا يرى أن الإقلاع يجب ألا يكون على مراحل، وأنه لا بد للمدخن أن يقلع عن التدخين مرة واحدة. بصوت أجش يقول فرج جمال إنه بمجرد أن توقف عن التدخين شعر بتحسن فى حالته الصحية، والنفسية: «بقيت آكل بنفس مفتوحة، وأتمرن رياضة، وبقى عندى استعداد إنى أجرى حوالين الملعب مرتين تلاتة كمان».
"فتحى": "الإقلاع لازم يكون نابع عن رغبة حقيقية"
يمسك بطرف الحديث أحمد فتحى، ٣٦ سنة، عامل بناء، من محافظة البحيرة، ويقول إن التدخين بنوعيه ليس له أى تأثيرات إيجابية على المدخن، بخلاف أنه يستنزف الأموال ويرهق الأبدان. منذ ٢٠ عاماً بدأت علاقة الثلاثينى مع السيجارة، حينها كان يرى أن التدخين إحدى أهم سمات الرجولة ولم يكن يطيق أن ينطق أحد بكلمة سيئة فى حق المدخنين، حيث إنه كان يرى أن التدخين يأخذ المدخن إلى عالم آخر يتحسن معه مزاجه وترتاح سريرته: «أول علبة شربتها كانت بحوالى جنيه ونص، وآخر علبة جيبتها كانت بـ١٧ جنيه، والنوع ده من أسوأ الأنواع لكن التعود عليه خلانى ما أشربش غيره». علاقة «فتحى» المستمرة بالسجائر جعلت الإقلاع عن تلك العادة أمراً يكاد يقترب من الاستحالة، وذلك لأنه كان يربط بين الوجبات الرئيسية والتدخين: «كنت باكل بسرعة وبعدها أشرب سيجارة على طول، وفى رمضان كان الموضوع بيبقى صعب عليّا جداً، كنت ممكن أشرب علبتين ونص فى اليوم، وده كان بيكلفنى فلوس كتير ده غير إنى كنت مقصر فى حق بيتى».
منذ عام قرر «فتحى» أن يترك تلك العادة وأن يحول علاقة الجذب بينه وبين السيجارة إلى نفور تام، فكان يدخر يومياً ثمن السجاير، حتى تمكن من جمع ٧٠٠٠ جنيه فى العام، ومن هنا قرر ترك تلك العادة، وكان له ما رمى إليه ونجح فى الإقلاع عنها، وعاد إلى حياته ولم يتعرض إلى وعكات صحية لها علاقة بجهازه التنفسى كما كان يحدث سابقاً: «حياتى اتغيرت وبقيت أعرف آخد نفسى بحرية.
"عنتر": "كل محاولات الإقلاع من خلال التدخين الإلكترونى فاشلة"
تختلف قصة محمد عنتر، ٢٧ سنة، من سوهاج، موظف بإحدى شركات القطاع الخاص، فهو الذى طرق باب التدخين مبكراً: «بدأت أشرب سجاير من تانية إعدادى، «صاحبى مات قدام عينيا بسببها»، هنا تحول الشغف إلى كره والرغبة إلى نفور، وقرر أن يقلع وبشكل نهائى عنها، ولكنه كان يدرك مدى صعوبة هذا القرار، خاصة أنه يدخن منذ عشر سنوات: «القرار مش سهل بسبب طول فترة التدخين، والتدخين إدمان، وأهم خطوات علاج المرض الاعتراف بالمرض».
فى سبيل الإقلاع عن التدخين لجأ «عنتر» إلى التدخين الإلكترونى، وقام بشراء سيجارة إلكترونية ثمنها ٢٢٠٠ جنيه بخلاف سوائل التدخين والنكهات المستخدمة: «كل محاولات الإقلاع من خلال التدخين الإلكترونى فاشلة، لأن دى شركة بتبيع وخلاص، والموضوع بيزنس أكتر منه علاج».
يرى العشرينى أن مشكلة السيجارة أنها دائماً ما تكون مرتبطة بالأكل أو القهوة وحالات الاكتئاب: «أنا رابط السيجارة بالأكل والقهوة، مجرد ما أشوف الأكل أفتكر السيجارة ومجرد ما أشم ريحة القهوة على طول أولع سيجارة».
بدأ «عنتر» منذ عام ونصف محاولة الإقلاع عن التدخين، وبعدما قام بتجربة السيجارة الإلكترونية، قام أيضاً بشراء الشيشة الإلكترونية، ولم تنجح تلك المحاولات: «كنت بشرب سجاير أكتر، لأن الحاجات الإلكترونية مش بتغنى عن السيجارة دى بتزود الرغبة لها كمان، وأنا شايف إن اللى عايز يبطل ينقطع مرة واحدة، مفيش داعى للتدريج».
امتنع محمد عنتر بشكل نهائى عن التدخين منذ شهر ونصف وعانى من أعراض الانسحاب، ولكنه كان أقوى كما يؤكد، وذلك من خلال ممارسة الرياضة وتناول المأكولات الصحية.
اقرأ أيضًا:
طبيب أمراض صدرية: كورونا يصيب الرئة.. والتدخين يضاعف التأثير
"عيادة الإقلاع": الليزر والأقراص أحدث صيحات العلاج
"يحيى" أسس "جروب" لنشر ثقافة الإقلاع عن التدخين