دينا عبدالفتاح تكتب: "تحليل البيانات" وسلوك كورونا!
دينا عبدالفتاح
بعد الإعلان مساء الجمعة الماضى عن وصول عدد الإصابات بفيروس «كوفيد-19»، المعروف باسم كورونا المستجد، إلى 985 حالة.. ووصول عدد الوفيات إلى 66 حالة وفاة.. يبلغ معدل الإصابة بفيروس كورونا المستجد فى مصر أقل من 10 فى المليون.. معدل الوفيات من المصابين 6.7%.. 282 حالة أتمت رحلتها مع المرض بشكل تام.. بينهم 66 حالة وفاة.. و216 حالة تعافٍ تام وخروج من المستشفى.. بما يشير إلى أن احتمالات الشفاء من المرض بعد الإصابة به تزيد على 76%.. مقابل احتمال وفاة أقل من 24%.. ومن المنتظر زيادة احتمالات الشفاء مع تزايد أعداد الذين تحولت نتائجهم المعملية من إيجابية إلى سلبية إلى 296 حالة يمثلون 30% من إجمالى المصابين.
ما سبق هو تحليل أولى لبيانات المصابين التى أعلنت عنها وزارة الصحة المصرية.. يوضح بشكل بسيط معدلات ينبغى أن يتم حسابها بشكل يومى ومقارنتها ببعضها البعض.. حتى يمكننا رسم منحنى لسلوك المرض خلال الفترة الماضية.. وتوقع سلوكه المستقبلى.. فى حالة استمرار نفس الظروف المحيطة.
وهذا يعتبر مقدمة بسيطة فى علم مستقل الآن يطلق عليه علم «تحليل البيانات الضخمة» يستهدف جمع أكبر قدر ممكن من البيانات وتحليلها بأسلوب علمى ومقارنتها حتى يتم استخلاص نتائج يمكن بناء القرارات المختلفة عليها.
وفى تقديرى أن هذا العلم نحن فى حاجة ماسة إلى استخدامه فى هذه المرحلة ولتحليل هذه الأزمة، فبالحصول على بيانات متشعبة حول المصابين وسلوكهم اليومى وأسباب الإصابة بالفيروس.. يمكننا صياغة تعليمات فعالة للوقاية.. ليتبعها الأصحاء غير المصابين لتقليل احتمالات إصابتهم بهذا المرض مستقبلاً.
ومن هذه البيانات التى يمكن جمعها من المصابين.. طبيعة المواصلات التى استخدموها قبل الإصابة مباشرة.. وعدد مرات استخدامها فى اليوم الواحد.. معدل البقاء فى المنزل ومعدل الخروج منه من إجمالى عدد ساعات اليوم الواحد.. تواصلهم المجتمعى مع الأهل والأصدقاء خلال الفترة السابقة للإصابة ومعدل وطبيعة هذا التواصل.. أسلوبهم فى العناية والوقاية الشخصية من الفيروس قبل معرفة الإصابة به.. مثل هل كانوا يستخدمون وسائل معينة للتعقيم؟.. وما هى؟.. وغيرها من البيانات التى يمكن جمعها وتحليلها بشكل دقيق حتى يمكننا استخلاص نتائج تتعلق بالأسلوب الأمثل للتحرك.. ومعدل ساعات الخروج من المنزل.. وكيفية التواصل مع الآخرين.. والشكل الأمثل للانخراط فى المناسبات إن وجد.. وغيرها من الأمور التى حتماً ستعزز من معدلات الوقاية من هذا المرض فى مصر.. وستضمن إعطاء تعليمات أكثر فاعلية للوقاية.
كما يمكن الحصول على بيانات ضخمة حول الحالات التى توفيت نتيجة الإصابة بهذا الفيروس.. مثل متوسط أعمار المتوفين.. لبيان درجة ارتباط الخطر المصاحب للمرض بالعمر.. بالإضافة لبيانات أخرى.. مثل هل كانوا يعانون من أمراض معينة قبل الإصابة؟.. الوقت المستغرق من الشعور بالأعراض إلى الإبلاغ وإجراء التحاليل.. تطور المرض بالنسبة لهم.. وتوقيتات الخطر التى سبقت الوفاة.. وبتحليل هذه البيانات بشكل علمى ودقيق يمكن استخلاص الأسلوب الأمثل للتعامل فى العلاج والوقاية أيضاً.. وتوضيح الأمراض التى تكون عاملاً مساعداً داعماً للخطر المصاحب لفيروس «كوفيد-19».. وتوضيح الفئات العمرية الأكثر تعرضاً للخطر الناتج عن هذا الفيروس.
كما يمكن الحصول على بيانات من المخالطين للحالات المصابة الذين ثبت عدم إصابتهم بالفيروس.. وتحليل هذه البيانات لتوضيح الأسلوب الأمثل للوقاية.. باعتبار أن هؤلاء الأشخاص كانوا الأكثر تعرضاً للإصابة بالمرض.. ولكنهم تمكنوا من الإفلات منه.
هكذا ينبغى أن نطور تعاملنا مع الأزمة فى مصر.. وأن تؤدى وزارة الصحة والسكان دورها الرائع فى مواجهة هذا الفيروس.. إلى جانب قيام المتخصصين بدراسة وتحليل البيانات الضخمة لمساعدتها فى صياغة تعليمات الوقاية وبروتوكولات العلاج وغيرها من القرارات التى تخدم إدارة الأزمة بشكل صحيح.. حتى نمر منها بأقل الخسائر الممكنة بإذن الله.