القليوبية معقل أضرحة أولياء الله.. بركات لا تنفد
سيدي عواض قاضي قضاة قليوب يلجأ له الناس والخانكة البقعة المباركة
أضرحة القليوبية
تحتضن القليوبية المئات من الأضرحة الشهيرة لأقطاب الصوفية والمشايخ والتي تمتد بطول وعرض المحافظة في قليوب والخانكة وشبين القناطر وطوخ وبنها يقصدها المريدون ليطلبوا البركة والمشاركة في موالد إحياء ذكرى صاحب المقام حيث تسمع منهم قصص البركات التي لا تنتهي ولا تنفد عن صاحب المكان وكراماته التي أهلته ليكون من الأولياء الصالحين وجعلته وسيلة للتبارك والتقرب إلى الله وللدعوة وقضاء الحاجات.
أشهر أضرحة القليوبية على الإطلاق ضريح سيدي عواض بقليوب والذي يحتفل بمولده في شهر ذي القعدة كل عام واسمه بالكامل عَوَّاضُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقِ الْطَّهْلَمُوسِيِّ ولد بالمغرب الأقصى أواخر القرن الثامن الهجري، وينتهي نسبة الشريف إلى مولانا الحسن بن علي بن أبي طالب "رضي الله تعالى عنهم"، حفظ القرآن الكريم وهو صغير السن، والتحق بالمدرسة العظمى التي أنشأها السلطان أبو سعيد المريني وتخرج من جامعة القرويين بفاس وفي الرحلة المقدسة لتأدية فريضة الحج مر بمصر ومكث عامين في مدينة الإسكندرية تتلمذ فيهما على يد أصحاب الطريقة الشاذلية ، وكان يتردد على معهد الإسكندرية الديني وكان يمضي ليلة الجمعة في ضريح سيدي المرسي أبي العباس "رضي الله تعالى عنه".
ثم رحل إلى الحجاز ومكث بها عشر سنوات عاد بعدها إلى القاهرة في عهد السلطان الأشرف برسباي الذي اتصف عهده بالجهاد ضد الصليبين ثم جاء الشيخ عواض إلى قليوب في النصف الثاني من القرن التاسع الهجري.
تولى الشيخ عواض إمامة المسجد الجامع بقليوب، كما تولى القضاء بها من قبل السلطان قايتباي حتى توفي عام 878هــ، ثم أقام له شيخ قبيلة الشواربية ضريحًا له في الغرفة التي كان يسكنها، يزعم مريدو سيدي عواص أنه من أصحاب الخطوة بمعنى أنه عندما كان يسير في الشارع كانت الأرض تطوي تحت قدميه ولذلك عندما توفي تم بناء مقام له في الغرفة التي كان يتعبد ويسكن بها بمدينة قليوب.
ضريح سيدي عواض مفتوح طوال العام يقصده المئات من الرجال والنساء يوميا يلتمسون الراحة النفسية والبركة والدعاء يروي عنه الكثير والكثير من البركات ومنها استجابة الدعاء بتيسير الحج والعمرة وطلب الشفاء من الأمراض وخاصة للأطفال الصغار الذين حار الطب في علاجهم.
في السياق ذاته تضم مدينة قليوب إلى جانب الشيخ عواض، أكثر من 13 مقاما يقصدها من الناس العامة والمتصوفين ومن أهمها: البقعة المباركة الثانية بالمحافظة في مدينة الخانكة والتي تشتهر بأنها معقل الصوفية ويقصدها كافة المتصوفين وبها عدد كبير من الأضرحة فكل مكان به ضريح يروي ويشرح بركات وكرامات صاحبه فالمدينة يرجع تسميتها إلى كلمة "خانقاه أي مكان التعبد والتصوف".
أهم ما يميز الخانكة هو وجود "جبانة" الخانكة والتي تحتوي على 15 ضريحا وتسمى بهذا الاسم نسبة لوجود الأضرحة بجوار المقابر تباركا لأهل المكان بالضريح فيقيمون مقابرهم بجواره.
ويشير إلى أن هذه الأضرحة تحمل اسماء عديدة منها "ستي الحاجة أم إبراهيم" وهي سيدة متصوفة زاهدة تربت على يد الشيخ محمد العسكري الموجود ضريحه بالخانكة، وقد أدخلت تلك السيدة العديد من الرجال في التصوف على يدها، وكان مشهورة بالكرم ملجأ للمساكين، وضريح عمر أو ذقن أثر من الآثار أحد صحابة الرسول (عليه الصلاة والسلام ) اتهدم ولم يسا والمواطنين جددوه بالمجهودات الشخصية ومقام عمي الشيخ مصلح سلامة كان من عرب العيايدة من الخانكة انتقل وهو شاب صغير عند سيدنا الحسين واخذ يعلم التصوف أمام "الباب الأخضر" الخاص بسيدنا الحسين ورجع مرة أخرى إلى الخانكة وبني له الحاكم أن ذاك المقام على حسابه الخاص، بالإضافة إلى مقام سيدي محمد إسماعيل أبا القاسم "أبو قاسم" بسندوة.
يذكر أن كلمة المدد تشير إلى "طلب العون" والمصريون يذهبون لزيارة الأضرحة ليس طلبا للمدد من صاحب ولكن من رب صاحب هذا الضريح ويفضلون الدعوة بالأضرحة لأنهم يعلمون أن الدعاء بها مستجاب.
وفي شبين القناطر يوجد مقام سيدي إبراهيم أبو المعاطي بقرية نوب طحا مركز شبين القناطر وهو رجل صاحب كرامات وكان يقيم لنفسه مولد وهو حي، كما يوجد مولد سيدي سعيد البحر بمدينة شبين.
وفي مدينة بنها يوجد ضريح الشيخ يسري على طريق كلية التجارة، يقصده سكان عاصمة القليوبية، والطبقات الراقية لقضاء حاجاتهم والتي تتركز في فك العنوسة والرغبة في الإنجاب.
أما في مدينة طوخ فيوجد داخل المساجد عدد من الأضرحة أشهرها العليمي الذي يقع في قلب المدينة، ومقام سيدي حسن العراقي الذي يقع وسط الأراضي الزراعية، ويحكي المترددون على المكان أن صاحب الضريح جاء من العراق وكان رجلا طيبا ودفن في هذا المكان، ويطوف مريدوه حول الضريح سبع مرات، ويكررون طلب الحاجة التي يريدونها، وفي حالة تلبية هذه الحاجة يشترون لمبة أو أكثر للمكان على حسب النذر أو دستة من الشموع للإضاءة حول الضريح.
ويوجد أيضا في قرية الحصة التابعة لمركز طوخ مقام "سيدي الأربعين" وهو عبارة عن ساقية مهجورة يحكي أن هذا المكان مات فيه أربعون من الأولياء والصالحين ويقصده كل من يريد فك السحر أو جلب الرزق أو طلب الزواج والإنجاب أو من يمتلك حيوانات يريد أن تدر مزيدا من اللبن أو يكون الحيوان مريضا ويطلب له الشفاء.
ويطوف طالب الحاجة حول المقام سبع مرات ومعظم المترددين على الضريح أو جميعهم من السيدات، وإذا تم قضاء حاجتها تضع "إيشارب" خاصا بها على الساقية وتذهب ليلة يوم الجمعة لتضيء الشموع على المكان، وهناك "سيدي شلوف" و"سيدي المغازي" ولا تختلف الطقوس الخاصة بهما عن الطقوس السالف ذكره.