وصفت في الاختيار بـ"يثرب المجاهدين".. كيف سيطر الإرهابيون على ليبيا؟
الإرهابي هشام عشماوي
سلط مسلسل الاختيار في جزء كبير من حلقاته الضوء على ليبيا ومكانتها لدى التنظيمات الإرهابية، حتى أنهم وصفوها بـ"يثرب المجاهدين" في إحدى حلقات المسلسل، في إطار محاولة إقناع الإرهابي رفاعي سرور لنظيره هشام عشماوي بالتوجه إليها مع تكثيف القوات المسلحة المصرية وقوات الأمن جهودها وعملياتها في مواجهة التنظيمات الإرهابية.
ويجسد مسلسل الاختيار، شخصية شهيد القوات المسلحة البطل العقيد أركان حرب أحمد صابر منسي، الذي يؤدي دروه الفنان أمير كرارة، بينما يجسد دور الإرهابي المصري هشام عشماوي الفنان أحمد العوضي، والمسلسل من إنتاج الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية برئاسة تامر مرسي.
تحالف التنظيمات الإرهابية استغل الفراغ الأمني والسياسي عقب سقوط نظام القذافي
وتصاعدت شوكة التنظيمات الإرهابية في ليبيا بعد عام 2011، بعد إسقاط نظام العقيد الليبي الراحل معمر القذافي، ضمن أحداث ما سمي بـ"الربيع العربي"، فعادت جماعات كانت موجودة لتتحكم في المشهد مثل جماعة الإخوان والجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة، وصولا إلى ظهور جماعات جديدة مثل تنظيم "داعش" الإرهابي، وتنظيمات أخرى مثل "شورى المجاهدين" و"أنصار الشريعة"، مستغلة حالة الفراغ السياسي والأمني التي أعقبت سقوط النظام.
واللافت للنظر في وضع الجماعات الإرهابية في ليبيا أنها بمختلف مشاربها متحالفة معا علنا، فإن كان هناك حديث دوما في بعض الدول أن التنظيمات الإرهابية المسلحة تشكل جناحا عسكريا سريا لبعض تيارات ما يسمى بـ"الإسلام السياسي" وبينما تنفي الأخيرة ذلك دوما، إلا أن ليبيا جاءت لتؤكد هذا الطرح من خلال التحالف الواضح حتى الآن بين هذه التنظيمات الإرهابية المسلحة والأجنحة السياسية، حتى بات المشهد كما لو كان الأصل تنظيمات إرهابية مسلحة لها أجنحة سياسية.
مستشار سابق بالجيش الليبي: ليبيا كانت "الخطة ب" لدى التنظيمات الإرهابية عند سقوطهم في سوريا والعراق
في هذا السياق، قال رمزي الرميح الأكاديمي الليبي والمستشار السابق بالجيش الوطني الليبي، إن ليبيا نظر إليها من قبل الجماعات الإرهابية والأطراف الداعمة لها على أنها "الخطة باء" لديهم، بمعنى أنه إذا أحبط مشروعهم في سوريا والعراق، فإن ليبيا ستكون نقطة الانطلاق والقاعدة الأهم لديهم.
وأضاف الرميح، في اتصال هاتفي لـ"الوطن": "الجماعات الإرهابية استغلت الحالة التي أصبحت عليها ليبيا بعد سقوط نظام معمر القذافي عام 2011، ورأوا في ذلك فرصة كبيرة بالنسبة لهم فليبيا صاحبة ثروات كبيرة، وحدث تحالف بين كافة التيارات التي تسمي نفسها إسلامية في ليبيا".
"الرميح": قطر قدمت السلاح للإرهابيين منذ 2011
وقال الأكاديمي الليبي: "قطر قدمت السلاح لهذه العناصر في 2011 تحت غطاء الثورة على النظام، كما تمكنوا من السيطرة على كثير من مخازن الأسلحة، فضلا عن ذلك أن الإخوان والميليشيات الإرهابية قتلوا عددا كبيرا من الضباط والعسكريين الليبيين الوطنيين، بحيث أن يوجدوا نموذجا لدولة بلا جيش أو شرطة، وتكون فقط عناصر مسلحة أو ميليشيات موالية لهم تنفذ أجندات الإخوان وإرهابهم".
ويرى الرميح أن هذا الوضع الذي يتمثل في مساحات واسعة من الأرض خارج سيطرة أي شكل من أشكال الدولة، وسلاح متوفر وكذلك مال ومساندة ودعم تركي وقطري غير مسبوق، كل هذه أمور جعلت ليبيا أرض خصبة لنشاط المجموعات الإرهابية ووجهة مفضلة لديهم. واستدرك "الرميح": "لكن رغم ذلك فإن ليبيا تبقى دوما بيئة ليست حاضنة للإرهابيين والفكر المتطرف، بل رافضة لهم، وإن كان هناك من يقبل بذلك، فهذا نتاج الخوف الذي يمارسه الإرهابيون على الشعب الليبي".
تطورات الأحدث في ليبيا تقول إن التنظيمات الإرهابية سيطرت بالكامل على ليبيا شرقا وغربا، ومن بين مدن الشرق الليبي كانت مدينة "درنة" الساحلية قبلة التنظيمات الإرهابية، فلا يوجد أي مظاهر لحكومة هناك، وبالتالي كانت تشكل دولة حقيقية للإرهاب، ولهذا كانت "درنة" المقصد الرئيسي للإرهابي هشام عشماوي والإرهابي عمر رفاعي سرور عندما قررا الفرار خارج مصر، خصوصا مع نجاح قوات الجيش الوطني الليبي في تحرير مدينة "بنغازي" من قبضة التنظيمات الإرهابية، لتبقى "درنة" الحصن الوحيد للإرهابيين في الشرق قبل أن ينجح الجيش الوطني أيضا في تحريرها بالكامل عام 2018 وصولا إلى النجاح الأكبر بالقبض على الإرهابي هشام عشماوي الذي أسس هناك تنظيم المرابطين.
بينهم مطلوبون دوليون.. "الإسلامويون" ينقلبون على الشرعية ليسيطروا على طرابلس
أما بالنسبة للغرب الليبي وخنوعه تحت سيطرة التنظيمات الإرهابية، فمثله مثل الشرق خضع لسيطرة ما يمسى بـ"كتائب الثوار" والتي كانت في أغلبها من عناصر جماعة الإخوان والجماعة المقاتلة وغيرها من التنظيمات الإسلامية المتطرفة خصوصا مع سيطرتها على المؤتمر الوطني التأسيسي الذي انتخب كأول برلمان بعد الإطاحة بنظام "القذافي". إلا أنه بعد إجراء انتخابات برلمانية في يونيو من عام 2014 تعرض الإسلامويون لهزيمة انتخابية كبيرة، فقرروا الانقلاب على نتائج الانتخابات وطعنوا فيها وشكلوا حكومة منفصلة خارج شرعية مجلس النواب المنتخب وسيطروا على العاصمة "طرابلس" بدعم الميلشيات التي لديها بعض القادة على قوائم الإرهاب الدولية مثل صلاح بادي.