اشتعل الصراع على التأهل للدورة الرباعية للكرة، وعلى الهروب من الهبوط للدرجة الثانية، فالأهلى يواجه خطر المنافسة مع الاتحاد بالمجموعة الأولى، والزمالك مهدد بالغياب عن دورة التتويج لحساب أى من بتروجت أو اتحاد الشرطة أو الإسماعيلى، التى تتنافس معه على المركزين الأول والثانى بالمجموعة الثانية.
كل ما كتبته فى الأسطر الماضية مجرد معركة وهمية نختلقها، لنعطى أنفسنا أننا نمتلك مسابقة لكرة القدم، فما زال نظام الاحتراف العقيم هو من يحكم الكرة المصرية، والبطولة عندنا حبر على ورق، وكالعادة ستكون المنافسة محسومة للأهلى أو الزمالك، لأننا ببساطة لا نريد غير ذلك، ولن نتعلم أبداً.
ففى إنجلترا تجد كل عام 4 فرق، على الأقل، تتنافس على البطولة حتى الرمق الأخير، وفى الموسم الحالى لم يُحسم الدورى حتى الجولة الأخيرة، ونفس الوضع فى إسبانيا التى يتنافس فيها ريال مدريد وأتلتيكو مدريد وبرشلونة حتى قبل جولتين على الدورى، هؤلاء يتنافسون، ليس لأنهم أصحاب عقول ذرية مثلاً، ولكن لأن القائمين على كرة القدم هناك يريدون «دورى» قوياً يتنافس فيه الجميع، وليس دورى تكون المنافسة فيه أحادية فقط، قائمة على إضعاف المنافسين، وتجريدهم من مصادر القوة، بخطف لاعبيهم أو منعهم من ضم أى لاعب جديد.
على مدار 3 مواسم عانت كرة القدم المصرية من الانهيار، ومن بعد «مجزرة بورسعيد» لم يكلف أى مسئول خاطره لتطوير مسابقة الدورى المصرى أو إدخال تعديل على النظام لتسير من سيئ إلى أسوأ، وآخر الابتكارات فكرة مرتضى منصور، رئيس لجنة الأندية، التى أختلف معه فيها، والخاصة برغبته فى إلغاء الهبوط، والتى ستزيد من عدد فرق الدورى إلى 25 فريقاً، وتتبع ذلك زيادة رهيبة فى عدد فرق الدرجة الثانية، وبالتالى ستكون المهمة فى الموسم المقبل أصعب.
هكذا كل عام شخص يخرج باقتراح لخدمة فئة معينة، ليتأثر الكل فى النهاية، وكأننا، وبلغة أهل الاقتصاد، نطبع نقوداً دون غطاء، لنخلق بأيدينا تضخماً مدمراً، وهذا ما ينتظر مستقبل الكرة المصرية من ترهل أكثر مما هى مترهلة.
أزمة أخرى فى هذا الدورى المشتعل، كما وصفته واهماً فى بداية المقال، تتمثل فى عودة الجماهير التى ينادى بها الجميع، وأسأل أى شخص يطلب عودة الجمهور: هل لمست تحسناً مثلاً فى سلوك الجماهير لتعود للمدرجات؟ الإجابة لا، فجماهير الزمالك ما زالت تسب وزارة الداخلية ومسئولى اتحاد الكرة فى المدرجات، عندما دخلت تدريبات الفريق مؤخراً، وجماهير الأهلى لم تنسَ بعد ضحايا «مجزرة بورسعيد»، وستطالب بحقوقهم والقصاص بعد مباراة أو اثنتين، وهذا حقهم، فبعد عامين ونصف العام لم يحصل أى شخص قُتل على حقه حتى الآن، والجناة الحقيقيون خارج السجون ولم تطالهم المشانق كما حكم القضاء.
فكان من الأولى بنا قبل أن نفكر فى عودة الجماهير، أن نحل مشاكل الألتراس مع وزارة الداخلية، وأن نتوصل لحل مطالب ألتراس أهلاوى حول المطالبة بحقوق من ماتوا فى بورسعيد، وأن تتم المصالحة بين الأهلى والمصرى، لأننى لا أرى من الأساس أن النادى البورسعيدى طرف فيما حدث.
الدورى المصرى يحتاج إلى ثورة حتى يقدم كرة قدم حقيقية، وتكون المنافسة بين جميع الفرق، كم أتمنى أن يستمر سموحة بمستواه الحالى فى الموسم المقبل، ونفس الأمر بالنسبة لبتروجت الذى ظهر بمستوى جيد.
يجب أن تكون هناك وقفة لهذا الدورى الذى يحتاج لإعادة هيكلة حتى تكون لدينا كرة قدم حقيقية يكون التنافس فيها بين جميع الفرق، وتحسم المنافسة فيها فى اللحظة الأخيرة بشكل حقيقى، وليس «دورى الوهم» الذى نراه حالياً.