الفقر أولها.. مطالب حزبية بعودة النشاط الاقتصادي لمواجهة تداعيات كورونا
مقترحات برفع طاقة الإنتاج الزراعي وبناء منظومة جديدة للإنفاق العام
مصر تبدأ التعايش التدريجي مع فيروس كورونا
بالتزامن مع توقعات معهد التخطيط القومي بارتفاع معدلات الفقر في مصر خلال العام الجاري جراء تفشي فيروس كورونا، برزت مطالب حزبية بضرورة التعايش مع الفيروس وعودة النشاط التجاري والاقتصادي، مع ضرورة تعزيز التصنيع المحلي ورفع طاقة الإنتاج الزراعي في مواجهة التداعيات المحتملة للأزمة.
وتوقعت دراسة حديثة لمعهد التخطيط القومي، التابع للحكومة المصرية، انعكاسات سلبية متأثرة بالتداعيات المحتملة لأزمة كورونا، منها رفع معدل الفقر في مصر، ليتراوح ما بين 5.6 إلى 12.5 مليون مواطن خلال العام المالي 2020-2021.
ويقول عبدالعزيز النحاس، نائب رئيس حزب الوفد، إن فيروس كورونا أثر بشدة على فئات كثيرة في المجتمع، ولكن الدولة كان لها دور كبير في تخفيف هذه التداعيات السلبية على هذه الفئات خاصة العمالة غير المنتظمة، حيث وفرت لهم منحة لمدة 3 أشهر لمساعدتهم في هذه الأزمة.
ويضيف النحاس لـ"الوطن"، أن الدولة قامت بدور كبير وسخرت كل إمكانياتها لمواجهة فيروس كورونا، التي أثرت بشكل كبير على اقتصاديات الدول الكبرى، وعلى الجميع دعم هذه الجهود حتى نخرج من هذه الأزمة بأقل الخسائر.
ويرى أن الدولة لا تستطيع الاستمرار في الغلق لمواجهة فيروس كورونا خلال الفترة المقبلة، نظرًا للتداعيات السلبية التي طالت الاقتصاد، لذا لابد من التعايش مع الفيروس مثلما اتجهت جميع دول العالم، لأننا لن تستطيع تحمل التبعات الاقتصادية للغلق في ظل الأوضاع الحالية.
ويشير "النحاس" إلى ضرورة عودة النشاط التجاري والاقتصادي نظرًا لعدم قدرة المواطنين على التحمل، منوهًا إلى أن كل من يعمل في التجارة والسياحة تأثر بشدة من الأزمة وبعضهم لم يعد لديه دخلًا.
وفي ذات السياق، يرى الدكتور مصطفى أبو زيد، رئيس لجنة الشؤون الاقتصادية بحزب الحركة الوطنية، أن العالم كله تأثر اقتصاديًا بسبب انتشار فيروس كورونا، مؤكدًا أن تعويض هذه الخسائر الاقتصادية سيأخذ بعض الوقت مع عدد من الدول، وقد يمتد لسنوات في لدول أخرى.
ويقول أبوزيد لـ"الوطن"، إن العالم حاليًا يحاول اعتماد منهجية واضحة للتعامل مع فيروس كورونا من خلال اتخاذ أحد السيناريوهين، الأول هو الاستمرار فى الإغلاق الكامل لمحاصرة الوباء، ولكن هذا سيزيد من أعباء الديون، وسيسبب تراجعًا شديدًا فى الإيرادات الضريبية، وارتفاعًا كبيرًا في معدلات البطالة، مما يثقل كاهل الأعباء على الدول، ويؤدي إلى خفض تصنيفاتها الائتمانية، وإفلاس العديد من الشركات والمؤسسات.
ويضيف أن السيناريو الثاني يتمثل في عودة فتح الاقتصاد ومحاولة تقليل الخسائر التي منيت بها الدولة، فى محاولة لتشغيل الأنشطة الاقتصادية، للحفاظ على استمرار الشركات والمؤسسات من الانهيار ووقف تزايد الاعباء المالية عليها، مشيرًا إلى أن عودة الأمور الى طبيعتها ستأخذ الكثير من الوقت، وفي المقابل سيكون هناك احتمالية لتزايد حالات الإصابة طالما في ظل عدم توافر علاج مباشر حتى الآن.
وبدوره، يرى عبدالمنعم إمام رئيس حزب العدل، ضرورة وضع خريطة جديدة للسياسات العامة، تتضمن إعادة بناء منظومة جديدة للإنفاق العام والاستثمار بالشكل الذى يمنح أولوية للقطاعات التى تعمل كمانع اقتصادى واجتماعى فى مواجهة الأزمات والتغيرات المناخية، وعلى رأسها الاستثمار فى الصحة والتعليم والبنية التحتية ومكافحة الفقر، وتوطين الاستثمار فى التكنولوجيا الرقمية والذكاء الإصطناعى والزراعة والصناعة والطاقة المتجددة.
ويقول إمام لـ"الوطن"، إن تداعيات أزمة كورونا تفرض على مصر إعادة النظر فى مجمل السياسات العامة، فلا يمكن استدامة سياسة الاعتماد على السياحة وتحويلات المصريين بالخارج كمصدرين رئيسيين لموارد العملة الأجنبية، بالنظر إلى عدم قدرتهما على تجاوز الصدمات الخارجية.
ويضيف أن انتشار فيروس كورونا صاحبه تغيرات عالمية، منها ارتفاع المخاطر التى تهدد الأمن الصحي، وتفاقم الوضع الاقتصادي، وتغير أسعار الغذاء، وتصاعد تأثيرات التحول الرقمى وتكنولوجيا المعلومات ونظم وأجهزة الاتصالات على كافة مجالات الاقتصاد.
ويوضح إمام أنه يجب مراجعة أولويات الموازنة العامة، بهدف صياغة فلسفة ورؤية جديدة للإنفاق العام، تضطلع فيها الدولة بدور أكبر فى مجالات الصحة والتعليم ومكافحة الفقر والمساندة المجتمعية وتحسين الأجور، وتوطين الاستثمار فى التكنولوجيا والبنية التحتية، بالتزامن مع تعميق التصنيع المحلى عبر تصنيع السلع التى تستوردها مصر من الخارج لمعالجة الفجوة بين الاستيراد والإنتاج.
ويشير إلى ضرورة الاستمرار في دفع عجلة الاقتصاد للانطلاق والتوجه نحو توطين الصناعات الاستراتيجية وذات الأولوية للدولة، وفى مقدمتها المشروعات التكنولوجية التى تستهدف رفع قدرات التصنيع وزيادة الصادرات، ورفع طاقة الإنتاج الزراعي عبر الاعتماد على أحدث نظم وتكنولوجيا الزراعة والرى، بهدف تحقيق الإكتفاء الذاتي من السلع الغذائية الإستراتيجية، وحماية الأمن القومي الغذائي.