قلوبهم معلقة بالقرآن وأرزاقهم أيضا، فتتلمذوا مبكرا على أيدي مشايخهم حتى أتموا حفظه، وارتبط مصيرهم به، يتلوون آيات الذكر الحكيم، فى سرادقات العزاء ومناسبات مختلفة، ليشعرون بمتعتها الروحانية أولا، وينعمون بأرزاقها ثانيا، ليأتى وباء كورونا، ويحرمهم من الحسنيين.
معاناة يعيشها قراء القرآن الكريم، كغيرهم من أصحاب المهن، التى نال منها الوباء، بعد قرار مجلس الوزراء بمنع التجمعات، وإقامة المعازى والمناسبات المختلفة، خوفا من انتشار العدوى الفيروسية، الأمر الذى أضر ببعضهم كثيرا، خاصة من لا وظيفة لهم أخرى، أو مصدر دخل إضافي.
يحكي الشيخ عبدالله الشرقاوي، عضو نقابة القراء المصرية، أن عديد من القراء يمارسون تلك المهنة فقط، وليس لهم أى دخل آخر لمواجهة مصاعب الحياة، المتمثلة في إيجارات ورسوم للمياه والكهرباء والغاز الطبيعى ونفقات المعيشة.
الضرر على القارىء لم يكن ماديا فقط، إنما معنويا أيضا، وربما بصورة أكبر، بحسب "الشرقاوى": "القارىء يستمتع شخصيا بالتلاوة وسط الناس، والتواصل معهم، بما يفوق كثيرا الأجر الذى يحصل عليه".
عمل القراء موسميا وليس ثابتا، وفقا لـ"الشرقاوى"، ويتفاوتون فى الطلب عليهم على قدر الشهرة والمهارات الشخصية: "القارىء لكى يحافظ على مستواه، يمارس تدريبات باستمرار خاصة بالصوتيات، ويتابع مع طبيب الأنف والأذن، ويبذل جهدا كبيرا على نفسه، وبالتالى لابد أن يقدر ذلك ماديا".
يقيم "الشرقاوى" فى منطقة شبرا الخيمة، ويحظى بشهرة بين جيرانه وله مريدين، ويتواصل معه حاليا عبر وسائل التواصل الاجتماعى، ويتمنى انفراج الأزمة، وزوال الوباء والعودة سريعا لحياتنا الطبيعية.
وليد سيد عبدالشافي، نقيب قراء القرآن الكريم بمحافظة القليوبية، وكان طبيعيا أن يكون له دورا فى مساندة القراء المتضررين فى الظرف الراهن: "لا سرادقات تقام، ودور المناسبات مغلقة، حتى القراء التابعين لوزارة الأوقاف، وكانوا يعملون فى دور المناسبات التابعة للوزارة، انقطع عنهم الرزق، ولا يجدون مصدر رزق آخر".
ويرى "عبدالشافي"، أن الدولة على صواب فى اتخاذ تلك القرارات المشددة، حرصا على سلامة القارىء نفسه، وسلامة الآخرين، لكن للأسف بعض القرآء يعملون يوما بيوم، وتأثروا بشدة من تداعيات الفيروس: "كونى نقيبا للقراء، أحاول مساعدتهم والسؤال عنهم باستمرار، وطبعا يلحون على بالسؤال متى سينفرج الحال، وتفتح دور المناسبات وتقام المئاتم وسرادقات العزاء، وللأسف لا أملك القرار ولا المعلومة، ونحن كقراء نحاول مساعدة بعضنا، كأرباب أى مهنة أخرى، ونطمئن على بعضنا البعض تليفونيا، وعبر مواقع التواصل الاجتماعي، لعدم إمكانية الزيارات واللقاءات المباشر".
أجور القراء متفاوتة، حسب الشهرة، فمنهم من يتقاضى فى العزاء 500 جنيه، وآخر ذو شهرة واسعة يتقاضى 50 ألف جنيه، وجميعهم مطالبون بالوفاء بالتزاماتهم الأسرية، ويرى "عبدالشافي"، أن أهل القرآن لا ينساهم الله، ولا يحتاجون لشىء، متمنيا انفراج الأزمة قريبا.
تعليقات الفيسبوك