اعتزال الفن بين أسباب دينية أو عدم التقدير.. ونقاد يطالبون بـ"بروتوكول تشغيل"
نهى عابدين
تعددت الأسباب وقرار اعتزال العمل بمجال الفن واحد، والابتعاد نهائيًا فترات زمنية معينة تطول أو تقصر كل على حسب مقدرته.
في الماضي كان قرار الابتعاد عن الوسط الفني، لأسباب دينية بحتة، كما فعلت الفنانة الراحلة شادية التي اعتزلت في منتصف ثمانينيات القرن الماضي حتى رحيلها عام 2017، وشمس البارودي منذ 37 عامًا، ونسرين من عام 1991، واللاتي اختفين تمامًا عن الأنظار.
ومنهم من اعتزل لنفس السبب، ولكن قرر العودة مرة أخرى بعد سنوات للعمل بالفن مجددًا، كما فعلت سهير رمزي، ومحسن محيي الدين، وسهير البابلي التي عادت بعمل درامي وهو مسلسل قلب حبيبة، ثم الاختفاء مرة أخرى.
وفي النصف الأول من عام 2020، عدد من الفنانات قررن الاعتزال، ليس لأسباب دينية، ولكن بسبب "عدم التقدير"، وتراجع بعضهن عن القرار، منهن لقاء سويدان، التي بررت اعتزالها بزعم أن المهنة لم تعد تحكمها الموهبة ولا المعايير، ولكنها تراجعت مع مشاركتها بمسرحية سيد درويش، كذلك الفنانة نهى عابدين، التي تراجعت هى الأخرى، وفي تصريحاتها لـ"الوطن" قالت إن قرار اعتزالها كان سببه الضغوط وكانت بحاجة لإعادة حسابتها ووقت تفصل فيه عن الفن وبعد أن هدأت قررت العودة مرة أخرى.
وبسبب الظلم، أعلنت الفنانة الشابة إنجي خطاب الاعتزال، "قالوا عليا موهوبة بس للأسف الموهبة حدها لا تكفي، مع إن ضاع عمري فيه سنين دراسة بكالوريوس تمثيل وإخراج وبعدها دبلومة إخراج ده غير كارنيه النقابة غير سنين اجتهاد وسعي وتعب ومرمطة وظلم ومخدتش حقي اللي استحقه للأسف الوسط دا مليش مكان فيه، الاعتزال أكرم".
وحسب تصريحات نقاد فنيين لـ"الوطن"، فإن قرار اعتزال الفن أو التلويح به، في الوقت الحالي بمثابة رسالة إنذار للفت الانتباه إلى أن هناك مواهب وطاقات إبداعية تحتاج للمزيد من الفرص.
قالت الناقدة الفنية ماجدة موريس، إن إعلان الاعتزال، ثم التراجع عنه، بمثابة صرخة في وادٍ لن يسمعها أحد، لأن مسألة "تشغيل" الفنانين ليس بها عدالة توزيع على الإطلاق، خصوصًا وأن بعض الممثلين الكبار، يجلسون في بيوتهم بلا عمل، إما لعدم تقديم عروض فنية لهم، أو لعدم تقديرهم ماديًا بشكل لائق، في مقابل هناك بعض الممثلين يشاركون بأكثر من عمل فني في نفس الوقت، وقد يكون من بينهم من هم أقل موهبة، وبالتالي الأمر قد يثير حفيظة من يقررون الاعتزال.
وأوضحت "موريس"، أنه يجب على نقابة المهن التمثيلية بقيادة الدكتور أشرف زكي، وضع "كتالوج" لتنظيم "تشغيل" الممثلين وتحقيق العدالة في توزيع الأدوار، وتقديمه للمخرجين والمنتجين للعمل من خلاله، بما يضمن عمل أصحاب المواهب الحقيقية، والحفاظ على كبرياء الفن بعيدًا عن طرق الأبواب بحثًا عن عمل.
وأضافت "موريس"، أن قرار الاعتزال أحيانًا يأتي بهدف البحث عن فرصة أخرى من خلال مشروع جديد بعيدًا عن الفن، منهم من ينجح، ومنهم من لا يحالفه الحظ ويضطر للعودة إلى الفن مرة أخرى.
وأشارت إلى أن أسباب الاعتزال الفني قديمًا، كان أغلبها لأسباب دينية، وغالبيتهم بعد فترة غياب قرروا العودة، ولكن دون أن يكون هناك إقبال حقيقي عليهم، لاختلاف الزمن وتغير طبيعة الأدوار التي كانت تُسند إليهم.
وفيما يخص اعتزال الفنانة الشابة نهى عابدين، وتراجعها عن القرار، أبدت "موريس" دهشتها من الأمر، خصوصًا وأن "نهى" بدأت مشوارها الفني منذ أعوام قليلة لا تتجاوز 5 أو 6 سنوات، وقدمت أعمال كثيرة منها "ونوس، حلاوة الدنيا"، ومسلسل ليالينا 80 الذي عرض في شهر رمضان الماضي، وبالتالي قد تكون محبطة من البعض، ولكن في النهاية عليها ألا تتعجل البطولة.
قال الناقد الفني محمود قاسم، إن الاعتزال في السابق كان دينيًا، وعدم القدرة على التعايش مع الفن، من خلال "سياسة الزن على الودان" التي كان يتبعها البعض مع النجوم، وهناك فنانون عادوا مجددًا بعد اعتزالهم، وأيقنوا أنهم لم يكونوا على الدرب الصحيح كما خُيل إليهم، خصوصًا وأن الفن "مفخرة" ويمنح المبدعين الشهرة والفلوس، مضيفًا: ولكن للأسف عودة غالبيتهم تكون بلا روح، وافتقدوا أمورًا كثيرة كانت تميزهم وهم في ذروة شهرتهم، مثل محسن محي الدين، وسهير رمزي، وسهير البابلي.
وأضاف "قاسم"، حاليًا هناك اعتزال بسبب "تكسير المقاديف" بأن بعض الفنانين يعتقدوا أنهم لم يقدموا كل مالديهم في مجال التمثيل، وأن هناك من سبقوهم وهم أقل منهم موهبة، وبالتالي يقرروا الابتعاد لعدم وجود فرص أمامهم، أو على الأقل يهددوا بالابتعاد حتى تسنح لهم الفرص بإثبات طاقتهم الإبداعية.
وأوضح "قاسم"، أن هناك فنانين، لا يملكون الحجج القوية التي تكون سندًا لهم خلال عملهم في الوسط الفني، ومن ثم يتعرضون لمشكلات أو مواقف، تجعلهم يستسهلون قرار الاعتزال، سواء كان لغرض ديني، أو لأي غرض آخر، ويلوحون به من وقت لآخر، إما لجذب انتباه، أو حاجتهم لدعم ومن يقف بجوارهم.