"علي" رفض ترك والده المصاب بـ كورونا في العزل: مش خايف
الشاب العراقي
"ليس الجحيم أن تصطلي بنار جهنم، بل بنار قلبك وهو مروع، مضطرب، وواهن" عبارة تجسدت فيما فعله الشاب العراقي علي سلام، حين أبى الانصراف إلى البيت بعد أن وضع والده على أحد أسرة مستشفى العزل، راح يجول بين أروقة المكان بحثًا عن طبيب أو إداري يعطي له موافقة بالبقاء إلى جواره في غرفته، رغم خطورة ذلك عليه، ولكن ليطمئن قلبه خاصة وأنه عانى من نقص في الأكسجين وصعوبة في التنفس، وقف يتابع الطاقم الطبي وهو يسرع الخطى لإنقاذ والده العجوز بإسعافات أولية يدعو الله له بالشفاء تتلاحق دقات قلبه متعطشًا ليبتل ريقه بكلام أحدهم يخبره بتحسن حالته.
في سكون الليل، اعتاد مرضى مستشفى العزل المجر الكبير بمحافظة ميسان العراقية، سماع خطوات علي صاحب الـ33 عاما، يتحدث همسًا إلى والده المصاب بفيروس كورونا النائم على فراشه لا يفارق وجهه جهاز التنفس الصناعي، يسأله عن احتياجه لأي شيء من عدمه، بعد أن حصل على موافقة استثنائية بالبقاء معه، متحصنًا بأدوات الواقية الشخصية الكمامة والقفازات وغطاء الرأس، يُنقب عن شيء ما يمنحه طاقة لليوم التالي، يحاول بث الطمأنينة في نفس والده الستيني، رغم خوفه الشديد عليه، وبحسب رواية الابن لـ"الوطن" لم يستمع لمحاولات والده لإقناعه العودة إلى المنزل ولا إلى تحذير الأطباء كل همه هو أن يبقى بجواره لا يغيب عن عينيه لحظة، "قولتلهم أنا مستعد أضحي بروحي عشان والدي".
الأب قضى 15 يوما بمستشفى المجر الكبير على جهاز التنفس الصناعي
الأب الذي أكدت التحاليل إصابته بفيروس كورونا في الثاني والعشرين من يونيو الماضي، لم يعانِ من أمراض مزمنة سوى ارتفاع في ضغط الدم، ولكن حدة الفيروس تمكنت من جهازه التنفسي ولذلك اضطر الأطباء حجزه بالعزل لمدة 15 يومًا كاملة، لم يغفل فيهم الابن الذي يعمل في مجال التجارة الحرة إلا ساعات قليلة، فهو لم يرعَ والده فقط بل انشغل باله بالمرضى المسنين في الأسرة المجاورة، يسألهم عن أحوالهم يتابع نسبة الأكسجين في الجهاز الخاص بكل واحد منهم، "اعتبرت كل واحد منهم هو أبويا".
خلال فترة تواجد علي بالعزل مع والده كانت الأجواء قاتمة، الجميع مُشتاق للمنازل ومشاعر الونس، وكان هو يدرك كل ذلك من حوله دون أن ينطق أحدهم بالشكوى، حاول دعمهم نفسيًا وطمأنتهم في وسط ظلام الليل لكسر حالة الجمود التي تخيم أرجاء الطابق أو"الردهة" كما ينطقها الشاب باللهجة العراقية، يرافق المسنين منهم إلى المرافق الصحية يسامرهم خلال مشوار قصير لم يتجاوز دقيقتين، يرى فيما فعله واجبا إنسانيا لا يستحق الشكر عليه، بعد أن التقط له أحدهم صورًا دون علمه، وتداولها الجميع على موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك، "كلنا بنمر بأزمة واحدة لازم نكون سند لبعض.