"الوطن" تعيش أجواء أول عطلة للأهالي بالحدائق بعد عودتها
حديقة الأزهر
باستعجال شديد يتضح من طريقة مشيته، وتحضيره لألعابه التي اصطحبها معه، الكرة والمضرب، وصل عمر إلى شباك قطع التذاكر الخاص بحديقة الفسطاط بصحبة والديه، ليدفع لهم ثمن الدخول المقدر بـ5 جنيهات، يداه الصغيرتان مشغولتان بما يحمله، اليمنى بها شنطة ملابسه الرياضية الخاصة به ليرتديها بالداخل وأدوات اللعب، والأخرى تمسك بدراجته الصغيرة التي يحكم قبضة كفه الصغيرعليها يستعد للانطلاق بها في البراح الواسع تحت أشعة الشمس ليثأر من أيام حُرم فيها من تخطي باب منزلهم التزاما بقرارات العزل خوفا من الإصابة بفيروس كورونا المستجد: "يلا يا ماما نلحق مكان حلو في ضل تحت الشجرة هناك"، يقول الصغير لوالدته بصوت مسموع لمن حولها يعج فرحًا باللحظة المنتظرة.
تحت ظل إحدى أشجار حديقة الفسطاط افترشت أسرة الصغير عمر الأرض وجلسوا ليستريحوا من مسافة الطريق قليلا، في أول عطلة بعد عودة فتح الحدائق بعد أشهر من غلقها بسبب أزمة فيروس كورونا المستجد، بدأت الأم في فتح الأكياس الممتئلة بأرغفة العيش والطعام الذي تتطاير رائحته بالهواء لإطعام طفلها قبل أن ينطلق في لعبه وسط الحديقة: "كنا محبوسين في البيت ومتعودين نتفسح كل يوم جمعة والحمدلله إن الجناين فتحت من تاني"، وبحسب رواية الأم لـ"الوطن" فور سماعهم بخبر إعادة فتح الحدائق قرروا الذهاب إلى الفسطاط لقربها من مسكنهم ولإسعاد طفلهم.
أصوات بائعي غزل البنات والفيشار والحمص تداخلت مع أصوات الأطفال المصطفين أمامهم للشراء، رغم قلة أعدادهم أعادوا للحديقة بهجتها من جديد، بحسب وصف أحمد محمود بائع فيشار بالفسطاط.
بائع فيشار بالفسطاط: يوم عن يوم الدنيا بترجع لطبيعتها
منذ مارس الماضي لم تطأ قدم أحمد حديقة الفسطاط مكتفيا بعمله في أحد المصانع، وفور سماعه بقرار عودة فتح الحدائق أمام الجمهور مع الالتزام بالإجراءات الاحترازية، قرر الرجوع إلى عمله في الحديقة مرة أخرى: "الأعداد لسه مرجعتش زي الأول بس يوم عن يوم الدنيا بترجع لطبيعتها".
أمام مدخل ملاهي الأطفال ذات السعر المخفض وقفت منال بصحبة أختها وأبنائهما في استعداد للدخول بعد دفع قيمة التذكرة المقررة بـ3 جنيهات للفرد، نداءات الأطفال بالداخل تعلو بهجة وفرحًا أحدهم يدفع بالآخر الجالس على الأرجوحة والآخر يتسابق مع صديقه أيهما يسبق إلى "الزحليقة".
حوار جانبي دار بين منال وشقيقتها في انتظار دورهما للدخول إلى ملاهي الأطفال بصحبة أطفالهما، الأولى تنقل فرحتها بعودة الحدائق التي تعد المتنفس الوحيد لهما في العطلة الصيفية، والثانية ترد: "إحنا نعمل اللي علينا وناخد بالنا ونستخدم أدواتنا الشخصية وبإذن الله ميحصلش أي حاجة"، ليقطع حديثهما صوت حارس البوابة ليأذن لهما بالدخول وفي غضون ثوان قليلة انطلق الصغار نحو الملاهي بعد أشهر حبسة في البيت بفعل أزمة فيروس كورونا.
على بعد نصف ساعة تقريبا من حديقة الفسطاط، وعلى طريق صلاح سالم السريع، حضرت بعض العائلات بصحبة أطفالها قبل موعد صلاة الجمعة، للاستمتاع ببداية يوم العطلة وسط المساحات الخضراء، في استقبالهم على البوابة شخص مُكلف بقياس درجات الحرارة للزائرين، يدقق في ارتداء الجميع للكمامة ويمنع من لا يرتديها من الدخول.
مصور حديقة الأزهر: جالي طلب تصوير فوتوسيشن لعروسين قبل يومين
بعد قطع تذكرة قيمتها 30 جنيها للكبار، يمر الزائرون من بوابة حديقة الأزهر بعد خضوعهم للتفتيش والتدقيق على الالتزام بالإجراءات الاحترازية، في الواجهة نافورة مياه كبيرة أضحت وجهة الأطفال فور دخولهم يتسارعون نحوها للاستمتاع برذاذ الماء المتطاير منها لتخفيف حرارة الجو عليهم.
عشرات من الأشخاص حرصوا على قضاء يوم العطلة في حديقة الأزهر بصحبتهم زجاجات مياه شخصية وشنط معبأة بأشهى المخبوزات الساخنة لتناولها تحت ظل الأشجار بالداخل: "متعودين نيجي كل جمعة بالأولاد ومن أول أزمة كورونا مخرجناش بيهم"، يقول محمود أب اصطحب زوجته وطفليه إلى حديقة الأزهر للاستمتاع بيوم العطلة بعد قرار فتح الحدائق كما جرت عادتهم.
التزام إدارة الحديقة بارتداء الجميع للكمامة وعلامات التباعد على شباك صرف التذاكر، إجراءات أشاد بها الأب الثلاثيني في حديثه لـ"الوطن" مؤكدا أن المكان مشهود له بالنظافة وهو ما شجعه على الذهاب إليه في أول عطلة بعد قرار فتح الحدائق.
بكاميرته الخاصة المعلقة في رقبته، يطوف محمد علي، مصور الحديقة بحثا عن زبون يطلب منه توثيق لحظات لعب أطفاله أو شباب يرغبون في توثيق لحظات سعادتهم معا: "الحمدلله كنا فين وبقينا فين الأعداد بدأت ترجع والشغل بدأ يرجع معاهم"، يقول المصور في بداية حديثه لـ"الوطن".
ارتياح ورضا يتضح في كلام المصور الخمسيني، لقرار عودة فتح الحدائق للجمهور بعد شهور طوال من غلقها أمام الجمهور، وبحسب روايته، جاءه طلب تصوير فوتوسيشن لعروسين قبل يومين وهذا دليل على عودة الحياة للحديقة من جديد: "الأفراح في الصيف كانت كتير وده بداية كويسة".
على الأرض الخضراء افترشت عبير وأطفالها الأرض بالقرب من النافورة المتواجدة وسط الخضرة داخل حديقة الأزهر، لحظة اعتادت عليها حُرمت منها وأطفالها الثلاثة بسبب قرارات الغلق في فترة انتشار فيروس كورونا، "الحمدلله إن الأزمة عدت والحياة رجعت تاني".