بعد سنوات من الدراسة والاجتهاد، إلتحق بكلية العلوم جامعة أسيوط، ثم دفعته الظروف الصعبة إلى العمل عاملاً، استمرت الظروف فلم يقدر على الاستمرار في كليته، ابتعد عنها لعامين، ثم وجد نفسه أمام اختبار صعب، إما كليته، أو الاستمرار كعامل.
محمود فوزي، 24 سنة، من أسيوط، بعد إلتحاقه بكلية العلوم، لم يقدر على مصاريف المدينة الجامعية والمواصلات، بالإضافة إلى الكتب ومصاريف الكلية، فبحث عن عمل: "جبت 88% في معهد أزهري، ودخلت كلية العلوم، أول سنة كانت سهلة والدنيا مشيت معايا، كنت شغال عامل نظافة في شركة وكنت بزق الأيام عشان تعدي، جبت تقدير جيد، بس السنة التانية الحضور بقى كتير وأنا المسافة بيني وبين الكلية طويلة، الظروف بقت أصعب وماقدرتش أروح الكلية ووالدي ماقدرش يساعدني، المصاريف كتير وإحنا أسرة على قدها".
انتهت السنة الأولى لـ"محمود"، سافر بعدها إلى الجونة للعمل كعامل، ومع اقتراب العام الدراسي استمر في عمله، لعدم قدرته على مصاريف كليته: "ماقدرتش أروح الكلية، فضلت شغال عامل طول السنة، جيت أدخل الامتحانات ماقدرتش لأني مامتحنتش عملي، في السنة التانية قلت يمكن ربنا يفرجها، نفس اللي حصل، فضلت في الشغل عشان مش معايا مصاريفي، وفلوس الشغل بتضيع على أكلي وشربي وأهلي".
"طوب ورمل وأسمنت"، مواد البناء التى يحملها "محمود" على كتفيه وظهره صاعدا بها إلى الأدوار العليا في المبنى، في منتصف اليوم تضعف قواه، لكنه يستجمع نفسه مرة أخرى، ليستمر في عمله إلى أن يهل سكون منتصف الليل: "باشتغل شغل إضافي بعد الشغل، من 7 الصبح لـ4 العصر، وباشتغل بعدها 8 ساعات شغل إضافي، باروح 12 بالليل أنام وأصحى على الشغل، لما كورونا جات الشغل وقف، رحت اشتغلت في العاصمة الإدارية، وبعدين رجعت تاني الجونة".
شعور بالكسرة ينتاب "محمود" من وقت لآخر، يبحث عن تعليمه، دراسته، نفسه، فلا يجد إجابة، تخرج أصدقاؤه، ولا زال هو واقفاً في مكانه لا يتقدم: "ماعملتش مستقبل، حتى الكلية اللي دخلتها ماعملتش فيها حاجة، بتصعب عليا نفسي، باحس بالكسرة لما ألاقي مشرف العمل عنده دبلوم تجارة وبيزعق معايا وبيعاملني وحش، فين تعليمي، اللي يقهرني أكتر، إن زميل ليا في الكلية باعتلي رسالة بيقولي هانعمل إيه في حفلة التخرج، مفكرني لسه في دفعته، قلت له إني لسه في سنة تانية، قالي ياه لسه".
يتمنى "محمود" أن يحصل على منحة من كليته، ليستكمل دراسته في كلية العلوم: "السنة الجاية دي لو مدخلتهاش هايطلع لي استنفار وهايحذفوا ملفي من الكلية، مش عارف أعمل إيه، عاوز منحة من الكلية، أو حتى يقللوا المصاريف".
تعليقات الفيسبوك