أزهريون: مواجهة الدولة أثناء إزالة العقارات المخالفة فساد في الأرض
مباني
إجراءات عديدة اتخذتها الدولة على قدم وساق، خلال السنوات القليلة الماضية، لمواجهة مشكلة البناء المخالف في مصر، سواء على المستوى التشريعي أو المستوى التنفيذي، فيما أكد أزهريون ومؤسسات أن مواجهة الدولة أثناء إزالة العقارات المخالفة يعد فسادًا في الأرض.
الافتاء: الاستيلاء على الأرض بوضع اليد اغتصاب
دار الإفتاء المصرية، أكدت أن مقاومة الجهات المعنية بتنفيذ الأحكام الصادرة بحق الأبنية المخالفة فيه إرجافٌ واعتداءٌ وتفويتٌ للمصلحة العامة، مشيرة إلى أنه لا يُعَدُّ الموت في سبيل ذلك مِن الشهادة في شيء؛ فالشهيد هو: مَنْ قُتِل أثناء دفاعه عن بيته الذي يريد أن يُؤخَذ منه ظلمًا وعدوانًا، وليست الشهادة في إهلاك النفس جراء الوقوف في إزالة التعديات على أراضي الدولة بالبناء المخالف فيها.
جاء ذلك في فتوى أصدرتها دار الإفتاء المصرية ردًا على تدوينة لأحد أعضاء الجماعات الإرهابية التي حرض فيها على مقاومة السلطات المصرية التي تقوم بتنفيذ حملات الإزالة للمباني المخالفة.
وأوضحت دار الإفتاء في فتواها أن مَن يزعم أنَّ ما تقوم به الدولة هو اعتداء يتمثَل في تنفيذ الجهات المعنية الأحكامَ الصادرة بحق الأبنية المخالفة هو زَعم مقلوب وكَذِب وافتراء؛ لأنَّ الاعتداء حاصلٌ ومُتحقَّق فيمَن سَمَح لنفسه حيازة وإشغال أرضٍ لا يملكها، وهو يعد من قبيل الاعتداء على الحقوق الذي حَرَّمه الشرع مطلقًا، فالاستيلاء على الأرض وحيازتها عن طريق ما يُسمَّى بوضع اليد دون إذنٍ أو تصريحٍ أو ترخيصٍ؛ يُعدُّ اغتصابًا لها بغير حق، وهذا محرم، سواء كانت الأرض يمتلكها شخص بعينه، أو تمتلكها الدولة، بل يزداد الأمر جُرْمًا حال اغتصاب أرض ملك الدولة؛ لكونه اعتداء على المصلحة العامة التي لا يرعاها ويحافظ عليها إلا الدولة.
وأضافت دار الإفتاء أن ادعاء أنَّ الدولة بأجهزتها هي المعتدية بإزالة الأبنية المخالفة لا حقيقة له كما يُرَوِّج الإرهابيون، وينبني على ذلك أنَّ مقاومة تلك الجهات المعنية بتنفيذ الأحكام الصادرة بحق الأبنية المخالفة باستهداف القوة الأمنية ومعداتها؛ يعد تعديًّا صارخًا على ما خُوِّلوا شرعًا وقانونًا بعمله؛ وهو في الحقيقة فعلٌ يشتمل على إرجافٍ واعتداء.
وأشارت الفتوى إلى أن الاستدلال بحديث الصحيحين: «مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ» على صحة مقاومة جهات تنفيذ إزالة الأبنية المخالفة ولو أَدَّت المقاومة للقتل؛ هو استدلال فاسدٌ لا يستقيم؛ وذلك لأنَّ الحديث واردٌ في الصائل على المال يَدْفَعه المصول عليه فيُقْتل؛ وهذا المعنى يُوضِّحه بعض روايات الحديث الأخرى؛ والتي منها رواية الإمام أحمد والترمذي وأبي داود: "مَن أريد ماله بغير حق فقاتَل فقُتِل فهو شهيد"، فعلى ذلك، فمعنى: "مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ»، أي: مَن قُتِل وهو يدافع عن ماله الذي يريد أن يأخذه منه شخص ظلمًا وعدوانًا دون وجه حق، وليس المراد كما يُرَوِّج هؤلاء المتطرفون بأن يقف الشخص الذي شيَّد بناءً أو منزلًا مخالفًا للقانون أمام جهات تنفيذ الإزالة.
وقالت الدار: "أما الاعتداء الحاصل في مقاومة تلك الجهات؛ فيَكْمُن في أنَّ هذه المقاومة قد تصيب أفراد القوة الأمنية أو تتلف معداتها، إضافةً لموضوع الإزالة نفسه والذي فيه اعتداء بوضع اليد على ما لا يملكه الشخص، أو تصرفه فيما لا يملك بغير إذنٍ على وجهٍ يَترتَّب عليه تَعطُّل انتفاع المالك الحقيقي، والذي هو الدولة هنا".
"نصير": المساجد تبنى على أرض كريمة ليس فيها شبهة
وقالت الدكتورة آمنة نصير، عضو مجلس النواب، أستاذة الفلسفة والعقيدة بجامعة الأزهر، إنَّ البناء على الأراضي المخالفة للبناء باطل لأن ما يبنى على باطل فهو باطل، مضيفة لـ"الوطن"، أنّ استغلال البعض للأراضي المخالفة، للبناء حتى يعطوا لأنفسهم رخصة مخالفة للقانون، أمر يرفضه الاسلام، والمساجد تبنى على أرض كريمة ليس فيها أي شبهة.
فيما قال الشيخ مظهر شاهين، عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، إن اغتصاب الأرض حرام، والدولة يحق لها اتخاذ ما تراه من إجراءات لتحقيق النفع العام، فإذا كان المسجد يقطع الطريق أو احتاجت الدولة لأرضه وهدمه لتحقيق مصلحة عامة فهذا أمرُ جائز شرعاً.