دموع عم سعيد مصاب السرطان: ابني مات و2 محجوزين في مستشفيات القاهرة وقنا
عم سعيد: عيلتي كلها مصابة بالمرض الخبيث
مستشفى الدمرداش
"عويلاتي كلهم يا ولدي بنفس المرض !".. بوجه رسم خطوطه الزمن، وشعر نال منه المشيب، وبلهجة صعيدية كان يتحدث، ومن خلفه جدار يحمل لافتة تشير لمستشفى الدمردادش، الذي يضم في أروقته ابنا ثالثا أصيب بنفس المرض الذي قتل الأول، وحجز الابن الثاني في المستشفى فترات طويلة بقنا.
الفشل الكلوي هو طائر الموت الذي حام فوق بيت عم سعيد متولي" ليخطف الابن الأول، ويقعد الثاني، ويلقي بالثالث في المستشفى لينتظر ما ستسفر عنه الفحوص الطبية، وبين مصيبة الأول، والحزن على الاثنين الآخرين يلقي القادم من قنا إلى القاهرة بمفاجأة في وجه محدثه "أنا عندي ورم في الكبد !".
"امسح دموعي يا ولدي و طبطب عليا.. عايز أقول اللي جوايا سامحني صدعتك يا ولدي".. يقول عم سعيد الذي أبت الحياة أن تتركه رغم ضيق حاله، فالرجل داهم المرض جسد أبناءه الثلاثة وألزمهم الفراش في ريعان الشباب، الأكبر استسلم جسده النحيل أمام"الفشل الكلوي" ولفظ أنفاسه الأخيرة تاركًا لوالديه حسرة تخدش جدار قلبهم كل ساعة ودموع لاتجف، والباقيين يصارعون شبحا ينهش أجسادهم ببطء.
جاء عام 2012 حاملا معه تغييرا جذريا في حياة سعيد متولي، ابن محافظة قنا، لم تكن حياته من قبل يسيرة، أرزقي يمتلك كشك صغير على بعد خطوات من بيته يعول 3 ابناء وزوجته، حتى عاد ذات يوم ابنه الأكبر يشكو من ألام وإعياء شديد فجاءت نتيجة التحاليل تؤكد إصابته بالفشل الكلوي بمرحلة متأخرة،" كنا أسرة عادية و فجأة حياتنا اتقلبت ودخلنا في دوامة"، يقول الأب الخمسيني في بداية حديثه لـ"الوطن".
تحاليل وأشعة متتالية خضع لها الابن الأكبر، زادت قتامة المشهد حين اكتشف الاب إصابة ابنه الأوسط بنفس المرض،" رضيت بنصيبي وقولت الحمدلله ونزلت على مصر عشان أعالجهم" يقول الأب بلكنته الصعيدية. لم تشفع محاولات سعيد الذي يخالف اسمه واقعه المر، لإنقاذ ابنه الأكبر وكان المرض أقوى منه وفي عام 2014 لفظ ابنه "البكري" أحمد أنفاسه الأخيرة وسط ذهول الأب ورعبه الذي تملكه على نجله الأوسط.
"كانت حالته متدهورة ولازم يزرع كلى عشان ميروحش مني هو التاني" مصير صعب بات الأب الصعيدي في مواجهته لإنقاذ نجله الأوسط عزت، باع كل ما يملك وساعده أهل الخير حتى استكمل المبلغ المطلوب وأجرى عملية زراعة الكلى لنجله،" حالته زي ماهي من وقتها شاب زي الورد قاعد في البيت وعاجز عن مساعدته وبدعي ربنا يشفيهولي".
الإبن الأكبر توفي في 2014 والأوسط خضع لزراعة كلى
لم يلبث الأب أن يستفيق من كسرة ظهره على رحيل ابنه البكري ومرض الابن الأوسط حتي جاءت القشة التي قصمت ظهر البعير،"ابني التالت محمود جاله قصور في الكلى هو كمان" بصوت يملؤءه الحسرة يروي الرجل القناوي محنته مرددا كملة واحدة "حكمتك يارب".
ساعات سفر طويل من صعيد مصر إلى القاهرة جددت مواجع الأب الذي جاء مستغيثا بالأطباء في المستشفيات الحكومية، "بلف بيه بقالي أسبوعين عايز ألحقه يتعالج قبل ما ندخل في دوامة الغسيل الكلوي"، ولكن الوضع غير مستقر، نسب التحاليل ترتفع يوما بعد يوم يسابق فيها الأب عقارب الزمن، حتى تورم جسد ابنه الصغير وزادت الأعراض عليه.
يرقد الابن الأصغر حاليا بمسشتفى الدمرداش، "قالوا محتاج عناية مركزة ومش لاقي مكان فاضي"، وبحسب وصف الاب الذي يعاني هو الآخر من سرطان في الكبد، الحالة تتدهور ويخسر أبناءه واحدا تلو الآخر وكأنه يواجه شبح الفشل الكلوي مكتوف الأيدي بمفرده.