"هانا" صحفية حركت ليبيريا ضد جرائم الاغتصاب: جعلنا جورج ويا يعلن الطوارئ (حوار)
جيتيرميناه لـ"الوطن": يمارس العنف الجنسي من قبل أفراد الأسرة بكثرة
الصحفية الليبيرية هانا جيتيرميناه
شهدت ليبيريا حركة تظاهرات واسعة من قبل المواطنين رفضا للاغتصاب، ليعلن الرئيس جورج ويا حالة طوارئ وطنية، في الدولة الأفريقية التي شهدت قبل 173 عاما إعلان مستوطنة للعبيد المحررين في الولايات المتحدة الأمريكية، والذين انتقلوا إلى الساحل الغربي لأفريقيا، الاستقلال تحت اسم ليبيريا، وأقاموا أول جمهورية في القارة السمراء على غرار النظام الأمريكي.
ودعا الرئيس جورج ويا، في افتتاح مؤتمر وطني عن هذا الموضوع، إلى جعل القوانين أكثر تشددا في مواجهة ما وصفه بـ"وباء" الاغتصاب في بلاده.
قرار الرئيس الليبيري الحاصل على الكرة الذهبية في أثناء احترافه كرة القدم، لم يكن سوى تتويج لنضال الكثيرين من أبناء شعبه، من جمعيات ومنظمات مدافعة عن حقوق المرأة لاسيما بشأن قضايا الاغتصاب، وكانت في مقدمتهم جميعا، صحفية شابة تدعى هانا جيتيرميناه، التي تخرجت في كلية بيتر كواكو للصحافة عام 2016، وحصلت على دبلوم وسلسلة من الشهادات في الصحافة من مؤسسات أخرى، وفضلت أن تكتب عن القصص الإنسانية في صحيفة "ديلي أوبزرفر" وبعض وسائل الإعلام الأخرى في ليبيريا، حيث كانت من حرك الشارع عبر اجراء مقابلات مع ضحايا جرائم الاغتصاب.
الفتيات المغتصبات لم يستطعن الحصول على العدالة
حاورت "الوطن" الصحفية الليبيرية التي كان لها الفضل في نشر قصص النساء المغتصبات في بلدها وتوصيل صوتهم للعالم بأسره، ما جعل الرئيس الليبيري يتخذ حزمة من الاجراءات لمحاربة ما وصفه بـ"الوباء".
"لا تزال قضية الاغتصاب تشكل تحديا رئيسيا للنساء في جميع أنحاء ليبيريا، حيث تؤثر على الأطفال الرضع حتى عمر ستة أشهر وثلاث سنوات والبالغين، في الآونة الأخيرة ، استخدم صبي يبلغ من العمر 15 عاما شفرة حلاقة للاعتداء على طفلة تبلغ من العمر 3 سنوات ويتمكن من اغتصابها، في إحدى مقاطعاتنا المسماة جباربولو"، بحسب حديث هانا جيتيرميناه لـ"الوطن".
تؤكد هانا، أن الاغتصاب ترك العديد من الفتيات في ليبيريا يعانين من صدمات مختلفة لبقية حياتهن فقط لأنهن لم يستطعن الحصول على العدالة، حيث يمارس الكثير من العنف الجنسي من قبل أفراد الأسرة المقربين، ما يوفر مساحة أكبر للتسويات، ولذا فأنه من الصعب على الناجين الحصول على العدالة.
وأشار تقرير صادر عن الأمم المتحدة عام 2016 إلى 803 قضايا اغتصاب في العام 2015 في هذا البلد الذي يبلغ عدد سكانه نحو 4 ملايين ونصف مليون نسمة، منتقدا غياب أي عقوبات في حق الفاعلين، وهم في غالبيتهم رجال بالغون تعرفهم ضحاياهم.
تضيف الصحفية الليبيرية: "تعيش العديد من النساء في خوف دائم من تعرضهن للاغتصاب من قبل أقربائهن وأصدقائهن الذكور وحتى الغرباء، يجد العديد من البالغين الذين تعرضوا للاعتداء الجنسي في الماضي صعوبة في الإبلاغ عن حالاتهم لأن المجتمع يلومهم إما على قواعد ملابسهم أو استجوابهم أثناء تواجدهم في أماكن منعزلة مع صديقهم الشاب بدلا من الجناة لعدم احترامهم لقرارهم".
الشرطة في ليبيريا التي تبدأ القضايا عادة ما تكون متورطة بشكل كبير
وترى هانا جيتيرميناه، أن هناك عوامل رئيسية ساهمت في زيادة الاغتصاب على مر السنين بعد إعلانها جريمة دولة خلال إدارة الرئيس السابق إلين جونسون سيرليف، وعلى الرغم من أن الاغتصاب في ليبيريا يعتبر جريمة لا يمكن الإفراج عنها بكفالة، كوسيلة لفرض عقوبات قاسية على الجناة، فإن نظام العدالة الضعيف غير قادر على السماح للناجين بالحصول على العدالة اللازمة فقط لأن الشرطة التي تبدأ القضايا عادة ما تكون متورطة بشكل كبير مع حلول وسط أو حتى الجناة في بعض الحالات.
وتوضح أنه حاليا هناك جدل كبير حول تطبيق عقوبة الإعدام كرادع ضد الاغتصاب، لكن الحقيقة هنا هي أنه قد لا يساعد العملية لأنه، حتى لو تم تشريع قضية عقوبة الإعدام، فإن نظام العدالة الضعيف لن يكون قادرا على إدانة العديد من الجناة استنادا إلى عدم قدرتهم على الحصول على أدلة مفيدة لاستخدامها في محاكمة الجاني المزعوم، ولا يوجد مختبر للحمض النووي لإثبات حتى أن سيدة تعرضت للاعتداء الجنسي من قبل متهميها، ولا يوجد اعتراف بالفيديو لإثبات أنها تعرضت للإساءة.
وتؤكد أن إعلان الرئيس الليبيري الأخير بإعلان الاغتصاب حالة طوارئ وطنية لا يكفي ، ويبقى أن نرى ما إذا كان ذلك سيساعد في حل المشاكل، مشيرة إلى أن نظام العدالة يحتاج إلى القوة ويجب أن تكون المحكمة الجنائية "هـ" المسؤولة عن محاكمة الاغتصاب لامركزية لتمكين المحاكمة السريعة.
الإبلاغ عن 992 حالة اغتصاب خلال السبعة أشهر الماضية
وأوضحت وزيرة الشؤون الاجتماعية ويلياميتا بيسو سايد تار، للصحفيين، أنه في الأشهر السبعة الماضية، تم الإبلاغ عن 992 حالة اغتصاب، ومن العدد الإجمالي، أدين 22 شخصا، بينما ينتظر الباقون المحاكمة.
وعن التأهيل النفسي لضحايا الاغتصاب، قالت "لم يتم عمل الكثير للنساء اللاتي تعرضن للاعتداء الجنسي فيما يتعلق بإعادة التأهيل النفسي، ويعيش العديد من الناجين في المجتمع نفسه مع المعتدين عليهم، على الرغم من أن الحكومة من خلال وزارة النوع الاجتماعي قد قامت ببناء منزل آمن، إلا أنهم ليسوا في العديد من المجتمعات لمساعدة الناجين في إعادة التأهيل".
وسجّلت حالات الاغتصاب زيادة كبيرة خلال السنة الجارية، إذ كشفت مديرة منظمة "لايبيريان ويمن إمباورمنت نتوورك"، مارغريت تيلور، في أغسطس الفائت، أن جمعيتها أحصت 600 حالة بين يونيو وأغسطس، في مقابل ما بين 80 و100 خلال شهر مايو.
واختتمت هانا جيتيرميناه، حوارها لـ"الوطن": "أدى الاغتصاب إلى خلق مجتمع غير آمن للأطفال والنساء في العديد من المجتمعات، ما جعلهم يعيشون في خوف، لا تثق بأفراد الأسرة أو الأصدقاء، كما تسبب في حدوث حمل غير مرغوب فيه ووصم ورفض وفي حالات قليلة انتحار أو عدم جدوى".