مع اقتراب الموجة الثانية.. الإفتاء: موتى كورونا شهداء عند الله
التشديد على اتباع الإجراءات الاحترازية
تحذيرات من الموجة الثانية لفيروس كورونا
وجهت دار الإفتاء المصرية، الشعب المصري بضرورة الالتزام بالإجراءات الوقائية مع اقتراب الموجة الثانية لفيروس كورونا.
ومن جانبه أكد الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية، أن فيروس كورونا ينتقل للإنسان عند المخالطة اللصيقة بالمصاب بهذا المرض، كما أفادته منظمة الصحة العالمية على موقعها الرسمي، والأعراض الأكثر شيوعًا للفيروس هي: الحمى، والسعال، وضيق التنفس، معتبرًا موتى كورونا من الشهداء.
وقال "علام" في فتوى له تم نشرها عبر موقع الدار الرسمي: تقرر أن الشهداء على ثلاثة أقسام، الأول شهيد الدنيا والآخرة الذي يقتل في قتال الحربيين أو البغاة أو قطاع الطريق، وهو المقصود من قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله» متفق عليه من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، وتسمى هذه الشهادة: بالشهادة الحقيقية.
والثاني، شهيد الدنيا وهو من قتل كذلك ولكنه غل في الغنيمة، أو قتل مدبرًا، أو قاتل رياء، ونحو ذلك، فهو شهيد في الظاهر وفي أحكام الدنيا، والثالث شهيد الآخرة وهو من له مرتبة الشهادة وأجر الشهيد في الآخرة، لكنه لا تجري عليه أحكام شهيد الجهاد في الدنيا من تغسيله والصلاة عليه، وذلك كالميت بداء البطن، أو بالطاعون، أو بالغرق، ونحو ذلك، وهذه تسمى بالشهادة الحكمية.
ووسعت الشريعة الغراء هذا النوع الثالث، فعددت أسباب الشهادة ونوعتها، تفضلا من الله تعالى على الأمة المحمدية، وتسلية للمؤمنين، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «ما تعدون الشهيد فيكم؟» قالوا: يا رسول الله، من قتل في سبيل الله فهو شهيد، قال: «إن شهداء أمتي إذا لقليل»، قالوا: فمن هم يا رسول الله؟ قال: «من قتل في سبيل الله فهو شهيد، ومن مات في سبيل الله فهو شهيد، ومن مات في الطاعون فهو شهيد، ومن مات في البطن فهو شهيد» قال ابن مقسم: أشهد على أبيك في هذا الحديث إنه قال: «والغريق شهيد» رواه مسلم في "صحيحه".
ورواه الإمام البخاري في "صحيحه" من طريق أخرى عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعًا إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، بلفظ: «الشهداء خمسة: المطعون، والمبطون، والغريق، وصاحب الهدم، والشهيد في سبيل الله».
ورواه الطبراني في معجميه "الكبير" و"الأوسط" من حديث سلمان الفارسي رضي الله عنه مرفوعا، وزاد فيه: «والسل شهادة».
وعن جابر بن عتيك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «الشهادة سبع سوى القتل في سبيل الله: المطعون شهيد، والغرق شهيد، وصاحب ذات الجنب شهيد، والمبطون شهيد، وصاحب الحريق شهيد، والذي يموت تحت الهدم شهيد، والمرأة تموت بجمع شهيد» رواه أبو داود وغيره.
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم «الحمى شهادة» أخرجه الديلمي في "مسند الفردوس"، وصححه الحافظ السيوطي في "الجامع الصغير".
وأضاف المفتي: هذه الأسباب المتعددة وغيرها قد تفضل الله تعالى على من مات بها صابرًا محتسبًا بأجر الشهيد، لما فيها من الشدة وكثرة الألم والمعاناة، متابعًا، "الموت بسبب فيروس كورونا داخل في أسباب الشهادة من جهات متعددة".
الأولى: تفاقم أمره واستفحال شره وشدة ألمه، والتي جعلها العلماء علة أجر الشهادة في الخصال المنصوص عليها، كما سبق.
والثانية: أن مرض الكورونا داخل في المعنى اللغوي العام لبعض الأمراض المنصوص عليها في أسباب الشهادة؛ كالمبطون، وهو عند جماعة من المحققين: هو الذي يشتكي بطنه مطلقًا، كما قال الإمام النووي في "شرح مسلم" (13/ 63)، وهذا متحقق في أعراض كثير من الحالات المصابة بفيروس كورونا، مثل: الإسهال، والغثيان، والتقيؤ، وآلام البطن، كما سبق بيانه.
والثالثة: أن هناك أمراضًا جعلها الشرع سببًا في الشهادة إذا مات بها الإنسان، "كالحمى، والسل"، وهذا المرض شامل لأعراضهما وزائد عليهما بأعراض أخرى ومضاعفات أشد.
والرابعة: أن أحاديث الشهادة إنما نصت على الأمراض التي كانت معروفة على عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ولم تأت لتخصيصها بثواب الشهادة بذاتها، بقدر ما جاءت منبهة على ما في معناها من الأمراض التي قد تحدث في الناس جيلا بعد جيل، وهذا المرض لم يكن معروفًا بخصوصه وقتها، لكنه مشارك في الأعراض لبعض الأمراض المسببة للشهادة، كذات الجنب، فإنها: ورم حار في نواحي الصدر، ومن أعراضه: حمى حارة، والسعال، وضيق النفس، والوجع الناخس، كما يقول العلامة الدهلوي في "لمعات التنقيح في شرح مشكاة المصابيح" (4/ 41، ط. دار النوادر)، وهي نفس الأعراض الأكثر شيوعًا لفيروس كورونا كما سبق.
والخامسة: أن الموت بسبب فيروس كورونا يدخل تحت اسم الطاعون، فإن معنى الطاعون عند كثير من المحققين وأهل اللغة: المرض والوباء العام.
تابع "علام": الموت بسبب فيروس كورونا يدخل تحت أسباب الشهادة الواردة في الشرع الشريف، بناء على أن هذه الأسباب يجمعها معنى الألم لتحقق الموت بسبب خارجي، فليست هذه الأسباب مسوقة على سبيل الحصر، بل هي منبهة على ما في معناها مما قد يطرأ على الناس من أمراض، وبناء على أن هذا المرض داخل في عموم المعنى اللغوي لبعض الأمراض، ومشارك لبعضها في بعض الأعراض، وشامل لبعضها الآخر مع مزيد خطورة وشدة ضرر، وهو أيضًا معدود من الأوبئة التي يحكم بالشهادة على من مات من المسلمين بسببها.
واختتم مفتي الجمهورية: "من مات بسببه فهو شهيد، له أجر الشهادة في الآخرة، رحمة من الله تعالى به، غير أنه تجري عليه أحكام الميت العادي، من تغسيل، وتكفين، وصلاة عليه، ودفن، والله سبحانه وتعالى أعلم".