"فصول دراسية خضراء".. مبادرة مصرية لحل مشكلة تكدس الطلاب بالمدارس
«فصول الأسطح».. مبادرة مصرية تجذب اهتمام «البنك الدولي» لحل مشكلة كثافة العدد
تعاني المدارس الحكومية في مصر، وتحديداً في المناطق ذات الكثافة السكانية العالية، من اكتظاظ الفصول الدراسية، وقد صممت بعض هذه الفصول في الأساس لاستيعاب 25 - 30 طالبا لكن الأمر انتهى بها وقد ازدحمت بأعداد تصل إلى 120 طالبا، علما بأن العديد من المدارس تعمل بنظام التناوب، نوبتين صباحية ومسائية، يقول محمد أشرف عبد الصمد، صاحب مؤسسة "شجرة".
وفي شرحه للمبادرة التي تبناها "البنك الدولي" يقول "عبد الصمد" في مقال له على موقع "البنك": يواجه العالم مشاكل بيئية خطيرة تتطلب عملا جماعيا عالميا.
وقد أسهمت هذه المشكلات، علاوة على بعض تبعات الثورة الصناعية الرابعة، في تعميق التفاوتات وإضعاف التماسك الاجتماعي. ووسط كل هذا، يمارس المجتمع المدني ضغوطا مستمرة لاتخاذ إجراءات لمعالجة تلك المشكلات. ومن هنا، قررت "شجرة"، وهي استوديو يراعي البيئة وهو متعدد التخصصات، أن تأخذ زمام المبادرة وتدمج القيم المشتركة في استراتيجيتها فتوصلت إلى مشروع يعمل على قضيتين رئيسيتين، وهما تغير المناخ وتكدس الفصول الدراسية بما يعوق جودة التعليم في مصر.
يشير "عبد الصمد" إلى أن هذا العدد الضخم من الطلاب داخل الفصل الواحد يحول دون تعلمهم واكتسابهم مهارات إبداعية، ومع تزايد الطلاب داخل الفصول، تتزايد الضوضاء والرطوبة، علاوة على ذلك، فإن البيئة المزدحمة داخل الفصول قد تزيد من العدوانية والإحساس بالتوتر، ولا تقتصر هذه المشاكل على الطلاب فقط، إذ يجد المعلمون صعوبة كبيرة في التدريس في مثل هذه الظروف ويشكون من استنزاف طاقتهم، كما أنهم غير قادرين على تكريس الاهتمام المطلوب لكل طالب لضمان حصوله على القدر الملائم من التعلم وتشجيعه على التفكير النقدي والإبداعي.
ومشكلة تكدس الفصول الدراسية هي مشكلة تعود إلى عقود مضت. وهنا المشكلة ليست في مجرد عدم وجود ميزانية لبناء مدارس جديدة وانما قد تعود إلى عدم توافر أراض في المجتمعات المحلية المتأثرة لبناء فصول دراسية إضافية، بحسب "عبد الصمد"، الذي يؤمن بأنه مع اتباع أساليب مبتكرة واستغلال الأصول الموجودة بالفعل، سيتوفر للعديد من المدارس مساحات كبيرة نسبياً، وهذه الأصول المهملة هي الأسطح.
يرى صاحب مؤسسة "شجرة" أنه مع بعض التعديلات، يمكن تحويل الأسطح إلى "فصول دراسية خضراء"، ويمكن عقد الحصص الدراسية داخل هياكل تشبه "العريشة" (برجولا) مع استغلال الألواح الشمسية كسقيفة تحمي من أشعة الشمس، ولتحسين هذه التجربة، يمكن أيضا زرع نباتات لإدخال عناصر عضوية إضافية في التصميم، كما أنها ضرورية لتحسين الطقس في تلك البيئة. وأخيراً، ولاعتبارات السلامة، يمكن تعلية أسوار الأسطح بارتفاع يتراوح من 1.2 إلى 1.5 متر.
وعلى عكس أنشطة المسؤولية الاجتماعية للشركات، تحاول مبادرة "الفصول الدراسية الخضراء على الأسطح" إعداد نموذج عمل يخلق قيم مشتركة يكون أكثر جذبا للقطاع الخاص، وقد أسهمت شركة الأثاث السويدية، أيكيا، في هذه المبادرة بالمشاركة مع مؤسسة شجرة في تصميم فصل دراسي أخضر على السطح، وكذلك بأعمال النجارة وبالأثاث الذي يتحمّل وضعه في الهواء الطلق، كما تم بناء البرجولا بأخشاب مُعاد استخدامها من الشركة.
وفي 2019، تم بناء أول فصل دراسي من فصول الأسطح الخضراء بمساعدة السفارة السويدية في القاهرة ومؤسسات الأعمال السويدية وبخاصة شركتي أوريفليم وأيكيا، كما حصلت مؤسسة شجرة على دعم وزارة التعليم المصرية من خلال العمل مع الهيئة العامة للمباني التعليمية على الأكواد وإجراءات السلامة المطلوبة لتنفيذ المشروع.
يمضي "عبد الصمد" موضحاً مزايا التجربة: "للفصول الدراسية الخضراء على الأسطح القدرة على تحسين البيئة التعليمية من خلال الحد من تكدس الفصول الدراسية التقليدية. فزيادة مساحات الفصول الدراسية يعني مساحة أكبر للطلاب، وتخفيف الضغوط الحالية، والحد من الكثافة العالية للطلاب وما يرتبط بها من مشاكل. علاوة على ذلك، تظهر الأبحاث أن التواجد في الهواء الطلق يمكن أن يعزز بشكل كبير من تعلم الطلاب، واكتسابهم المهارات الإبداعية والقدرة على التفكير النقدي، خاصة مع تعزيز الأسطح بغطاء نباتي وغيره من العناصر البيولوجية.
- ويمكن لكل ذلك أن يخفف من التوترات والسلوك العدواني. هذه الفوائد ليست فقط مقصورة على الطلاب، بل تمتد إلى المعلمين أيضا".
وانضمت وزارة البيئة المصرية إلى المبادرة بتوفير الغطاء النباتي. ويستخدم المشروع نباتات عصارية، وهي نباتات ذات بصمة مائية منخفضة بما يجعلها أكثر ملاءمة للبيئات الجافة.
ويمكن للأسطح الخضراء أن تعوض عن انبعاثات الكربون وتلوث الهواء، وتقلل من تأثير الجزر الحرارية، وتحسن الطقس حولها، إلى جانب توفير موئل طبيعي للحياة البرية.
علاوة على ذلك، فإذا أضيفت ألواح الطاقة الشمسية، يمكن أيضا توفير الكهرباء النظيفة وزيادة وعي الطلاب بالمسائل البيئية، يقول "عبد الصمد" مؤكداً أن مشروع "الفصول الدراسية الخضراء على الأسطح" هو أيضاً مثال جيد على كيفية معالجة القطاع الخاص التحديات المجتمعية والاقتصادية وتبني نهج أصحاب المصلحة في إنجاز الأعمال.
ومع عودة الطلاب إلى مدارسهم وسط جائحة فيروس كورونا، فإن هذا النشاط التدخلي يعد أكثر أهمية.