النقد الدولي: مصر عادت لمعدلات النمو الطبيعية رغم كورونا
الأزمة أثرت سلبا على الاقتصاد العالمي
د.محمود محيى الدين
أكد الدكتور محمود محيى الدين، المدير التنفيذي لصندوق النقد الدولي، أهمية عدم الاعتماد على مؤشر أو مؤشرين للاستدلال بهما على مدى التقدم والتحسن أو التراجع للأداء الاقتصادى عامة، موضحًا أن الاعتماد يكون على مجمل المؤشرات الحيوية، والتركيز على الهدف بمؤشرات متعددة لقياس الأداء.
وأشار "محيى الدين"، خلال كلمته بالندوة التي نظمتها جامعة عين شمس حول «أثر كوفيد 19 على الاقتصاد المصرى والدولي.. الفرص والتحديات»، بحضور الدكتور محمود المتيني رئيس الجامعة وعدد من الأساتذة، إلى أن «كوفيد 19» ليس فقط وباء، ولكنه معطل لحركة الاقتصاد والحياة بصورة عامة، مشيرًا إلى أن النمو الاقتصادى العالمى فقد 5% مقارنة بالعام الماضى.
وأضاف المدير التنفيذي لصندوق النقد الدولي، أن أزمة كورونا أثرت سلبًا على الاقتصاد العالمي الذي يمر حاليًا بحالة انكماش، مع توقعات بالتعافي في العام القادم، إضافة إلى تراجع تحويلات العاملين بالخارج والاستثمارات المالية المباشرة عالميًا بنسبة 40%، وكذلك تأرجح التجارة العالمية بين الدول، والتي تراجعت بنسبة من 13 إلى30%.
وشدد على أن الأزمة أدت إلى زيادة نسبة الفقر عالميًا، حيث زاد عدد الفقراء في العالم لأول مرة منذ عام 1998 إلى ما يقرب من 250 مليون مواطن حول العالم، نتيجة لتأثير شدة الجوع، إضافة إلى فقدان من 495 إلى 510 ملايين فرصة عمل، تزامنًا مع الموجة العالمية الرابعة للديون، سواء بالنسبة للقطاع الخاص أو الحكومي، التي أدت إلى زيادات ضخمة تجاوزت 331% من الدخل العالمي.
وقارن «محيى الدين» بين معدلات النمو في مصر ودولتي فيتنام وكمبوديا، لوجود تشابه بين الدول الثلاث، خاصة مع هذا الصعود الجامح القادم من آسيا، مشيرًا إلى أن عدد سكان فيتنام يقارب عدد سكان مصر.
وأوضح أن الإصلاحات الاقتصادية فى فيتنام بدأت منذ عام 1986 دون انقطاع، وكمبوديا بدأت فى الإصلاح عام 1995 بمعدل نمو 7% لكلتيهما، أما في مصر فقد كان معدل النمو أكبر من فيتنام وكمبوديا، لافتًا إلى أنه حدث تراجع لفترات، ولكن النمو عاد إلى مصر مجددًا آخر ثلاث سنوات دون انقطاع، وخاصة بعد عام 2016، مشددًا على أهمية مواصلة النمو الاقتصادي دون انقطاع ومدى تأثيره الإيجابي على الاقتصاد المصري.
وتابع أن إجمالى صادرات مصر يبلغ 35 مليار دولار نصفها في البترول والغاز، مطالبًا بحدوث نقلة نوعية لكي تصل صادراتنا إلى التحدى الخاص بالـ100 مليار دولار، مضيفًا أنه رقم طموح جدًا، يتطلب ضرب قيمة الفرد من الصادرات في ثلاثة أضعاف، قائلاً: «بالنظر إلى هيكل الصادرات، سنجد أن قطاع الزراعة بدأ في التحسن نسبيًا، وأن هناك بعض التغير فى قطاع السلع المصنّعة»، ولا بد من معرفة معوقات التصدير للعمل على حلها، خاصة أن العالم يتجه نحو الشرق.
أما عن الاستثمار الأجنبى المباشر في مصر، أوضح «محيى الدين» أنه كان في أحسن حالاته فى الفترة من 2008 إلى 2005، ثم تراجع عام 2013، قبل أن يعاود الصعود مرة أخرى فى الأربع سنوات الماضية، كذلك ادخار الدولة والأفراد للتمويل بما يقلل الاستدانة من الخارج.
ووضع «محيى الدين» روشتة للاقتصاد القومى كي يصل لأهداف التنمية المستدامة وتحسين الوضع الاقتصادى والوصول للتحدي الخاص بالـ100 مليار دولار صادرات لمصر، فى 4 مستويات، وهي: «مستوى عالمي، وإقليمي، وقومي، ومحلي، واستخدام المزايا الموجودة بالنظام "المركزية واللامركزية" باستخدام التكنولوجيا والمتابعة المستمرة فيما يُعرف الآن بتوطين التنمية.
وأضاف أنه من أجل حدوث التطوير لا بد من الاستثمار في التنمية المستدامة والبنية الأساسية، بالاستثمار في التعليم والنظام الصحي والرعاية الصحية الشاملة، وتطوير المهارات، والابتكار للبنية الأساسية، التي تشمل التحكم في نظم المعلومات والبيانات، وأن تكون الدولة لديها منصاتها وشبكتها المعلوماتية والقدرة على إدارتها وكذلك القدرة على الاستثمار في الذكاء الاصطناعي، مؤكدًا أن هذا يُعد من المستحيل حدوثه في ظل وجود بنية أساسية ضعيفة.
وأكد المدير التنفيذى للبنك الدولي أن هناك ما يبعث على التفاؤل، وهو أن القيادة السياسية في مصر مهتمة بتحسين البنية الأساسية بالفترة الماضية من خلال الطرق والمباني، والكهرباء والطاقة وخطوط الغاز الطبيعي، ما يمكن من حدوث انطلاقة النمو، خاصة إذا ارتبط بعملية توطين التنمية عملية التصنيع في المحافظات، وأن يكون هذا التصنيع ذا توجه تصديري، حتى لو تم البيع داخل السوق المحلية، خاصة أن السوق المصرية ضخمة، مشيدًا بدور مصر في مجال التضامن الاجتماعى بأشكاله المختلفة.
وفي ختام حديثه قدّم «محيى الدين» ملخصاً للخروج من الأزمة التى يعاصرها العالم حاليًا تتلخص في ضرورة الموازنة بين أن نحمي حياتنا وأن نحافظ على مستوى المعيشة، ويجب الخروج من الركود حتى لا يتحول إلى كساد، وعدم حدوث أزمة دين عالمياً، والتعاون في مجال التحول الرقمى والرقمنة.
وأكد أن الدور الجديد للدول يتجاوز دور الرقيب، أما على الصعيد المحلى فقد وجّه بضرورة البناء على ما حققناه فى تجربتنا مع الموجة الأولى لفيروس «كوفيد 19»، وضرورة التعجيل بزيادة الاستثمار بما لا يقل عن ٣٥% من الدخل القومى أو الناتج المحلى الإجمالى لتحقيق هدف الـ100 مليار دولار صادرات، بما يتطلب إحداث نقلة نوعية لجذب الاستثمار المباشر ليلامس 10% من الناتج القومي.