غول الزيادة السكانية يلتهم جهود التنمية.. واقتصاديون: لا بد من وقفة
الزيادة السكانية
ساهمت معدلات الزيادة السكانية بشكل كبير في تقويض جهود التنمية التي تقوم بها الدولة خلال الفترة الماضية، وعلى الرغم من تحقيق الاقتصاد المصري معدلات نمو جيدة خلال فترة ما قبل كورونا، وعلى الرغم من كونه الاقتصاد الوحيد الذي سيحقق معدلات نمو إيجابية في منطقة الشرق الأوسط في ظل الجائحة، إلا أن تحذيرات الخبراء الاقتصاديين أكدت أن هذه المعدلات وتلك الجهود تواجه "غول الزيادة السكانية" وتسهم في عدم انعكاس ثمار النمو على كافة الطبقات الاجتماعية.
وقال بلال شعيب الخبير الاقتصادى، إن الزيادة السكانية مشكلة يجب وضع خطط استراتيجية لحلها، مؤكدا على صعوبة استمرار هذا الموضع كما هو عليه الآن.
وأضاف شعيب في تصريحات لـ"الوطن"، أنه يجب على الدولة تبنى استراتيجية للتوعية بمخاطر الزيادة السكانية، موضحا أن أبرز المشاكل الناتجة عن الاستمرار فى الزيادة السكانية هو الضغط على الموارد خصوصا الأراضى الزراعية، والتى تعتبر مصدرا للغذاء موضحا أن المساحة المنزرعة فى عام 1970 كانت حوالى 5.7 مليون فدان، بلغت هذه المساحة فى عام 2017 حوالى 9 ملايين فدان، فى المقابل ارتفع عدد السكان من 24 مليونا فى عام 1955 إلى 100 مليون حاليا.
وأشار شعيب إلى أن الزيادة السكانية تتسبب فى مزيد من عجز الموازنة وانتشار البطالة والتضخم وانخفاض معدل النمو الاقتصادى، وارتفاع معدل الجريمة، موضحا أنه لا يمكن لأى دولة أن تنمو فى ظل الزيادة الرهيبة فى عدد السكان، وأن هناك قاعدة اقتصادية تقول: "يجب أن يكون معدل نمو الاقتصاد ضعف معدل النمو السكانى"، وهذا ما لا يحدث فى مصر.
وأوضح شعيب أن عدد السكان فى شهر يوليو 2019 كان 99 مليونا، وبعد مرور حوالى 205 أيام بلغ عدد السكان 100 مليون مواطن، أي في هذه الفترة حوالى مليون مواطن، بمعدل 4870 مولد فى اليوم الواحد، و204 أطفال فى الساعة، و3 أطفال في الدقيقة الواحدة.
وأوضح أن المواطن المصري دائما يتطلع إلى الحصول على خدمات مثل الدول المتقدمة، وبالطبع هذا من حقه، لكننا نواجه مشكلة الزيادة السكانية التى تتسبب فى عدم القدرة على تقديم الخدمات بشكل جيد، ولو نظرنا إلى دولة مثل إيطاليا سنجد عدد سكانها فى عام 1955 بلغ 48 مليون ودولة أخرى مثل إنجلترا سنجد عدد سكانها 50 مليونا، أما مصر فكان عدد سكانها فى نفس الفترة 24 مليون مواطن، أما اليوم وبعد مرور حوالى 65 سنة سنجد أننا وصلنا إلى أكثر من 100 مليون نسمة مقابل 60 مليونا في إيطاليا 66 مليونا في إنجلترا.
وأشار إلى أن الزيادة الساكنية ليست هى المشكلة الوحيدة التى تواجهنا، وإنما هناك مشكلة أكبر وهى تمركز السكان فى ثلاث محافظات فقط وهى القاهرة بحوال 10 ملايين مواطن والجيزة بحوالى مليون مواطن والشرقية بحولى 7 ملايين مواطن فى المقابل ستجد محافظات أخرى مثل الوادى الجديد لا يتعدى عدد سكانها الـ500 ألف نسمة وتمثل 40% من مساحة مصر الكلية.
وأشار إلى أن أسباب الزيادة السكانية تتمثل فى عادات اجتماعية ترى أن الأطفال عزوة، وأسباب اقتصادية تعتمد على أن الأطفال ستكون مصدر دخل لأسرهم بعد عدة سنوات، وآخر دينى يرى أن تنظيم النسل حرام شرعا.
من جانبه قال الدكتور فخري الفقي مستشار صندوق النقد الدولي الأسبق، أن الزيادة السكانية خطر كبير يهدد مستقبل النمو الاقتصادى فى البلاد، مشيرا إلى أن مصر تسعى بشكل جاد إلى ستغلال النمو السكاني وتحويله إلى نعمة وليس نقمة، خاصة وأن النمو السكاني يلتهم أي نمو اقتصادي.
وأضاف الفقى فى تصريحات لـ"الوطن"، أن مصر تقوم حاليا باستغلال النمو السكاني في إعادة إعمار مصر، خاصة وأن هناك أكثر 93% من مساحة مصر غير مستغلة، مشيرا إلى أن الدولة اتجهت حاليا لإنشاء مدن جديدة ستصل إلى 20 مدينة، وذلك لتوفير مساكن للشباب والأجيال القادمة، حيث تستهدف الدولة استغلال نحو 5% خلال من مساحة مصر غير المؤهولة بالسكان خلال الـ10 سنوات المقبلة.
وأكد أن دعم الدولة للقطاع الخاص أصبح قويا وملحوظا، خاصة في ظل اعتماد القطاع الخاص على ملايين الشباب في تشغيل المصانع والقيام بالوظائف المختلة، موضحا أن البنك المركزي أصدر عددا من المبادرات المهمة في الفترة الأخيرة لدعم القطاع الخاص والحفاظ على كافة العاملين بهذا القطاع.
واشار إلى أن الدولة تتبنى استراتيجية واضحة ومهمة لتطوير التعليم من بداية رياض الأطفال وحتى التعليم الجامعي بهدف تأهيل الخرجين بشكل كبير وقوي لسوق العمل، وتغطيلة متطلباته بشباب متعلم قادر على المنافسة، مؤكدا أن المنافسة في سوق العمل تتطلب شبابا مؤهلا جيدا لهذه الوظائف.
وفي تصريحات سابقة أكد الدكتور مصطفى مدبولي أن الزيادة السكانية تمثل التحدي الأكبر أمام الدولة، وعقبة أمام بناء دولة قوية، وأكد مدبولي أن معدلات الزيادة السكانية تعوق مسار التنمية، وهو الأمر الذي يتطلب تضافر كافة الجهود لتحقيق نجاح حقيقي في هذا الملف، باعتباره مسؤولية مجتمعية متكاملة.