أبو "بسام": ابني مريض من يوم ما اتولد.. ومعاشي 400 جنيه مبيكفوش حاجة
محمود متولي ونجله بسام
في ساعة متأخرة من مساء 12 فبراير 2004، استيقظ محمود متولي، العامل باليومية، على صراخ زوجته وهي تستغيث به لنقلها لأقرب مستشفى لتلد ابنهما، حيث سارع الزوج لإحضار تكاليف الولادة التي ادّخرها على مدار أشهر، وسط سعادة كبيرة للأسرة.
لحظات فارقة في حياة الأسرة البسيطة، ظنّا بعدها أنّ الأمور ستكون مستقرة، لكن القدر أخفى في جعبته شيء آخر للأسرة الصغيرة، إذ أخبر الطبيب، الأب، أنّ "بسام" نجله المولود حديثا، مصاب بأنيميا البحر المتوسط، وبحاجة للدخول إلى غرفة الرعاية المركزة، التي بقي فيها عدة أشهر، قبل أن يقرر الأطباء أن يخرج ويعيش حياته بصحبة جهاز يحمله في بطنه، ملحقا به حقن مليئة بالدماء، فضلا عن متابعة دورية في معهد السكر للحصول على الأنسولين، ومستشفى أبو الريش للأطفال بسب مضاعفات أخرى.
نحو 3 أعوام عاشتها الأم وهي تحمل مع زوجها معاناة نجلهما، قبل أن تتوفى، لتبدأ الأسرة الصغيرة رحلة جديدة من المعاناة، مع تدهور كبير في حالة الطفل، ما اضطر مع الأب لأن يكون الأم والأب والطبيب لنجله.
يقول الأب لـ"الوطن": "أعمل في سنّ السكاكين، وأضطر لحمل ماكينة السن على ظهري، أطوف بها شوارع القرية سعيا وراء الرزق الحلال، فمعاشي البالغ 447 جنيها لا يكفي شيئا، ثم أعود مسرعًا قبل أن يستيقظ نجلي (بسام) أحضر له الطعام وأنظف الأطباق والمنزل وأغسل ملابسه".
يوضح متولي، الذي يعيش في قرية كرم فيل بمركز القناطر الخيرية بالقليوبية: "لم تكن هذه فقط المعاناة، لكني مضطر أنا أذهب مرتين كل 15 يومًا إلى معهد المصل واللقاح بالقاهرة، لإمداد نجلي بالدماء بشكل مستمر، ويوم آخر للكشف في معهد السكر لشراء الأنسولين، ويوم ثالث للمتابعة شهريًا بمستشفى أبو الريش، أصبحت حياتي محطات بين المستشفيات".
يستكمل الرجل حديثه قائلا: "الحمد لله، التحق نجلي الأكبر بالقوات المسلحة لتأدية الخدمة العسكرية، وزادت الضغوط، فلم يعد لدي ما يساعدني في الإنفاق على الأسرة أو متابعة نجلي المريض أثناء عملي، لكنه ينهي حاليا إجراءات خروجه من القوات المسلحة لمساعدتي بعد الحصول على الموافقات اللازمة".
يختتم الأب: "أصبحت حياتي محطات بين المستشفيات، لكن خوفي الأكبر أن يصاب نجلي بكورونا فتكتب نهايته، فأنا لن أستطيع تحمل فراقه بعد فراق والدته".