نجل ميلاد حنا: "الأعمدة السبعة" مرجع لفهم الشخصية المصرية (حوار)
هاني ميلاد حنا
تحل اليوم 26 نوفمبر، ذكرى رحيل السياسي الكبير ميلاد حنا (1924- 2012)، صاحب الكتاب الشهير "الأعمدة السبعة للشخصية المصرية"، الذي يتناول الفهم الأعمق لبناء الشخصية المصرية، وتتبع تراكماتها الحضارية.
وتحتفى "الوطن" بالدكتور ميلاد حنا، بحوار أجرته مع نجله المهندس هاني، الذي تحدث عن أبرز محطات الكاتب الراحل، وعلاقته بالأنظمة السياسية، وبرؤيته للشخصية المصرية، وأبرز التكريمات التى حصل عليها من داخل وخارج مصر، وإلى نص الحوار..
ما أبرز المحطات في حياة الدكتور ميلاد حنا؟
الإنجاز سمة بارزة في حياته، وهناك الكثير من الأحداث التي تعتبر تحديات، خاصة أنّ هناك أحداثا كثيرة كانت تحيط بحياته، وعلى المستوى الشخصي فمن أبرز محطات حياته أن يذهب في بعثة إلى أوروبا وهو في سن صغيرة، في الأربعينات، وحصل على الدكتوراه في الهندسة من جامعة "سانت أندرو" في اسكتلندا عام 1950، وعاد إلى مصر والتدريس في جامعة القاهرة (وقتها كان اسمها جامعة فؤاد الأول).
والعمل السياسي؟
كان أحد مؤسسي حزب التجمع في السبعينات، لكنه ترك الحزب بسبب الصراعات الداخلية.
كيف كانت علاقته بنظام السادات؟
اصطدم بنظام السادات أكثر من مرة، منها اعتراضه على سياسة تعمير مدن القناة، والتي كان يرى وقتها أنّها باهظة التكاليف، وتستنزف ميزانية كبيرة، وكان اعتراضه أيضا على أسلوب الإنشاء الذي تسبب في سطوة المقاولين القريبين من السلطة وقتها.
ما كواليس دخوله السجن في 81؟
المحطة الأبرز في حياة ميلاد حنا كانت صدامه مع السادات شخصيا، في احتجاجه على مقولة السادات "أنا رئيس مسلم لدولة مسلمة"، فاحتج ميلاد حنا في الصحف والاجتماعات الشعبيةـ وأصدر كتاب "نعم أقباط ولكن مصريون"، وكانت هذه محطة كبيرة اصطدم فيها برئاسة الدولة مباشرة في أمر وطني يمس الأمن القومي، وهذا الكتاب تسبب في اعتقالات 1981، مع المجموعة السياسية التي سميت بالتوازنات الطائفية في مصر.
كيف أثرت عليه فترة سجنه؟
ألف كتابا بعنوان "ذكريات سبتمبرية"، وبعدها كتاب "ساسة ورهبان وراء القضبان"، واللذان اهتما بقضية الوحدة الوطنية والطائفية في مصر، وكان هذا الملف من القضايا المهمة التي أثرت في حياة ميلاد حنا، وشكلت شخصيته في هذه الفترة.
هل كان مولد كتاب "الأعمدة السبعة" أثناء فترة سجنه؟
قبل دخوله السجن بدأ في التساؤل: ما هي الشخصية المصرية؟، وكيف تكونت وما هي عناصرها؟، واختمرت الفكرة في السجن، خلال عقوبة تعرض لها، وهي العزل في حبس انفرادي اسمه سجن "التجربة" لمدة 3 أيام، لاحتجاجه على إدارة السجن في التعامل مع السجناء السياسيين، وفي هذه الفترة حدث له اختلاء مع النفس، ولأن شخصيته إيجابية انشغل بالتفكير في موضوع التساؤلات، التي تبلورت بعدها في كتاب "الأعمدة السبعة للشخصية المصرية".
وماذا عن علاقته بنظام مبارك؟
أبرز المحطات كان خروجه من السجن بعد رحيل السادات، وبداية تولي مبارك الحكم، وخروجهم من السجن إلى رئاسة الجمهورية مباشرة في سيارة الترحيلات، وهي محطة فيها انفعالات إنسانية مركبة، إذ عاد إلى موقعه كأستاذ في الجامعة، وكان يعتز بدوره في التدريس الجامعة، وبدأت مغازلة إدارة الحكم له في التعاون كوجه مقبول، ومحاولة الاستفادة من خبراته في سياسات الإسكان، واندمج وقتها في مجلس الشعب.
حدثنا عن التجربة؟
قدم وشارك في إعداد مجموعة من مشاريع القوانين القيمة، والتي أخذ بعضها وصيغ وصدر، بينما تم الالتفاف حول البعض الآخر، ومنها مشاريع خاصة بالعدالة في توزيع وحدات الإسكان التي تبنيها الدولة، كجزء من حل مشكلة الإسكان للطبقات الفقيرة، واستمر في المجلس خلال الفترة من (1986- 1989)، ثم استقال.
التكريمات والجوائز التي حصل عليها؟
محطات كانت تعتبر مثل الثمار، أو مكافآت متأخرة، جاءت من ملك السويد، وكانت بدرجة "كوماندوز" أي قائد، ولها بروتوكول، وسلّمه الوسام السفير السويدي بالقاهرة، وهو نوع من الاعتراف الأوروبي لجهوده المتراكمة في موضوعات مختلفة، والسويد تتسم بأنّها أكثر دولة محايدة منها على مستوى العالم، وحصل بعدها على تكريم عظيم من "يونسكو"، وهي "جائزة سيمون بوليفار" 1998 عن مجمل تاريخه في مجال الإسكان والسلام الاجتماعي، والعمل الأهلي، نال ميلاد حنا بعدهما جائزة الدولة التقديرية في العلوم الاجتماعية عام 1999.
كيف ترى كتاب "الأعمدة السبعة"؟
الكتاب يدعو لقبول الآخر، ويقدم رؤية معمقة لفهم الشخصية المصرية، أبعد من الأديان، لأن الشعوب ذات الحضارات والتي لها جذور أعمق تساعدها على تجاوز أزماتها، الكتاب صدر منذ أكثر من 30 سنة وما زال القارئ يتعامل معه كمرجع لفهم الشخصية المصرية، والكتاب ترجم لكثر من اللغات منها الإنجليزية والفرنسية والإسبانية وغيرها.