إنقاذ معابد النوبة.. معجزة السد التي تحولت لحقيقة بفكرة نوبية فريدة
السد العالي
50 عاما مرت على بناء السد العالي هذا الصرح الذي سجل بحروف من نور في ملحمة سطرها أبناء مصر من مهندسين وعمال، وعلى مقربة منها ملحمة لا تقل أهمية سطرها 2000 عامل ومهندس، بفكرة لنحات مصري سكندري صاحب أصول نوبية، هو الدكتور أحمد عثمان الذي جاء بفكرة ظنها البعض مجنونة لم يتحمس لها سوى ثروت عكاشة وزير الثقافة وقتها، وأرسله لدراسة تنفيذ الفكرة وكانت هي الحل الوحيد لإنقاذ 16 معبدًا من معابد النوبة التي كانت مهددة بالغرق بعد تحويل مسار السد.
الفكرة التي مثلت معجزة الأبناء التي تكاد تضاهي معجزات الأجداد كانت تبدو مستحيلة حين طرحها، حيث تقوم على تقطيع المعابد وإعادة تجميعها من جديد، كما وصل بهم خيال الفكرة إلى نقل معبد أبو سمبل الضخم، الذي يعد بمثابة نقل جبل كامل، وهو المستحيل الذي أصبح حقيقة، حسبما قال المهندس حمدي السطوحي مؤسس حملة أبو سمبل 50.
وتابع أنه كانت هناك 4 مقترحات لنقل المعبد أولها للنحات النوبي أحمد عثمان الذي اقترح تقطيع المعابد ونقلها ثم إعادة تجميعها، ولكن قيل إن هذه الفكرة مجنونة وتم رفضها، وظهرت أفكار أخرى منها نقل المعبد كله هيدروليكيا، أو بناء سد حوله يحجب عنه الماء، أو نقله خلال 6 سنوات باستخدام قانون الطفو، ولكن كل هذه المقترحات كانت محض نظريات وتطبيقها قد يشكل خطرًا، وتم في النهاية العودة لمقترح ابن النوبة واعتماد فكرة تقطيع المعابد ونقلها ثم إعادة تجميعها.
وأضاف «السطوحي»: «وكانت الملحمة لـ5 آلاف قطعة، حيث تم تقطيع معبد أبو سمبل باستخدام ماكينة تقطيع إيطالية، ثم رفعها وتجميعها في المكان الجديد فوق جبل صناعي قائم على كتلة هائلة من الحديد والخرسانة على شكل نصف دائرة، وأقيم البناء على فكرة عبقرية وبارتفاع 65 مترا وبمسافة تبعد 200 مترا عن موقع المعبد الذي تم تفكيكه ونقله إلى أعلى الجبل الصناعي».
وأكمل : «شكل إنقاذ معابد النوبة حالة مجتمعية وفنية وتكاتف دولي لـ6 شركات دولية شاركت في عملية النقل، وتكلف نقل معبد أبو سمبل 40 مليون دولار أي 14 مليون جنية حيث كان الدولار بـ40 قرشًا، وشاركت مصر بثلث القيمة، والتفت وزير الثقافة وقتها ثروت عكاشة لأهمية توثيق هذا الإنجاز فكان بيكار يرسم وجون فيني يبدع فيلما يعتبر وثيقة هامة للتاريخ أطلق عليه اسم: العجيبة الثامنة».
واختار ثروت عكاشة «بيكار» ليكون بلوحاته الـ80 التي وثقت النقل البطل في هذا الفيلم حيث تتتابع اللوحات التي رسمها في إيقاع ساحر لتصنع إيقاع الفيلم وموضوعه ببراعة.
وناشد «السطوحي» وزارتي الثقافة والآثار بتبني مشروع توعوي يكشف للجيل الجديد بطولات صنعها أبناء مصر من مهندسين وعمال ومبدعين وتدشين حملة دولية جديدة لإنقاذ ما تبقى من آثار النوبة الغارقة.