«مصر تنطلق».. الحكومة تبدأ خطتها لحصد «ثمار الإصلاح»
الدكتور مصطفى مدبولى يطلق برنامج «مصر تنطلق» أمام مجلس النواب
قام الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس الوزراء، منذ أيام، بإطلاق شعار «مصر تنطلق» على خطة الحكومة التى تستهدف تنفيذها خلال الفترة القادمة، حيث قال، فى كلمته أمام مجلس النواب الجديد، إن الحكومة تستهدف أن تكون الفترة القادمة هى فترة الانطلاق، والتى تستكمل فيها ما أنجزته ضمن البرنامج الوطنى للإصلاح الاقتصادى والاجتماعى، الذى بدأته منذ توليها وفقاً لتكليفات رئيس الجمهورية، واتساقاً مع رؤية مصر 2030.
رئيس الوزراء يطلق برنامج «مصر تنطلق» أمام «النواب» بتوجيهات رئاسية.. ويؤكد: السنوات الثلاث المقبلة ستشهد طفرة فى المؤشرات الاقتصادية
وأكّد رئيس الوزراء، خلال كلمته، أن الحكومة التزمت بإطلاع الشعب المصرى ونوابه على موقف تنفيذ برنامج عملها، فقدمت ثلاثة تقارير لمجلس النواب فى هذا الصدد، كان آخرها فى نوفمبر 2020 عما تم تنفيذه خلال عامين من عمل الحكومة، وأوضح أن برنامج الحكومة ضم العديد من المحاور الرئيسية، التى تعكس تكليفات السيد رئيس الجمهورية للحكومة، مستعرضاً بعضاً مما تحقق من إنجازات فى كل محور على مدى أكثر من عامين من عمر الحكومة، ليكون لدى المجلس الفرصة لاستعراض التفاصيل مع الوزراء المعنيين.
وأوضح أن الفترة القادمة ستواجه الحكومة المصرية الكثير من التحديات، بعضها يعود لـ50 سنة مالية، والتصدى لملفات صعبة كبّدت الدولة المصرية مبالغ طائلة، مشيراً إلى أن الحكومة لديها رؤية وبرنامج عمل للسنوات الثلاث القادمة تتمثل أهم أهدافه فى الاستمرار فى تحقيق معدلات نمو اقتصادى مرتفعة والعودة إلى معدلات النمو ما قبل «كورونا»، وتحسين المؤشرات المالية والاقتصادية والاجتماعية من خلال مشروعات قومية محددة، وجّه بتنفيذها الرئيس عبدالفتاح السيسى، منها تطوير جميع القرى المصرية خلال ثلاث سنوات.
ويقوم «الوطن الاقتصادى»، ضمن سلسلة أعداده التى ترصد ما ينتظر الاقتصاد المصرى فى العقد الجديد، بتسليط الضوء على أهم الملفات التى تفرض نفسها على طاولة المجموعة الاقتصادية فى العام الجديد وفقاً لأولويات المرحلة الجديدة، التى قالت الحكومة إنها مرحلة الانطلاق بعد فترة مليئة بالتحديات الصعبة، كان أبرز عناوين الصحف العالمية خلالها «صراع البقاء»، الذى انتاب الاقتصاد العالمى فى ظل الأزمات المتلاحقة، أبرزها أزمة كورونا التى لم تنته بعد.
السياسات النقدية
شهدت الخمس سنوات الماضية إصلاحات نقدية جذرية بدأها البنك المركزى بقرار تحرير سعر الصرف، ونجح فى التعامل بمرونة مع معدلات التضخم واستقرار سوق النقد فى مصر بأداة أسعار الفائدة التى أجاد فى استخدامها فى ظل الأزمات التى واجهها خلال الفترة الماضية.
وبعد أزمة استنفدت الكثير والكثير من الموارد التى قام المركزى ببنائها خلال فترة الإصلاح، فإن العام الجديد يفرض تحدياته أمام البنك المركزى لدعم موارد وقدرات القطاع المصرفى للانطلاق وفقاً لخطط الدولة.
«المركزي» يبدأ العام الجديد بقرارات تدعم القوة المالية للبنوك.. ويتبع سياسة «التيسير الحذر» لإنعاش القطاعات
وبناءً على ذلك قام البنك المركزى باحتجاز أرباح البنوك ومنع توزيعها على المساهمين، حيث أكد طارق عامر، محافظ البنك المركزى، فى البيان، عدم السماح للبنوك بإجراء توزيعات نقدية من أرباح العام /أو الأرباح المحتجزة القابلة للتوزيع على المساهمين، وذلك بهدف الحفاظ على السيولة المالية للبنوك عند مستويات آمنة خلال الأزمة، ومساعدة البنوك على الوفاء بمتطلبات قانون البنك المركزى والجهاز المصرفى الصادر العام الماضى، والخاصة بالوصول بالحد الأدنى لرأس المال إلى 5 مليارات جنيه، حيث سيساعد على الاحتفاظ بالأرباح المرحّلة لزيادة رأس المال بصورة أسرع قبل الموعد النهائى كى تتوافق جميع البنوك مع متطلبات القانون الجديد، كما يساعد البنوك على تحسين نسب كفاية رأس المال لديها والامتثال لمتطلبات «بازل 3» المحدثة.
وقد يحاول البنك المركزى أيضاً من خلال قراره الاستعداد لزيادة حالات التخلف عن سداد القروض بسبب تداعيات جائحة «كوفيد-19»، خاصة بعد انتهاء فترة السماح بتأخير سداد القروض، والتى من المتوقع أن يظهر تأثيرها (إن زادت) فى منتصف 2021، حسبما ترى قيادات القطاع.
وبجانب ذلك يسعى البنك المركزى لتركيز جهود القطاع المصرفى لاستكمال خطط التحول الرقمى والشمول المالى بشكل أكبر وفى وقت أقل، وهو ما يحتاج تحديثات فى البنية التحتية التكنولوجية لبعض البنوك، فضلاً عن الحفاظ على حالة الاستقرار النقدى، والحفاظ على معدلات التضخم عند المستويات المستهدفة، فى ظل سعيه لاستكمال مسلسل التيسير النقدى لإنعاش القطاعات الاقتصادية خلال العام الجديد، وستظهر هذه التوجهات مع لجنة السياسة النقدية الأولى فى العام الجديد والتى من المقرر أن تنعقد 4 فبراير، وبذلك تكون الملفات النقدية الأبرز على طاولة الحكومة هى الحفاظ على القوة المالية للقطاع المصرفى واستقراره، التوسع النقدى لدعم القطاعات الأخرى، مع الأخذ فى الاعتبار معدلات التضخم والتحول الرقمى والشمول المالى.
السياسات المالية
لعبة الأرقام وتوقعاتها هى دائماً التحدى الأصعب أمام وزارة المالية، حيث إنها مطالبة دائماً بوضع توقعات للإيرادات والمصروفات كل عام فى موازنة عامة تُعرض على الشعب، تراعى عند وضعها المشكلات والأزمات الحالية والمرتقبة، المتوقعة والمفاجئة، ومع كل هذه العوامل لا بد أن تسعى دائماً لتنفيذ مستهدفاتها على مستوى الإيرادات والإنفاق.
وفى هذا الصدد، قال الدكتور محمد معيط، وزير المالية، إن تغيرات الظروف العالمية حالياً حادة للغاية، ومن شبه المستحيل التنبؤ بالأرقام بدقة خلال 2020/2021، كما أنه بعد تعديل الأرقام والأهداف لا ينبغى التعامل معها كمسلّمات، مشيراً إلى أنه من الصعب الوفاء بالأرقام الموضوعة فى موازنة العام المالى الحالى، فى خضم عدم القدرة على التنبؤ وتقلب الأوضاع العالمية.
لعبة الأرقام تسيطر على السياسات المالية في تنفيذ مستهدفات العام الجديد
وكانت الموازنة فى الأصل حددت مستهدف نمو الناتج المحلى الإجمالى بمعدل 6.4% فى العام المالى 2021/2020، ولكن جرى تعديل هذا الرقم عدة مرات، بعد أن تفشت الجائحة، ولكن قال وزير المالية إنه من المرجح أن ينمو الاقتصاد المصرى بين 2.8% و3.5% فى العام المالى الجارى، إذ لا يزال قطاع السياحة والسفر يعانى بشدة من تأثيرات الجائحة، ومن ناحية أخرى هناك ضبابية حول أسعار النفط التى لم تقرر الوزارة بعد ما إذا كانت ستجدد عقود التحوط ضد تقلبات أسعار النفط العالمية خلال العام الجديد أم لا، وتابع «معيط»: «لا نعرف كيف ستبدو أسعار النفط، لا أحد يعرف حقاً، وتغيرات الأسعار متقلبة للغاية فى الوقت الحالى ولا يمكن حتى مناقشتها».
وزارة المالية تتسلح بالمركز المالي القوى للدولة للتغلب على تحديات جائحة «كورونا»
لذا تسعى السياسات المالية، خلال 2021، للتصدى لعدد من التحديات التى من أبرزها توفير المخصصات المالية اللازمة لمتطلبات أزمة كورونا، واستكمال مجهودات فض التشابكات المالية، فضلاً عن برامج الحماية الاجتماعية، ودعم المبادرات التى ينفذها القطاع المصرفى بجميع القطاعات، وتنفيذ مستهدفات الموازنة من عجز وإيرادات ومصروفات، ومع ذلك دفع معدلات النمو لتحافظ على مستوياتها الإيجابية.