لا يمكن الحديث حول مشكلات القطاع الطبى فى مصر دون الإشارة إلى الصيادلة.. أحد أهم عناصر هذا القطاع الحيوى.. وأكثر الفئات التى لا يتم استغلالها بالشكل الأمثل فى رأيى!
أزمة كبيرة تلك التى يعانى منها شباب الصيادلة هذه الأيام.. أزمة سببها الرئيسى هو نتيجة التكليف الوزارى التى تم الإعلان عنها منذ أيام قليلة.. والتى حملت بين طياتها الكثير من الأخطاء والمشكلات التى لا أعرف سبباً لها سوى أن البعض داخل وزارة الصحة تحديداً يجيد افتعال الأزمات..!
القصة ليست وليدة اليوم.. بل تعود إلى ثلاثة أعوام مضت.. وتحديداً منذ أن تأخر الإعلان عن تكليف دفعة ٢٠١٨ لأكثر من عامين دون مبرر واضح.. تلتها دفعة عام ٢٠١٩ التى تخرجت لتنتظر دورها هى الأخرى دون أن يلوح فى الأفق ما يوضح لشباب الخريجين متى سيتم تكليفهم..!
الصورة كانت مثيرة للكثير من علامات الاستفهام.. خاصة فى ظل أزمة فيروس كوفيد المستجد التى عصفت بالقطاع الطبى كله.. والتى -وبكل تأكيد- كان يمكن أن تكون سبباً للإسراع بتكليف هؤلاء الصيادلة للاستفادة بهم ولو فى فرق مكافحة العدوى بالمستشفيات على أقل تقدير.. حتى خرج للنور فى مطلع أكتوبر الماضى ذلك الإعلان عن تكليف دفعتى ٢٠١٨ و٢٠١٩ مرة واحدة..!
الإعلان كان ينص على أن التكليف سيتم بأولوية التقدير وحساب الاحتياجات.. والتسجيل كان إلكترونياً على موقع الوزارة.. لتظهر بعد ستة أشهر كاملة نتيجة الإعلان وهى تحمل الكثير من علامات الاستفهام التى لا تجد من يجيب عنها!
أكثر من خمسة وثلاثين ألف صيدلى قاموا بالتسجيل..عشرة آلاف منهم فقط تم تكليفهم.. دون أن يعلن أحدهم عن معايير الاختيار لصيدلى دون الآخر.. ودون أن يعرف أحد ما مصير الذين لم يتم الإعلان عن تكليفهم..!
الطريف أن النتيجة نفسها لم تخضع للمعايير التى تم الإعلان عنها.. لم تتم مراعاة التوزيع الجغرافى للتكليف بشكل كامل.. فصيادلة من سكان محافظة سوهاج تم تكليفهم فى محافظة البحيرة.. وآخرون من سكان المنصورة وجدوا أنفسهم فى الفيوم!
الأمر لم يقف عند هذا الحد.. فقد وجد الصيادلة أن التقدير العام للتخرج لم يكن معياراً للتكليف من عدمه.. فصيدلية حاصلة على تقدير عام جيد جداً لم يتم تكليفها من الأساس فى حين شملت النتيجة المعلنة على موقع الوزارة بعض الصيادلة الحاصلين على تقدير عام مقبول!
التخبط هو الكلمة الوحيدة التى يمكن أن تصف الوضع بشكل واضح.. لا أحد يجيب هؤلاء الشباب عن تساؤلاتهم.. لا آلية لتعديل التكليف أو حتى السؤال عن سبب عدم إدراج البعض ضمن من وقع عليهم الاختيار!
الطريف أن افتراض حسن النية يعنى أننا أمام أخطاء كارثية.. أخطاء من النوع الذى لا يمكن قبوله فى قرارات تتعلق بمستقبل شباب فى مقتبل العمر.. أما افتراض سوء النية فيعنى أننا أمام أزمة كبيرة.. أزمة ربما تحتاج إلى وقفة شاملة مع وزارة الصحة بأكملها!
لقد قامت نقابة الصيادلة بمخاطبة الوزارة بشكل رسمى ولم يصل لها رد حتى الآن.. وشباب الصيادلة لا يجدون من يرد على تساؤلاتهم من داخل الوزارة.. فهل سيجدون من يشرح لهم؟
هل ستخرج الوزارة ببيان تشرح فيه حيثيات الاختيار فى هذه النتيجة المثيرة للتساؤلات؟.. هل سيستمع أحد إلى مشكلات هؤلاء الشباب الذين يمكن الاستفادة بهم بشدة هذه الأيام.. خاصة فى ظل أزمة تحتاج إلى كل من ينتمى للقطاع الطبى على أرض هذا الوطن؟
كلها أسئلة تحتاج للإجابة السريعة.. التى لن نجدها إلا لدى المسئولين بوزارة الصحة وحدها.. أو هكذا أعتقد!