باحث أثرى يكشف مفاجأة: إخناتون لم يكن موحدا ودعوته لم تكن دينية خالصة
حقيقة دولة أخناتون
أجاب كشف أثري هام «مطلع إبريل الجاري» بمنطقة البر الغربي فى الأقصر «مدينة صعود آتون»، على عدد من الأسئلة الخفية عبر التاريخ الفرعونى ومنها: هل كان أخناتون أول الموحدين؟ وهل حقا لم يعبد معبودات المصري القديم؟ وذلك وفقا للدكتور الحسين عبد البصير، مدير الآثار بمكتبة الإسكندرية.
وقال الدكتور الحسين عبد البصير: «إن دعوة أخناتون لم تكن دينية خالصة، وإنما كانت لأغراض سياسية أيضًا وكان الهدف منها القضاء على دولة الإله آمون وكهنته وإنهاء سيطرة دولتهم على حكم البلاد، ومن الناحية الدينية، لم تكن دعوة أخناتون جديدة، وإنما جاء برب له أصول في مصر القديمة ودفع به إلى المقدمة وصدارة المشهد الديني في فترة حكمه القصيرة».
«كما جمع بين ربه آتون وآلهة أخرى، بينما لم ينسى أفراد الشعب المعبودات الأخرى التي تربوا على معرفتهم بها، حتى بعض أفراد أخناتون قدموا القداسة إلى رب الموتى أوزيريس، وأن كل ذلك قد ساهم في فشل دعوة أخناتون الدينية التي كانت غريبة وتقوم على الإقصاء وتخلط الأفكار والمعتقدات ببعضها، وتنسى أشياء كثيرة مستقرة في الوجدان الديني الجمعي المصري المتأصل عبر العصور» يضيف عبد البصير.
وتابع: «وعادت الحياة إلى سابق عهدها في عهود خلفائه، مع تسرب بعض الأفكار الدينية الخاصة بأخناتون في الفترات التالية، وتبقى دعوة أخناتون الدينية دعوة لم يُكتب لها النجاح والاستمرارية واختفت كما جاءت، وبقيت ذكرى على فترة أثارت مصر القديمة وزلزلت كيانها الديني والسياسي والثقافي».
هل كانت دولة أخناتون دولة دينية؟
على عكس ما يشاع لم يؤسس أخناتون دولة دينية على الإطلاق، ومن المعلوم أن الدولة الدينية الوحيدة التي قامت في مصر القديمة كانت في عصر الأسرة الحادية والعشرين، عندما استغل كهنة الإله آمون في مدينة طيبة ضعف السلطة المركزية بعد نهاية الدولة الحديثة، وقفزوا على السلطة، وأسّسوا تلك الأسرة التي حكمها كهنة آمون من الجنوب في حكم ثيوقراطي لم يكن مقبولاً من الجميع وسرعان ما انتهى بتأسيس الملك شاشانق الأول للأسرة الثانية والعشرين محققًا عظمة الأجداد من ملوك الدولة الحديثة «يوضح عبدالبصير».
ولم تستمر دولة أخناتون طويلاً، بسبب كثير من الأخطاء الكارثية الكبرى التي حاول الملك أخناتون القيام بها مثل محاولته الدوؤب تغيير الهوية الحضارية للدولة المصرية المتسامحة والتى تقبل التعدد بامتياز، وكذلك محاولته إقصاء كل ما ومن هو ضده، وأيضا زلزلة ثوابت الدولة المصرية العريقة، وإهمال سياسة مصر الخارجية وممالكها المهمة في بلاد الشرق الأدنى القديم، والاكتفاء بالدعوة الدينية لمعبوده الجديد والتجديدات الفنية واللغوية والأدبية التي لم تمس عمق المجتمع ولم يتقبلها كلية، فضلاً عن التغيير الفوقي الذي أراد فرضه على الجميع في وقت زمني قصير.
علاوة على عدم الاهتمام بالتراث المصري الحضاري العريق الممتد في الشخصية المصرية لآلاف السنين قبل بزوغ دعوته الدينية القائمة على الأحادية ونفي المعبودات الأخرى وكهنتها المتنفذين، وعدم الالتفات إلى طبيعة الثقافة المصرية وكذلك الشخصية المصرية وفهم مكوناتها ومكنوناتها، فكانت نهايته المأوسوية.
ونظرًا لأنه كان أيضًا هو الوسيط الوحيد بين معبوده آتون والشعب، فانتهت الدولة بانتهائه، وغابت الدعوة بغيابه، وانقلب المنافقون الذين ذهبوا معه إلى مدينته الجديدة بعد رحيله ولعنوه ولعنوا دعوته وهجروا مدينته وأطلقوا عليه «الملك المهرطق» و«المارق من تل العمارنة».
أناشيد أخناتون ومزامير داود
و«كتب الملك أخناتون الأناشيد التي كان يناجي فيها ربه الإله أتون، وتمثل أناشيد آتون أهمية كبرى من الناحيتين الدينية والأدبية لما بها من أفكار دينية متقدمة وخلاقة وإبداعية تتشابه مع ما جاء في المزمور رقم 104 من مزامير نبي الله سيدنا داود عليه السلام».
«فيرى البعض أن هناك تماثلاً كبيرًا بين بعض الجمل والمفردات والتعبيرات الأدبية والسياقات اللغوية وكذلك في المضمون الكلي بين نشيد أخناتون ومزمور النبي داود المشار إليه».
بينما «تصور بعض الباحثين والعلماء أن مزمور نبي الله داود قد تأثر إلى حد كبير بنشيد أخناتون إلى ربه آتون، على الرغم من طول الفترة الزمنية التي تفصل بين النشيد والمزمور؛ فقد عاش الملك أخناتون «وليس النبي كما يدعي بعض الهواة وبعض الباحثين» في القرن الرابع عشر قبل ميلاد سيدنا عيسى عليه وعلى نبينا سيدنا محمد أفضل الصلاة وأتم السلام، في حين عاش نبي الله سيدنا داود عليه السلام في القرن العاشر قبل الميلاد» يؤكد مدير الآثار بمكتبة الإسكندرية».
نهاية دولة أخناتون
«لم يبق من عصر العمارنة إلا أصداء العمارنة التي لانزال نراها ماثلة أمامنا كذكرى على حكم لم يعمر سياسيًا طويلاً غير أنه ترك آثارًا تشهد على أهمية الفترة دينيًا وفنيًا ولغويًا وأدبيًا».
و«يكفي أن نلقي نظرة على تمثال الجميلة نفرتيتي كي ندرك روعة الفن وصدق الإيمان بالدعوة من قبل قلة من بعض مؤيدي الملك أخناتون وتوظيف الفن في خدمة الديانة الآتونية والملك أخناتون وعائلته الملكية ودعوته الدينية وفلسفته في الحكم ونظرته للدين والحياة؛ لأنه عصر العمارنة الفريد بكل ما له وعليه» وفق الدكتور عبدالبصير.