هل يجوز تأخير الحمل عاما للحصول على لقاح كورونا؟.. «الإفتاء» تجيب
علي جمعة: تأخير الحمل ليس فيه حرمه على العموم ومرده إلى الطبيب
دار الإفتاء
تداول بعض رواد مواقع التواصل الاجتماعي مخاوف حول حدوث مضاعفات في حال تلقي لقاح كورونا لا سيما على السيدات فيما يتعلق بالحمل والرضاعة، إذ تم تداول ورقة بها إقرار يتضمن بندا يتعلق بتأثير اللقاح على الحمل وتأجيله لمدة عام، ويتناول التقرير التالي موقف دار الإفتاء من موضوع تأجيل الحمل لا سيما في ظل تساؤل مفاده «هل يجوز تأخير الحمل عام للحصول على لقاح كورونا؟».
وفي فيديو بثته دار الإفتاء المصرية للدكتور علي جمعة، مفتي الديار السابق، أجاب فيه عن سؤال يقول: «هل يعد قرار تأجيل الحمل وأخذ مانع للحمل حرام؟».
الصحابة كانوا يقومون بالعزل
وقال الدكتور علي جمعة: «السؤال يتكلم على أنها تريد أن تؤجل الحمل فتأجيل الحمل ليس فيه حرمة وكان الصحابة الكرام يقومون بشيء من هذا وكان يسمى العزل، والعزل هو أن يتم الاتصال بين الرجل والمرأة لكن لا يصل مني الرجل إلى رحم المرأة فلا يحدث الحمل».
وواصل: «والنبي صلى الله عليه وسلم بين لهم أن أمر الحمل وعدم الحمل إنما هو من قدر الله وليس بيد أحد وأجاز لهم أن يفعلوا ما أرادوا فما أرادوا له أن يتأخر الحمل فلا تحمل المرأة ومن أراد لها أن تحمل فإنها تحمل حتى لو فعلوا هذا العزل، وهذا هو الذي شاهدناه، فالمرأة تأخذ حبوب منع الحمل أو وسائل منع الحمل ثم تحمل والمرأة تأخذ هذه الحبوب ولا تحمل بل إنها لا تخأذ هذه الحبوب ولا تحمل، وهي تلد أيضا، إذن فالأمر بيد الله».
استشارة الطبيب
وهذه الأمور مردها إلى الطب وحيثما نصح الطبيب فيجوز استعمال هذا التأخير، والإمام الغزالي وسع الأمر لدرجة أنه قال إذا كانت المرأة تريد أن تحافظ على جمالها فإنها يجوز لها أن تؤخر الحمل، فما بالك بما هو أكثر من ذلك من خوف الفتنة على الولد كما قال الإمام الشافعي أو من حالة البلاد والعباد من التكاثر والهرج والمرج وغير ذلك من الفتن، ولذلك يجب علينا أن نلفت إلى هذا المعنى فنريد نسلا صحيحا قويا فيجوز تأخير الحمل لهذه الأغراض ولغيرها.
لجنة الفتوى
وفي وقت سابق ذكرت لجنة الفتوى الرئيسية بمجمع البحوث الإسلامية، أن ما تم تداوله حول الحديث عن تأجيل الحمل في ظل انتشار فيروس كورونا، لما في ذلك من آثار سيئة تؤثر على الأم والجنين، إذ أن الفيروس يسبب تجلط الدم، ويؤثر على مصدر غذاء الجنين من المشيمة، الأمر الذي طرح مجموعة من التساؤلات عن جواز تأخير المرأة الإنجاب خوفًا من هذا الأمر، إذ أن الإسلام شرع النكاح من أجل التكاثر البشري وإبقاء للنسل، تحقيقًا لقوله تعالى «إني جاعل في الأرض خليفة»، وقوله صلى الله عليه وسلم «تزوجوا الولود الودود، فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة».
وأضافت اللجنة أنّ الأصل كرهة العزل في الجماع ومنع الحمل إلا لعذر، فمع اختلاف الفقهاء في حكم العزل بين مجيز ومانع، فإن الأولى تركه إلا لعذر فقد روى عن أبي سعيد الخدري أنه قال: سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن العزل، فقال عليه السلام: «لا عليكم ألا تفعلوا ذاكم، فإنما هو القدر»، وقد قال الإمام أحمد: قوله صلى الله عليه وسلم «لا عليكم» أقرب إلى النهي، وقال الحسن: والله لكأن هذا زجر، وقال الإمام النووي: هو مكروه عندنا في كل حال، لأنه طريق إلى قطع النسل، ثم يجمع بين الأحاديث بأن ماورد في النهي محمول على كراهة التنزيه، وما ورد في الإذن محمول على أنه ليس بحرام، وليس معناه نفي الكراهة.
وتابعت اللجنة: أنّه بتطبيق ما سبق على السؤال، فنفيد بأنّ أهل الذكر والاختصاص في ذلك هم الأطباء، لقوله تعالى: «فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون»، ذلك أنّ الفتوى تحتاج لمعرفة الواقع، ثم تنزيل الحكم الشرعي على هذا الواقع، ومن المعلوم أنّ الأطباء هم من يرجع إليهم لمعرفة أنّ الفيروس يؤثر على الأم والجنين أم لا، وبالرجوع إلى أهل الطب وجدنا وجهات نظر مختلفة بما مفاده أنّ الضرر احتمالي ومشكوك فيه، ولم يصل إلى الظن أو اليقين، ومن ثم فإذا كان الهدف من تأخير الحمل في ظل انتشار فيروس كورونا هو الخوف على المرأة، أو الجنين حين الولادة فلا مانع من ذلك شرعًا، بشروط ثلاثة:
وزادت: الأول: ألا يكون المنع بوسيلة ضارة بدنيا أو نفسيًا، والثاني: أن يكون الهدف تأجيل الحمل حتى تنتهي الجائحة، وليس المنع الكلي للحمل بتعقيم الرجال، أو استئصال رحم المرأة، الثالث: ألا يكون تأجيل الحمل نظرة اجتماعية عامة، بل ينظر فيه كحالات فردية لكل امرأة على حدة حسب ظروفها الصحية، وما إذا كانت تعاني من أمراض مزمنة تزيد من الخطورة عليها حال إصابتها بالفيروس، وبما يقام الأمر مع الحمل.
وأوضحت اللجنة أنّه يمكننا الاستدلال لما سبق بما قاله الفقهاء من أن المشقة تجلب التيسير عملًا بقوله تعالى: «وما جعل عليكم في الدين من حرج»، وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم «لا ضرر ولا ضرار في الإسلام»، لكن مع تقدير الضرورة والحاجة بقدرها، كما يستدل على مشروعية تأجيل الحمل حالة تأكيد الضرر من الأطباء، أو حتى إخبارهم بظن الخطورة والضرر بالقياس، حيث يقاس هذا الأمر على جواز فطر المرأة وعدم الصوم في رمضان خوفا على نفسها، أو جنينها، أو رضيعها، بل هنا أولى وأعظم.