أحلام أطفال العشوائيات تتحقق في المدن الجديدة: ملاعب ومدارس وحمامات سباحة
حمام سباحة
بأجسادهم النحيلة، ونشوة الطفولة، هربوا من حرارة الشمس الحارقة في ذروة شهور الصيف إلى زوارق بلاستيكية مغمورة بالمياه موضوعة في أكثر الأماكن اتساعا بين ضيق المساكن العشوائية، يقف عليها حارس يجمع أموالا إيذانا لهم بدخول ما أطلق عليه في مصر حينها «مصيف الغلابة»، طامحين أن يزيدوا بشرتهم السمراء بألوان بهجة التنزه الصيفي على شواطئ البحر.
مشهد اعتدنا رؤيته سابقا في المناطق العشوائية مثل منطقة الدويقة، بددته الجمهورية الجديدة بنوادٍ فسيحة بها حمامات سباحة بمواصفات أولمبية.
حظ الطفل مصطفى حمدي (١١ عاما) أفضل من أخيه «محمد» الشاب العشريني في الاستمتاع بطفولته، بعد أن انتقلوا إلى السكن في حي الأسمرات الجديد بدلا من مسكنهم القديم في الدويقة الذي قضى فيه طفولته في اللعب بالشوارع الضيقة، وسط العشش والمنازل المغطاة بالصفيح، كانت أهم أحلام طفولته، حينها ممارسة رياضات مائية، خاصة في شهور الصيف، لتكون مهربا له من ارتفاع درجة حرارة الجو.
ويقول محمد، لـ«الوطن»: «أخويا مصطفى حظه أحسن مني كطفل.. هو دلوقتي بيصحى من النوم بيروح المدرسة اللي قريبة مننا بعد ما جينا هنا (الأسمرات) وبيروح مع صحابه النادي ومشترك في حمام السباحة، وبيلعب في الميه طول الصيف ونفسه يحترف السباحة كرياضة وهساعده في ده»، بحسب تعبيره.
بهذه الألفاظ البسيطة عبر «محمد» عن فارق بسيط بين الحياة وسط المساكن العشوائية والحياة في الأسمرات التي خططت لها مصر، والتي رسم ملامحها الرئيس عبدالفتاح السيسي، منذ توليه رئاسة مصر في عام ٢٠١٤.
بـ«جنيه مصيف الغلابة»
يلجأ بعض الشباب والأطفال إلى استخدام الترع أو حمامات السباحة العشوائيةكمصيف لهم، هربًا من ارتفاع حرارة الجو للاستحمام فى هذه المياه ومن تلك المناطق حمام سباحة يسمى بـ«حمام الغلابة» في منطقة الدويقة للتخفيف من حرارة الجو، واللهو في حمام السباحة مقابل جنيه واحد للساعة، وسط إقبال عدد من أطفال المنطقة أو المناطق المجاورة لها، وكان الأطفال يعتبرونها مصيفاً لهم لعدم قدرتهم على تكاليف المصايف أو السفر إلى مدن أخرى.
تحويل حي الدويقة إلى حى الأسمرات
على مدار الأعوام الماضية، ومنذ تولى الرئيس عبد الفتاح السيسي الرئاسة، بدأ العمل على قدم وساق لبناء مصر الحديثة من خلال تبني مشروعات تنموية ضخمة وضعت مصر على خريطة الاستثمار العالمية، ليوفر «حياة كريمة» لكل مواطن، وتحويل المناطق الشعبية العشوائية إلى أماكن يفتخر بها كل المصريين لعل من أبرزها منطقة الدوايقة العشوائية.
«آمال محمد» أحد أهالي حي الدويقة، لم تعرف معنى التطور العمراني منذ أكثر من ثلاثين عاما، ولم يعرف أبناؤها سبيل الترفيه، جدران المنازل تصدعت من أثر مياه الصرف، والأطفال لم يجدوا مكانا للعب سوى الشارع، زادت قتامة المشهد عامًا بعد عام، حتى وصل إليهم قطار مبادرة الرئيس لتطوير العشوائيات، يبشرهم بمستقبل أفضل لهم ولأبنائهم.
منذ أن انتقلت «آمال» وأسرتها إلى حي الأسمرات، زالت معاناتها ومعاناة أطفالها، «المكان حوالينا نضيف وولادي بيلاقوا مكان يلعبوا فيه براحتهم الأول كانوا بيلعموا وسط كوم زبالة»، تقول في بداية حديثها لـ«الوطن».
وسط أطفال المنطقة، يقضي أطفال «أمال» أوقاتا طويلة في السباحة، ويمارس كبيرهم كرة القدم على ملعب مزود بنجيل صناعية، وبحسب روايتها: «عمرهم ما نزلوا حمام سباحة ومبسوطين بالمكان»ـ لافتة إلى أنهم باتوا أكثر قدرة على الاستمتاع بطفولتهم عن السنوات السابقة.