مخاوف «الإزالة» تفسد حياة «تجار الورد» في شارع 250 بالمعادي: بنبيعه بالخسارة
«مش أوان الورد».. تجار شارع 250 بالمعادي يبيعوه بالخسارة «على حس شائعة إزالة»
نسائم الربيع لا تفارق المكان، الألوان الزاهية تخطف القلوب وصوت أم كلثوم وهي تشدو بـ«الورد جميل» وفيروز في دندنتها «أنا أبيع الورد الورد، الورد قطف اليد، أبيض على أحمر وجماله بلون الحب»، تستشعره الآذان، بينما تشاهد الزهور الممزوجة بروائحه المختلفة المميزة، على جانب شارع 250 في المعادي، لتبدأ يومًا صافيًا، لا يعكر صفو التجّار فيه غير التفكير في الحلول البديلة لإزالة محلات الورد بعد الحديث المتداول عبر موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» من سكان المنطقة بأن المحلات في طريقها للإزالة دون إبلاغ رسمي حتى الآن.
شارع الورد، هو الاسم الشائع لشارع 250 بالمعادي، الذي يعد أحد معالم الحي الشهيرة، فيزوره سكان المنطقة وغيرهم من مختلف أنحاء القاهرة الكبرى على مدى أعوام عدة، لاقتناء الزهور من المحال والمشاتل المتكدسة به، ولكن ذلك الحال على وشك التغيير، حيث إنه في مطلع يونيو الماضي، أعلن المهندس كامل الوزير، وزير النقل، إنشاء محور الجزائر لخدمة سكان المعادي والبساتين، وسيشمل تطوير منطقة الورش أسفل الطريق الدائري في بداية طريق السخنة.
صاحب مشتل بشارع 250: ورثت شغلتي عن والدي وجدي في المعادي.. وعايزين بديل
منذ ذلك الحين، تبدلت أحوال مالكي محلات الورود بشارع 250 المفترض أن يمر إلى جواره المحور الجديد، الداعمين للتطوير مع رغبتهم في بدائل لمحلاتهم بالمعادي، وفقا لكرم عبدالله، صاحب مشتل «السندس» الشهير بالشارع، الذي أكد أنه حتى الآن كل أخبار الإزالة هذا الأسبوع الحالي هي أحاديث متداولة دون وصول قرار رسمي.
«شغالين هنا من أكتر من 20 سنة، وده أكل عيشنا لينا ولعيالنا والعمال».. يعتبر ذلك هو ما يمثل مشتل الورد لصاحبه كرم الذي ورث المهنة أبا عن جد، ليحفظ عن ظهر قلب أنواع الزهور ويتولى رعايتها بنفسه يوميا، قبل أن يصاب بحالة من التشتت لشائعات الإزالة المتداولة، والتي حال تأكيدها ستكبده خسائر تصل إلى 100%، لصعوبة نقل الكثير من الزهور التي يعتبرها روح تحتاج للرعاية والمياه بإستمرار، لذلك يضطرون حاليا للبيع بأقل سعر، مطالبا بتوفير بديل لأصحاب المحال.
عبده: مش عارفين الإزالة قرار رسمي ولا لأ
على بُعد عدة خطوات منه، انهمك سيد عبده، صاحب مشتل ومحل «سفير الحب»، بأواني الورد بين الأكاسيا والصبار والكولونيا، بسرعة بالغة لم تمكنه حتى من مسح مياه عرقه التي غمرت وجهه وملابسه، أو إزالة الأشواك من يديه، في محاولة شاقة لبيع جميع بضاعته قبل مغادرة المحل يوم الأربعاء المقبل، مثلما ورد له من أصحاب المحلات المجاورة.
يمتلك عبده ذلك المشتل منذ حوالي 18 عاما، ويعتبره أساس حياة أسرته مع العاملين به، لذلك تسيطر عليه الحيرة من فكرة الإزالة التي لم يتم تأكيدها حتى الان رغم تواصله مع الحي والمحافظة لكنه لم يتلق ردا وافيا، قائلا: «إحنا مش ضد التطوير، بس اتعودنا من الدولة إنها بتوفر البدايل، بس إحنا دلوقتي أكل عيشنا ده مش لاقينله بديل، والمعادي اتعودنا عليها وارتبطنا بأهلها».
ونقل حالة المساندة بين أهالي المعادي لمغادرة تجار الزهور، الذين بادروا بتحفيز الجميع لاقتناء الزهور والتخفيضات تجنبا لتلفها حال الإزالة، بقوله: «الزباين بيتصلوا بينا علشان يتأكدوا من اننا ماشيين وزعلانين أوي، لدرجة ناس بتيجي تشتري حاجات مش محتاجاها لمساعدتنا»، مؤكدا أن ذلك الشارع يعد قبلة لهواة المشي لحرص التجار على تنظيفه وتقليم الأشجار ذات الستين عاما وتزيينه بورودهم المميزة.
مالك مشتل: بنبيع بخصم 50% لعدم توفر بديل
جلس سيد أحمد، أمام محله ومشتله «عصفور الجنة» الذي يحتل الصدارة بشارع 250، يتأمله بحيرة بالغة، حيث أمضى فيه أعوام طويلة منذ صغره، مع العمال الأربعة العاملين فيه، لتجول في ذهنه أفكار عديدة عن مصير تلك الأشجار العجوز والورود النادرة خلال نقلها، فلا يتوافر لديه بديل أيضا.
بجانب أواني الورود، تزاحمت الكراتين البنية استعدادا لاستقبال الزهور من أجل النقل، دون وجهة محددة حتى الآن، حيث يرغب مالكها سيد في حمايتها بدلا من إزالة باللودر الأيام المقبلة، مؤكدا: «بنبيع الورد بخصم 50%»، متمنيا توفير أماكن بديلة أخرى بحي المعادي لارتباط أصحاب المحلات بالأهالي وتكوينهم لعدد من الزبائن الذين يترددون على المشاتل باستمرار.
زوار شارع 250 في المعادي: مش مصدقين أنهم هيشيلوا محلات الورد.. أنقذوا النباتات
زبائن وهواة الزهور وأهالي المعادي، ازدادت زيارتهم لمحلات الورود للتأكد من حقيقة مغادرتهم للشارع واقتناء الزهور منهم للمرة الأخيرة وإنقاذ النباتات المختلفة، من بينهم عبدالرازق محمد، الذي سارع بالتحرك من منزله بمنطقة التجمع الخامس إلى الحي الهادئ الذي يبعد عنه عدة كيلومترات لمعرفة حقيقة الإزالة، لتنتابه الحيرة نفسها كالتي بين التجار.
وشاركته في التعاطف نفسه، وفاء القاضي، إحدى سكان المعادي، التي بادرت بالنزول لمشتلها المفضل بالشارع لاقتناء المزيد من الورود قبل إزالته ولدعم صاحبه، متمنية نقلهم لمكان راق يماثل شارع 250 في المعادي.