مشردة حامل
في ركن ضيق فوق أحد الأرصفة لايتسع سوي لأجسادهم النحيلة يقضون الليل بنصف حالة، فهذه عينًا تغفو والأخرى مترقبة بحذر يتخللهم الخوف، بعدما زجت بهم أسرهم إلى هذا العالم الواسع الذي طالما يبحثون فيه عن مأوى دون جدوى، جميعهم يبحث بين طيات الشارع عن حاجاتهم الأساسية، بعد أن فشلوا في إيجاد عائلة ومأوى، فتراهم يحدقون بوجوههم والحيرة تسيطرعليهم ما الذي سيجري، ومن أين سيأتيهم الموت وسط نظرات المجتمع الذي لا رحمة فيه.
ساكنوا الشارع أو«المشردين» واحدة من المشكلات في المجتمع على فترات متفاوتة، وتتصدر أخبارهم في فصل الشتاء خاصة مع برودة الجو وصعوبة البقاء في الشارع، وهناء مصطفى «المشردة الحامل»، التي ألقى بها زوجها في الشارع رغم حملها في شهرها التاسع ليست الوحيدة من بين تلك الحكايات المؤلمة التي اهتزت لها مواقع التواصل الاجتماعي في الآونة الأخيرة.
«عادل أنور» معلم لغة عربية مشرد على رصيف طنطا، تصدرت صوره وأخباره صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، حيث طرده أولاده، يتعاقب عليه الليل والنهار وشعور الجوع يلازمه ليضطر من فرط حاجته إلى مد يده للمارة.
مروة محمد كومبارس مسلسل «عائلة الحاج متولي»، ظهرت مطلع العام الجاري مشردة في الشارع بعد إصابتها بخلل واضطراب نفسي، بعد وفاة والديها، وأظهر الفيديوالمتداول أنها تعيش داخل خيمة، وأحياناً داخل مصنع للطوب بعد إغلاقه ليلاً وخروج العمال منه، كما يتضح من اللقطات أنها تتنقل ببطانية حتى تحميها من طقس البارد وتقف في طابور طويل وتقوم بشراء «قرطاس» طعمية.
تبدلت سلوكيات «مروة» وأصبحت تميل إلى العنف إلى جانب الوحدة ، حتى تم نقلها إلى مستشفى صحة المعمورة بمحافظة الإسكندرية، ، وتبنت مؤسسة معانا لإنقاذ إنسان حالتها لتنقذها من التشرد.
المشرد المثقف عمرو أو كما يلقبة اهل المنطقة «أبو عبد الله سقراط»، يعيش على مقعد خشبي على كورنيش النيل بعدما تخلى عنه اهله وأصدقائه وصار الطريق ملاذه، يلفت أنظار المارة إليه بحقيبة صفراء بلاستيكية تحوي كتاب.
وأثارت قصة المشرد الجدل بسبب مطلبه الغريب للمارة في الشارع قائلا "نفسي في كتب لنجيب محففوظ وفيكتور هوجو وشكسبير اللي عايز يساعدني يجيبلي كتب بدل ما بلمها من الزبالة».
قصة «محمد الصغير» عازف البيانو أثارت الجدل على منصات السوشيال ميديا، الصيف الماضي وهو يحكي معاناته مع شقيقه الذي يكبره، بعدما قرر شقيقه طرده من المنزل فجأة، وهو يعلم جيدا أن «محمد» ليس له مأوى آخر سوى هذا البيت.
كان محمد الصغير فنان يعزف البيانو في معهد موسيقي، لكن بعد موت والده ووالدته أصبح مكانه الشارع بعد طرد شقيقه له بسبب خلافات على الميراث.
عطا الله محمد عمر، عازف الناي الشهير، كان عازفاً في فرقة الفنان الشعبي الراحل شعبان عبد الرحيم، زار قصر الرئيس محمد أنور السادات، وعمل لدى عمرو موسى في إحدى الفاعليات كأحد أعضاء الفرقة الشعبية، اشتهر بعزفه الرائع على« الناي»، لكن انتهى به الحال إلى شوارع مدينة دسوق بمحافظة كفر الشيخ، يعيش مشرداً ولم يجد له مأوى بعدما توفي أشقائه سوى الشارع.
تعليقات الفيسبوك