«العنب» ينعش محطات التصدير ويحولها لخلية نحل.. بيوفر مئات فرص العمل
الحرب الروسية الأوكرانية زادت صادراتنا لروسيا رغم ارتفاع تكاليف الشحن
تغليف العنب داخل محطات التصدير
أحمر وأخضر وأسود، ألوان مبهجة من العنب تُزين الطاولات داخل محطات التصدير، يلتف حولها مئات العاملين والعاملات، فهنا من يحملها من التبريد إلى التعبئة، ومنهم من يفرزها، بينما تقوم أخرى بتعبئتها في عُلب، كُل حسب الطلب، فيما تقوم إحدى الفتيات بتعبئة العُلب داخل كراتين، ليأتي آخر بواسطة حافلة مخصصة للنقل، ويحمل مئات الكراتين لينقلها إلى حاويات التصدير، حيث ستتجه تلك الحاويات إلى مختلف أنحاء العالم، بعدما أصبح العنب المصري الأول في العالم تتسابق عليه مختلف الدول لشراءه خاصة روسيا والسعودية.
الموالح المصرية الأفضل عالميا
وقال إياد أحمد الخطيب، وشهرته «أبو أحمد»، سوري الجنسية، صاحب محطة تصدير، في تصريحات خاصة لـ«الوطن»، إنه يعمل في مجال التصدير الخضروات والفواكه منذ 27 عاماً، موضحاً أنّه جاء إلى مصر منذ 10 أعوام، وأسس واحة الفواكهة لتصدير الخضروات والفاكهة والتجارة العامة عام 2010، وبدأ يُصدر بشكل كبير لمختلف دول العالم، ويعمل في تصدير كافة أنواع الخضار والفواكه، ولكنه يركز كثيراً على تصدير الموالح المصرية، بالإضافة إلى الرمان والخوخ والعنب والطماطم والبطاطس والبصل.
إقبال على العنب المصري
وأضاف «أبو أحمد»، أنّه يعمل حالياً في تصدير العنب والليمون الأضاليا، والذي يعتبر من أهم المواسم وأجملها في مصر، حيث تتسابق مختلف دول العالم على شراء العنب المصري، فمصر هي أول دولة في إنتاج العنب في الموسم الجديد، بينما يختفي من مختلف أنحاء العالم، لذلك يكون الإقبال عليه كثيراً، ثم يبدأ الظهور عقب انتهائه في مصر، في تركيا ثم لبنان وسوريا والدول الأخرى بعد ذلك.
أنواع متعددة وجميلة
وذكر «أبو أحمد» أنّ أنواع العنب المصري متعددة وشديدة الجمال، أبرزها «الإيرلي سويت، البرايم، الاسبريو، البلاك، الفيليم، الكريمسون، الاستار» وغيرها، وأكثر مميزاته أنّه بدون بذر، وسكرياته مرتفعة، لذلك فهو مطلوب بكثافة في كل دول العالم العربية والأجنبية ويصدر بكميات كبيرة، موضحاً أنّ الإنتاج تضاعف خلال الأعوام السابقة بصورة كبيرة، حيث إنّه منذ 5 سنوات كانت مصر تنتج أقل من 30% فقط من الإنتاج الموجود حالياً، وأصبح هناك وفرة في العنب، وبالتالي فتح أسواق جديدة لتصديره.
ارتفاع تكلفة الشحن لروسيا
وصرح إياد الخطيب، أنّ المشكلة الوحيدة التي تقابلهم هي ارتفاع تكلفة الشحن على المصدرين، بسبب الأوضاع التي يمر بها العالم كله جراء الحرب الروسية الأوكرانية، وامتناع عدة شركات شحن عن الذهاب لروسيا، بينما تقوم شركتان فقط بهذا الأمر، لذا استغلتا الموقف ورفعتا الأسعار لضعفين ونصف، حيث بلغت تكلفة الحاوية 7500 دولار بعدما كانت 2500 فقط، وهو عائق بسيط يؤخرهم قليلاً عن التصدير، على الرغم من أنّ الطلب موجود، بل اتجهت روسيا لاستيراد كل شيء من مصر بكميات أكبر بسبب العقوبات المفروضة عليها من باقي الدول، مما جعلهم يكثفون صادراتهم لروسيا، ولكن بتكاليف أعلى.
الحكومة تدعم المصدرين
وأوضح أنّ الحكومة المصرية تقدم الكثير من الدعم للمُصدرين، ومنفتحة جداً عليهم، خاصة خلال جائحة كورونا، وكانت أكثير ميزة انفردت بها هي استمرار العمل في التصدير وعدم إغلاق الموانئ المصرية بخلاف باقي الدول، مع مراعاة الاشتراطات الصحية، والإجراءات الاحترازية، مما جعل عجلة التصدير تعمل دون توقف.
التصدير في مصر آمن بخلاف باقي الدول والرئيس السيسي يدعمنا كثيرا
وأشار إلى أنّ الرئيس عبد الفتاح السيسي دعم المصدرين كثيراً خلال العامين الماضيين، وهذا ما عوضهم عن المعوقات التي قابلتهم، وبالتالي صدرت مصر العام الماضي، أكثر من مليون و800 ألف طن من الموالح لمختلف دول العالم، وهذا هو أكبر رقم تسجله مصر في تصدير الموالح رغم جائحة كورونا، مُتمنياً استمرار دعم الرئيس لهم وزيادته ليزدهر عملهم بصورة أكبر.
العمالة متوفرة وماهرة
ولفت «الخطيب» إلى أنّ توافر العمالة يعد ميزة كبيرة للمصدرين، حيث أصبح لديه من 300 إلى 350 عامل يومياً، بالإضافة إلى 65 موظفا ثابتا، مقارنة بالدول التي تعاني من نقص العمالة، كما أنّ العمالة المصرية ماهرة ويكتسبون الخبرة سريعاً، مؤكداً أنّهم جميعاً مؤمن عليهم ومسجلين في مكتب العمل، ولديهم سجل وبطاقات طبية، ويعملون الآن طوال العالم، وليس في المواسم فقط.
نُحسد على المعاملة الطيبة
وأردف: «كلمة حق تقال، لم نشعر أبداً أننا أجانب، نتعامل ونحصل على حقوقنا كالمصريين، ولا يوجد فرق بيننا، بل إن مصر بلدنا الثاني، لذلك يحسدنا المصدرون في الدول الأخرى على المعاملة الطيبة التي نجدها في مصر، خاصة أنّ العمل في مصر آمن جداً بسبب اعتدال الجو، وعدم وجود مخاطر للطقس، أو سيول مدمرة أو عواصف ثلجية كباقي الدول مثل تركيا التي يتدمر محصولها سنوياً بسبب موجة الصقيع، كما أنّ الصيف في مصر طويل، وهو ما يناسب الخضار والفواكه والزراعة عموماً».
مصر سلة الغذاء الإقليمي
وأشار إلى أنّ المنتج المصري جميل جداً ومطلوب في مختلف أنحاء العالم، خاصة البرتقال المصري الذي يتميز بكونه لذيذ جداً، وحينما يتواجد البرتقال المصري في أي مكان بالعالم، يتنحى برتقال باقي الدول، ويهرع الجميع لشراء النوع المصري، واصفاً مصر بأنّها «سلة الغذاء العربي»، فإنتاجها من الخضروات والفاكهة عالي ويزداد باستمرار، حيث تنتج مصر 5 ملايين طن موالح، بالإضافة إلى 400 ألف طن عنب، وتجاوز إنتاجها من البطاطس المليون طن، لذلك فهي سلة الغذاء الإقليمي وليس العربي فقط.
روسيا السوق الرئيسي لمصر
ووفقاً لـ«أبو أحمد»، فإنّ روسيا هي السوق الرئيسي وأكبر مستهلك للعنب المصري، وتنافسها المملكة العربية السعودية، فالخليج يأخذ 27% من الصادرات المصرية، بينما روسيا الاتحادية 23%، وليس هناك دولة ممنوع مصر التصدير لها، بالإضافة إلى فتح أسواق جديدة كأفريقيا مثل السنغال والصومال، بسبب جودة الإنتاج وزيادة كمياته، وسط دعم أكبر من الحكومة المصرية لمن يصدر للدول الأفريقية أكثر من باقي الدول، تشجيعا للمصدرين لتصبح أسواق واعدة وكبيرة.
ننتظر المزيد من الدعم
وفي ختام حديثه، قدّم إياد الخطيب، الشكر للحكومة المصرية على ما تقدمه للمصدرين، في ظل تحملهم الكثير من المصاريف في شحن الحاويات للدول وبالأخص روسيا، بالإضافة إلى تكلفة العمالة والكهرباء والغاز والمياه والتأمينات، مُعلناً طمعه في المزيد من الدعم ليستطيع منافسة الدول الأخرى.