ماري ماهر تكتب: رقمنة القضاء.. تسريع التقاضي وتحقيق النزاهة والشفافية
ماري ماهر
انصرفت خطة «التحول الرقمى» المصرى إلى السلطة القضائية ضمن جهود الدولة لتطوير المنظومة القضائية وتحقيق العدالة الناجزة، حيث جرى إدخال وسائل التكنولوجيا الحديثة وتقنيات الذكاء الاصطناعى داخل العديد من الجهات القضائية والمحاكم التابعة لها، بما يتفق مع استراتيجية التنمية المستدامة رؤية مصر 2030، وبما يسهم فى تسريع إجراءات التقاضى وتيسيرها على المواطنين من خلال رقمنة إجراءات ومخرجات التقاضى، وترسيخ مبادئ النزاهة والشفافية ومكافحة الفساد، وتوفير الوقت والجهد والمال، وتقليل الازدحام داخل ساحات المحاكم، وهو الهدف الذى حفزته جائحة كورونا التى أبرزت ضرورة الاستفادة من التكنولوجيا الرقمية داخل المنظومة القضائية، علاوة على تعزيز الثقة بالمؤسسة القضائية، وتقليل التعامل المباشر مع الموظفين، وبالتالى تقليص فرص الفساد، كما يأتى ذلك كأحد أوجه الاستجابة لقضية الزيادة السكانية التى ارتفع معها عدد القضايا فى ظل قلة عدد الدوائر، الأمر الذى بات يتطلب تسريع وتسهيل مراحل التقاضى؛ بدءاً من تقديم الدعاوى إلى الفصل فيها، وهو ما يمكن تحقيقه عن بُعد. ويمكن استعراض أبرز جهود الدولة فى هذا الشأن على النحو التالى:
تدشين وزارة العدل بوابة مصر الرقمية، التى تقدم خدمة إقامة دعوى مدنية عن بُعد لعدد من المحاكم، كما تتيح خدمات أخرى كثيرة، مثل إجراء التوكيلات واستخراج الوثائق الرسمية.
إطلاق وزارة العدل فى أكتوبر 2020 خدمة إقامة الدعاوى المدنية عن بُعد فى ست محاكم ابتدائية هى محاكم القاهرة الجديدة وبورسعيد وشمال القاهرة وجنوب القاهرة وجنوب الجيزة وشمال الجيزة، ويشمل ذلك إمكانية إقامة الدعاوى المدنية وسداد الرسوم وتحديد الجلسات والإخطار بمواعيدها، دون التوجه للمحكمة، بحيث يمكن للمتقاضى إرسال المستندات التى لديه من خلال مسحها ضوئياً، وتقوم المحكمة المختصة بتحصيل رسوم التقاضى إلكترونياً وتحدد موعداً لنظر أولى الجلسات يتم إخطار المتقاضى به فى رسالة إلكترونية.
إدخال تعديلات على قانون المحاكم، وعلى رأسها المحاكم الاقتصادية رقم 120 لسنة 2008 بموجب القانون رقم 146 لسنة 2019 المنشور بالجريدة الرسمية فى العدد 31 مكرر (و) الصادرة بتاريخ 7 أغسطس سنة 2019، بما يتيح استخدام وسائل تقنية المعلومات فى تقديم خدمات رفع وإدارة الدعاوى القضائية إلكترونياً. ويتم مباشرة الدعوى إلكترونياً من خلال منصة التقاضى عبر موقع قلم كُتاب المحكمة الاقتصادية عن طريق إيداع المذكرات وتقديم المستندات وإبداء الدفاع والطلبات والاطلاع على أوراق الدعوى بالطريق الإلكترونى، وسماع الشهود، وغيرها من إجراءات التقاضى باستخدام الاتصال بالفيديو عن بُعد، كما يتم سداد الرسم المقرر قانوناً والدمغات إلكترونياً من خلال وسائل الدفع غير النقدى كالبطاقات الائتمانية والسحب والحوالات المصرفية.
تطوير ورقمنة جميع المحررات الصادرة من المحاكم ومصلحة الشهر العقارى، وتحويلها إلى محررات ذكية، يمكن من خلال خصائصها الإلكترونية حفظ بياناتها، وتتبعها، فضلاً عن تأمينها بأحدث العلامات التأمينية.
تطبيق وزارة العدل «الأرشيف الإلكترونى» الذى يهدف إلى حفظ ملفات القضايا الورقية إلكترونياً، من خلال عمليات المسح الضوئى للمستندات وحفظها إلكترونياً، لحفظها مع إتاحة آليات بحث رقمية واسعة وسريعة، ويشمل المشروع جميع المحاكم الاقتصادية على مستوى الجمهورية، وعددها ثمانية، ومحكمة جنوب القاهرة الابتدائية بإجمالى 110 آلاف قضية، بواقع 8 ملايين ورقة.
تدشين وزارة العدل فى أكتوبر 2020 مشروعاً لنظر جلسات تجديد الحبس عن طريق «الفيديوكونفرانس»، مع الإعلان عن تطبيق هذا المشروع فى جميع المحافظات تباعاً بعد البدء به فى عدد محدود من المحاكم فى القاهرة والإسكندرية وبعض السجون العمومية والمركزية، مع العمل على التوسع لتطبيقه فى القضايا الجنائية.
ميكنة 18 نيابة إدارية وإطلاق النيابة الإدارية الإصدار الأول من التطبيق الخاص بها على الهاتف المحمول عبر متجر جوجل ستور، الذى من خلاله يستطيع المواطنون تحديد النيابة المختصة بشكواهم، واختصاص كل نيابة فى كل محافظات الجمهورية، والاستعلام عن مقرات النيابات على مستوى الجمهورية، ووسائل التواصل معها، بجانب الوسائل الإلكترونية لتلقى الشكاوى والبلاغات بشأن مخالفات العاملين بالجهاز الإدارى بالدولة لدعم مكافحة الفساد الإدارى والمالى بالدولة.
إقرار وزارة العدل مشروع تجديد حبس المتهمين عن بُعد فى 18 أكتوبر 2021، بهدف نظر جلسات تجديد حبس المتهمين بآلية تمكّن القاضى من مباشرة إجراءات تجديد حبس المتهمين المحبوسين احتياطياً دون الحاجة إلى نقل المتهمين من مقار حبسهم، مما يحد من المخاطر الأمنية أثناء نقل المتهمين ويوفر نفقات نقلهم، ويقوم المشروع على توفير شبكات تليفزيونية مغلقة بين المحاكم والسجون بحيث تتصل قاعات المحاكم التى يُنظر فيها إجراءات تجديد حبس المتهمين المحبوسين احتياطياً بقاعات مخصصة بالسجون العمومية والمركزية التى يوجد فيها المتهمون المحبوسون احتياطياً، من خلال خطوط فايبر سعة كل منها 6 ميجا، بحيث يمكن التواصل ما بين المتهم ومحاميه وقاضيه من خلال تلك الشبكة التليفزيونية المغلقة والمؤمّنة.
إعلان الرئيس السيسى فى 2 يونيو 2021 إنشاء مدينة العدالة بالعاصمة الإدارية الجديدة، التى تقع فى محيط الحى الحكومى والبرلمان ومجلس الشيوخ، بما يحمل رمزية لتكامل السلطات الثلاث، التنفيذية والتشريعية والقضائية، ويتفق مع استراتيجية الدولة للتحول لعصر الرقمنة وتحقيق العدالة الناجزة، نظراً لكونها تعتمد على نظام الميكنة والتحول الرقمى الذى أدخلته وزارة العدل فى العديد من المحاكم والشهر العقارى والتوثيق، مما يسهم فى سرعة إنجاز القضايا. وقد تزامن الإعلان عن إنشاء المدينة مع افتتاح السيسى المجمع المتكامل لإصدار الوثائق المؤمّنة والذكية، الذى يُعد صرحاً تكنولوجياً عملاقاً فائق القدرات الفنية المتطورة فى مجال تصنيع وإصدار الوثائق الثبوتية المؤمّنة، بما يمثل قيمة مضافة لدعم استراتيجية الدولة للتحول الرقمى والميكنة، خاصة ما يتعلق بالوثائق والبيانات والمحررات لجميع الجهات الحكومية.
إنشاء ما يقرب من 20 مكتباً رقمياً لتقديم خدمات نيابات الأسرة إلكترونياً على مستوى الجمهورية، بما فى ذلك استخراج وثائق الحالة الشخصية بأنواعها الخمسة مثل: الزواج والطلاق والمراجعة واستخراج الصور الرسمية للأحكام وصيغها التنفيذية وإعلانات الوراثة.
نجاح محكمة النقض فى إتاحة حزمة من الخدمات الإلكترونية المجانية للمتقاضين والمحامين والقضاة باستخدام الوسائط التكنولوجية الحديثة لا تستلزم الانتقال للمحكمة بهدف إنجاز نظر الطعون وسرعة الفصل فيها وتوفير الجهد وتكاليف الانتقال وتقليل التزاحم داخل المحكمة.
باحثة بالمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية