قنا.. «غلابة» تهاجمهم الذئاب ويحاصرهم الفقر
«إحنا الأموات الأحياء فى مصر، الدولة نسيت أجدادنا وآباءنا ودفنتنا أحياء»، بهذه الكلمات، تحدث أهالى نجع «الخور» التابع لمركز الوقف، شمال محافظة قنا، عن حياتهم التى يحاصرها الفقر والمرض من كل اتجاه فى ظل غياب الدولة، ومنازلهم التى لا تعرف الكهرباء، وشعارها الرسمى لمبات «الجاز»، يشربون من مياه الطلمبات الحبشية، إضافة إلى الذئاب التى تهاجمهم ليلاً، لتلتهم طيورهم وأغنامهم، والأمطار والسيول التى تطاردهم فى فصل الشتاء.
«نجع الخور»، يقع فى منطقة بين مرتفعين، على بعد 25 كيلومتراً من مدينة قنا شمالاً، أهله يعيشون فى منازل من الطين والطوب اللبن، مكونة من دور واحد، يعمل رجاله عند الأثرياء مقابل قوت يومهم، الفقر أجبرهم على تسريح أطفالهم على مقابر الأموات المجاورة لهم لقنص ما يجلبه أهالى الموتى من مأكولات وغيرها من الفاكهة.
يقول محمد محمود، أحد أبناء القرية: النجع يقع على حدود نجع حمادى، وتعيش فيه 236 أسرة، بإجمالى عدد سكان يبلغ 1600 نسمة، منازلنا من الطين، تهدم وتبنى من حين إلى آخر بسبب الأمطار والسيول، ورثناها عن أجدادنا وآبائنا مثلما توارثنا «الفقر»، ولا نستطيع البناء عليها لأننا لا نملك المال.
وتابع: «غالبية أهل النجع لا يعرفون طريق التعليم لعدم قدرتنا على توفير شراء ما يلزم من ملابس مدرسية وغيرها من مصروفات، فمعظمنا يعمل باليومية، أو مقابل كمية من الغلال، عند الأغنياء من المزارعين».
ويضيف حسين محمد، عامل أجرى من أبناء النجع: «إحنا خلاص الدولة نسيتنا ورمتنا»، متسائلاً: «يعنى هى افتكرت جدودنا وآباءنا عشان تحس بينا، الناس كلها بتقول علينا النجع الميت». وأوضح أن الغالبية يعانون من أمراض مزمنة. وأشار إلى أن الدولة عندما تذكرتنا، قالت إن المنطقة تتبع الآثار وستنقلنا إلى منطقة أخرى مجاورة على مساحة 8 أفدنة، وذلك لم يحدث منذ عقود.
ويقول سعيد حسن، البالغ من العمر 60 عاماً: «إحنا اعتبرنا نفسنا مش من البنى آدمين، لأن الحكومة تقدم خدمات للحيوانات أكثر مننا، حتى فى التطعيم الذى تقدمه الدولة للأطفال ليس لأطفالنا نصيب منه، لأن المسئولين اعتبروهم غير موجودين». وتابع: «زى ما انت شايف لا عندنا مياه حلوة، والأكل كل يوم ورزقه، حتى بطاقات تموين مش معانا، لن أغلبنا ليس لديه مستندات ميلاد، حتى فى الكهربا، غالبية النجع بيعتمد على لمبات الجاز، لأن الآثار من عشرات السنين بتقول الأرض ملكهم».
وتحدث «حسن» عن الذئاب التى تهاجمهم ليلاً، مؤكداً أنها تدخل المنازل بكل سهولة، لأنها غير مرتفعة، وأصابت 7 أشخاص منا قبل عامين، بالإضافة إلى أنها تأكل الطيور.
وتقول السيدة ثنية على: «زوجى عامل أُجرى وليس لديه قيراط أرض واحد، يعمل عند الناس بـ15 جنيهاً فى اليوم الواحد، وإن اشتغل يوم لا يستطيع أن يشتغل الثانى. ويضيف الطفل بركات حسن، يبلغ من العمر 12 سنة: «نفسى أتعلم ذى ولاد الناس التانية». وأوضح أنه عندما يرى طلاب المدارس من مثل سنه تتساقط دموعه لأنه ما أخدش فرصة مثلهم.
وطالب أهالى النجع الرئيس السيسى بالتدخل العاجل لحل قضيتهم مع «الآثار»، وقال زيدان القنائى، حقوقى، وابن مركز الوقف، لا بد من نقل تبعية منطقة نجع الخور إدارياً إلى المجلس المحلى لمدينة الوقف وتقنين أوضاع الأهالى وتوصيل المياه والكهرباء إليهم. وأضاف: «لا بد أن تعمل الجهات التنفيذية ومحافظة قنا على إيجاد حلول سريعة للكارثة الإنسانية التى تتعرّض لها منطقة نجع الخور بالوقف، خاصة فى فصل الشتاء نتيجة انهيار المنازل المبنية من الطوب اللبن بسبب الأمطار والسيول، كما نطالب وزارة الزراعة وهيئة استصلاح الأراضى، بتخصيص بعض الأراضى للأهالى لزراعتها، وإعداد قاعدة بيانات بأسماء الأهالى الذين لا يمتلكون حتى الآن أى منازل، حتى المنازل التى يسكنون بها تعتبرهم هيئة الآثار متعدين عليها منذ عشرات السنين».
وقال زين العابدين فخرى، رئيس مجلس مدينة الوقف: إن المجلس لديه كل الإمكانيات لتقديم يد العون إذا تعرّض هذا النجع لمخاطر مثل الأمطار والسيول.
ملف خاص:
أسوان.. معاناة عند «سفح» الجبال
الغردقة.. «دويقة جديدة»
«سيناء».. السيول تهدد «العريش».. و«سانت كاترين» تواجه خطر «العزلة»
سوهاج.. سيول وانهيارات صخرية وكوارث لا تنتهى
القليوبية.. منازل وآلاف البشر يعيشون تحت «خطوط الضغط العالى»
الفيوم.. انتظار «الغرق» على ضفاف بحيرة «قارون»
الأقصر.. «الطود» مأساة متكررة مع انهيار المنازل