«مبارك شعبي مصر».. قيم روحانية وحدت أبناء المحروسة على حب السيد المسيح
«مبارك شعبي مصر»
يحمل السيد المسيح عيسى بن مريم مكانة خاصة فى قلوب المصريين جميعاً مسلمين ومسيحيين، وكانت القيم التى حض عليها السيد المسيح إلى جانب تعاليم وسماحة الإسلام سبباً فى هذه الحالة المتفردة للشعب المصرى ووحدته. ما من عائلة فى مصر إلا ووجدت اسم عيسى يطلق على أحد أفرادها، ولم لا وقد تشرفت مصر بهجرة العائلة المقدسة إليها، وجابت خلال تلك الرحلة عدداً من المحافظات والمواقع المصرية، قبل العودة مرة أخرى.
«القعيد»: التأثير الوجداني له أثر حتى في الأميين
فى هذا السياق، يقول الكاتب الكبير يوسف القعيد، فى اتصال هاتفى لـ«الوطن»، إنه من الأساس ينحدر من قرية مصرية، وكان بهذه القرية مساجد وكنيسة، موضحاً: كان لدينا حارة يتجمع فيها كل المسيحيين فى القرية وبحكم هذه النشأة وترددى على هذه الكنيسة وحضور كثير من المناسبات فيها أدركت مدى سماحة المسيح عيسى بن مريم ومدى سماحة المسيحية، إلى جانب سماحة الدين الإسلامى كذلك، لهذا كان هناك انفتاح كبير بين المسلمين والمسيحيين فى مصر.
وأضاف «القعيد» أن حب السيد المسيح لأهل مصر ووصاياه عن مصر وهجرته إلى مصر، وتجوله فى صعيد مصر ثم عودته مرة ثانية، مسألة مهمة للغاية فى الوجدان المصرى حتى عند الأميين من المصريين، الذين يدركون هذا ويعرفونه جيداً ويعلمونه علم اليقين، ولا أعرف كيف أثر فى وجدانهم هكذا، ويعلمون هذا عن السيد المسيح وهم لا يقرأون ولا يكتبون.
وتابع: «هذه الروح التى أتى بها السيد المسيح، جعلتنا نعيش معاً فى علاقة جميلة (سمن على عسل) كما يقال فى الأمثال الشعبية، كنا فى القرية متعايشين متحابين، وحقل المسيحى إلى جانب حقل المسلم ولا يوجد أى مشكلة».
وقال الكاتب يوسف القعيد إن القيم التى أرساها السيد المسيح والمسيحية من محبة وتسامح انعكست على طبيعة التعايش بين المصريين، فكل ما بذرته المسيحية من أفكار طيبة تعين على التعايش والمحبة، ونحن نعيش فى بلد واحد ووطن للجميع، ونعيش معاً، كما أن احتكاك المسيحيين بالمسلمين فى كل طقوس الحياة يقوم على الود والمحبة والتراحم خصوصاً فى القرى، مضيفاً: «ما رأيته فى قريتى أن الحياة بين مسلمين ومسيحيين كانت سلسة وجميلة، ولا أزال أشعر كأنى أشم رائحة الشجرة الوحيدة التى كانت فى قريتنا والتى كانت مزروعة عند الكنيسة التى كانت بالقرية».
«الشوباشي»: أثر في الجميع
من جهتها، قالت الكاتبة الصحفية فريدة الشوباشى إن السيد المسيح له تأثير كبير فى وجدان جميع المصريين بلا استثناء، بل إن المصريين جميعاً متوحدون فى حب السيد المسيح وحب السيدة العذراء مريم، وأضافت، خلال اتصال هاتفى لـ«الوطن»: «ولهذا، فإن المصريين وجدانياً متوحدون، ولهذا أيضاً فإننا دائماً كنا أمة واحدة، لا فرق بين مصرى وآخر، ومن ثم فإننا دائماً كمصريين كنا ضد دعاة التفرقة على أساس الدين أو على أى أساس كان، لأننا جميعاً وجدانياً لدينا كمصريين التقديس للدين الإسلامى والدين المسيحى وكذلك اليهودية، وكلنا جذور واحدة».
ولفتت الكاتبة الصحفية فريدة الشوباشى إلى أن المصريين لديهم أيضاً تقدير للسيدة مريم العذراء، ولا ننسى أنه على سبيل المثال السيدة مريم العذراء هى المرأة الوحيدة التى ذكرت باسمها فى القرآن الكريم بل هناك سورة باسمها. وتابعت «الشوباشى»: «دعوة المحبة والتسامح جعلت المصريين دائماً وحدة واحدة، وهذا ما يتماشى مع ما يؤكده السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى دائماً بأن قوتنا فى وحدتنا».
بدوره، يقول الدكتور إبراهيم رضا العالم بالأزهر الشريف إن تأثير السيد المسيح فى الوجدان المصرى كبير، إذ إنه يقوم على فكرة المحبة والذوبان، فنجد شخصية السيد المسيح جزءاً من رسالة الرحمة الإلهية أو رحمة ربنا بنا، فجاءت رسالته رسالة سلام ورحمة للإنسانية.
وأضاف فى اتصال هاتفى لـ«الوطن»، أن رسالة السيد المسيح جاءت لتحمل كل معانى المحبة والوئام، وهذا جزء من حقيقة وجوهر الأديان السماوية، التى تتوافق جميعاً حول هذه القيم حتى وإن اختلفت التشريعات. وقال العالم بالأزهر الشريف إن «الكنيسة المصرية لعبت دوراً كبيراً فى نشر قيم وأخلاق ومبادئ السيد المسيح، وليس أدل على ذلك من النصوص الدينية التى دعت إلى السلام والمحبة والقيم النبيلة، وما قاله المسيح حين قال مبارك شعبى مصر، وغيرها مما ورد فى الإنجيل من آيات التسامح كل هذه النصوص تؤكد أن دعوة السيد المسيح دعوة لمكارم الأخلاق أكدها النبى محمد صلى الله عليه وسلم حين قال إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق».
وقال «رضا»: «الأخلاقيات والروحانيات التى أرستها المسيحية جعلت البعض يقولون عن النهج الصوفى فى مصر أنه امتداد للدعوة الروحانية التى أرساها السيد المسيح». وفى ختام تصريحاته، قال الشيخ إبراهيم محمد رضا إن هذه القيم التى أرساها السيد المسيح، جعلت مصر بلد التعايش والتسامح والتعدد وإنكار الذات، وجعلت المصريين أمة واحدة بمختلف مكوناتها.