لا شك أن غدة البروستاتا تعد غامضة بالنسبة للكثيرين حتى أن ذكر اسمها من الطبيب المعالج قد يسبب بعض الخوف للمريض، ذلك حيث يرتبط هذا الاسم بالعديد من الشكاوى التى تتعلق بالقدرة الجنسية تحديداً، ولأننا نخاف مما نجهل دائماً، فقد فضلنا أن نلقى الضوء على تلك الغدة. تقع غدة البروستاتا فى الحوض أسفل المثانة البولية وتحيط بعنق المثانة، وهى غدة موجودة لدى الرجال، وتتلخص وظيفتها الأساسية فى إفراز نسبة كبيرة من مكونات السائل المنوى لدى الرجال.. وهى المسئول الأول عن إفراز العناصر المغذية للحيوانات المنوية، ولهذا فإن وجودها يعتبر أساسياً لعملية الإخصاب، ولهذا فلا يوجد ما يعرف بمرض البروستاتا كما هو شائع، وإنما يبدأ المريض فى المعاناة إذا ما أصاب تلك الغدة مرض ما.
ويعتبر تضخم البروستاتا الحميد هو أكثر الأمراض المرتبطة بتلك الغدة شيوعاً، فتشير الإحصائيات الطبية إلى أن هذا التضخم يصيب أكثر من 50% من الرجال الذين تجاوزوا الخمسين من العمر، وترتفع هذه النسبة لتصل إلى 100% من الرجال الذين تجاوزوا الخامسة والثمانين من العمر، وتظهر أعراض هذا التضخم على حوالى 50% منهم، ولهذا فتضخم البروستاتا لا يعتبر مرضاً فى حد ذاته أكثر من كونه جزءاً من عملية الشيخوخة أو التقدم فى العمر لدى الرجال.
وتبدأ أعراض تضخم البروستاتا الحميد فى الظهور فى صورة اضطراب فى عملية التبول، سواء بصعوبة فى نزول البول أو نزول البول بصورة متقطعة مع الشعور بعدم الارتياح بعد عملية التبول، كما قد يعانى المريض من زيادة فى عدد مرات التبول مع احتمالية نزول البول بصورة لا إرادية، كما أنها قد تؤثر على القدرة الجنسية لدى الرجال بنسبة لا تقل عن 50%. ويعتبر السبب الأساسى لهذه الأعراض هو اختناق قناة مجرى البول بسبب تضخم الغدة، وتزداد تلك الأعراض بصورة كبيرة فى فصل الشتاء.
ولا تعتبر زيادة حجم الغدة فقط سبباً كافياً للعلاج، فقد يتفق المريض مع طبيبه على توخى الحذر والمراقبة لتطور الحالة بفحص مجدول للبروستاتا وأعراضها، لكن عند الانزعاج من هذه الأعراض أو حدوث تأثير سلبى على الجهاز البولى يلزم العلاج، ويكون إما باستخدام الأدوية التى تغنى عن الجراحة والتى أدت إلى انخفاض نسبة الجراحة إلى 50%، أو العلاج الجراحى إذا كانت الحالة فى مرحلة متأخرة وازدادت الأعراض سوءاً بشكل مطرد أو فشلت العقاقير فى ضبط الحالة. وهناك العديد من الخيارات الجراحية، منها الاستئصال الجزئى للبروستاتا عبر المنظار الضوئى الجراحى وهو الإجراء الأكثر شيوعاً، وذلك باستخدام الطاقة الكهربائية أو باستخدام الليزر. ويعتبر هذا النوع من العمليات هو الخيار الأول والأكثر أماناً حالياً لاستئصال البروستاتا وذلك لما تحمله الجراحة التقليدية من مخاطر للمريض بسبب النزيف أو مشاكل التحكم فى البول بعد العملية. كما توجد حلول أخرى بواسطة المنظار الضوئى الجراحى منها التبخير أو استعمال الموجات الصوتية أو تركيب دعامة بقناة مجرى البول ولكنها أقل شيوعاً.
لا تعتبر البروستاتا مرضاً، وإنما تضخم البروستاتا الحميد هو المرض الأكثر شيوعاً لدى الرجال، الذى أرجو أن يكون الخوف منه قد زال الآن.