الهريسة والمدلعة والمخروطة.. أطباق الحلو في الأقاليم
المخروطة
تتشارك كل المحافظات المصرية عادة حب الحلويات والإقبال عليها فى شهر رمضان، لكن لكل محافظة صنف مميز، تفضله بحكم أنه صنعة تمتلك أسرارها، ومنتج يعبر عن تميزها بين بقية المحافظات، لكن الأهم هو سر الصنعة الذى يكشفه لنا باحثون وحلوانية من كل المحافظات.
«أغلب الناس اللى بتيجى إسكندرية تحفظ أسماء محلات الهريسة الإسكندرانى وساعات كتير بييجوا مخصوص علشان يشتروها»، وفقاً لـ«مختار على»، صانع هريسة بأحد محال الحلويات فى الإسكندرية، مضيفاً أن أكثر الزبائن إقبالاً على شرائها هم أهالى صعيد مصر، الذين يقبلون على شراء الهريسة السادة وبالمكسرات والسمن البلدى، لافتاً إلى أن أكثر أنواع الهريسة التى تشهد إقبالاً من الشباب وصغار السن هى الهريسة بشيكولاتة «النوتيلا واللوتس»، إلى جانب أيضاً الهريسة بالكريمة والكراميل.
«علاء»: السكندريون غيروا شكل وطعم الهريسة.. والصعايدة الأكثر إقبالاً
قال محمد علاء، باحث فى الحياة الاجتماعية، إن شهرة الإسكندرية بالهريسة نتيجة لسكن أطياف وشعوب مختلفة بها، نقل كلٌ منهم طابعه الخاص إليها، فكانت الهريسة هدية العثمانيين لأهالى المدينة الذين أضافوا إليها طابعاً سكندرياً ونكهة مصرية بالسمن البلدى والمكسرات والقشطة، لتتحول مع مرور الوقت من حلوى مخبوزة بدقيق السميد فقط إلى حلوى غنية بالسمن والعسل والمكسرات المتنوعة، وأهمها جوز الهند الذى يضاهى إضافة السميد إليها.
وأضاف أنه نتيجة لهذا التطور ومع مرور السنين، اعتمد أهالى الإسكندرية الهريسة كحلوى خاصة بهم، وانتشرت فروع بيعها فى الشوارع والميادين المختلفة، واعتادوا تقديمها كهدية لذيذة وقيمة لذويهم، كما تمت أيضاً إضافة العديد من المكونات إليها، من بينها الشيكولاتة والكراميل، ويبدأ سعرها الآن من 35 جنيهاً للكيلو، ويتم تحديد السعر بناءً على المواد المضافة إليها.
«المشبّك».. تلك الحلوى التى تشتهر بها الموالد والأسواق، ولا تخلو محافظة فى مصر منها، ولها ملايين الزبائن، ارتبط اسمها بدمياط، وصارت علامة الجودة لها كلمة «المشبّك الدمياطى»، وأصبح الزبائن يسألون الباعة قبل الشراء: «ده مشبّك دمياطى؟»، كما أن صناعة المشبك انتقلت لأهالى دمياط منذ مئات السنين عبر التجار الشام، المتوافدين على الميناء ليلتقط أهالى دمياط تلك الصناعة ويطورونها بإضافات مصرية أكسبت المشبّك هوية خاصة، بداية من شكله الدائرى بخطوط متقاطعة، فضلاً عن إضافات عديدة ميزت طعمه، مثل الدقيق والسكر المعقود «الجلوكوز» وعسل النحل والنشا والخميرة ونوع زيت مخصص، على أن تتم إضافة كل ذلك بنسب ومقادير معينة، وهو ما أكده إبراهيم محمد، «أسطى حلوانى» بأحد مصانع المشبّك فى دمياط.
«محمد»: ضبط المقادير ودرجة التخمير
وأضاف «محمد» أن المشبك الدمياطى يُعرف بطعمه وقوامه ولونه، وهو ما اكتسبه من خلال ضبط مقادير ودرجة التخمير للحفاظ على نسبة التخمُّر والتى تتحكم بامتصاص السكر والزيت وتعطى للمشبك قواماً خاصاً ولوناً ذهبياً، فضلاً عن تصفيته من الزيت مما يجعله لا يترك أثراً فى اليد عند ملامسته، كما أنه يغلب على طعمه السكر ورائحة زكية تفوح منه أشبه بماء الورد أو الفانيليا، بينما المشبّك التقليد أو المغشوش يكون أصفر داكن اللون، ويغلب فيه طعم الزيت على السكر، ويترك بقايا زيت فى اليد عن ملامسته، وتتفوق فيه رائحة الخميرة على رائحة المشبّك.
وقال «محمد»: «المشبّك بتاعنا إحنا بيتسقى بعسل النحل الخالص، ولازم الزبون قبل ما يشترى يتأكد إذا كان ده مشبّك دمياطى ولا لأ، لأنه فيه صنايعية كتير دلوقتى بيغشوه ويقولوا إنه دمياطى»، لافتاً إلى أنه تم إطلاق لقب «المشبّك» على عدة عائلات فى دمياط، مِمَن يمتلكون أسرار الصنعة وفنونها، وأن المشبّك مع الوقت أصبح هدية دمياط الشهيرة، ويبدأ سعره من 25 جنيهاً للكيلو بالسكر الجلوكوز، و35 جنيهاً للكيلو بعسل النحل.
شهرة كبيرة فى سوهاج حققتها المخروطة الأخميمى أو كما يُطلق عليها «مخروطة أخميم»؛ نسبة لأخميم، وهو أحد مراكز محافظة سوهاج فى جنوب مصر، انتقلت بعدها إلى باقى المحافظات بعد أن عُرفت بطعمها المميز الأقرب للكنافة، إلا أن خيوطها أكثر سمكاً وتُعجن بالعسل والسمن البلدى: «هى انتقلت لباقى المحافظات آه، بس لحد دلوقتى نساء أخميم بيعجنوها بطرق وأسرار محدش يعرفها غيرهم علشان كده طعمها مميز عن المحافظات والأماكن التانية حتى لو استخدموا نفس المكونات»، بحسب «يامنة على»، ابنة مركز أخميم، فى العقد السادس من عمرها، ومتمرسة فى عمل المخروطة، لافتة إلى أن المخروطة تعد أهم أصناف الطعام المقدم فى حفلات الزفاف وصباحية العروسة وعشاء العريس، وأيضاً هدية أهالى المركز المميزة التى يقدمونها لذويهم.
ذاع صيت المخروطة الأخميمى عقب ظهور الفنان نور الشريف وهو يتناولها ضمن أحداث مسلسل «الرحايا» الذى تم تمثيل مشاهده فى سوهاج، كما كانت هى الحلوى الوحيدة التى طلبها نور الشريف عند زيارته لسوهاج، وصارت من حينها هدايا تُطلب من أخميم خصيصاً، لتتحول بعدها إلى مصدر رزق لنساء أخميم اللواتى يصنعن صينية المخروطة بسعر يبدأ من 100 جنيه فى حال كانت بالسمن الصناعى، و150 جنيهاً للسمن البلدى: «من صغرى وأنا بعمل المخروطة وبسويها بالبخار والرق والعجن، وكمان عملت أكتر من 50 صينية لفريق عمل مسلسل الرحايا وده خلّى عدد كبير من المشاهير يبدأوا يطلبوها منّى»، وفقاً لـ«يامنة».
اشتهرت مدينة طنطا فى محافظة الغربية بصناعة الحلويات المرتبطة بمولد السيد البدوى ما بين حلويات شرقية وحلوى العلف والمكسرات والشعرية وغيرها، ليبتكر حلوانية طنطا «المدلعة»، ذلك الخليط الرائع الذى يجمع عدة أنواع من الحلوى لينتج مذاقاً خاصاً، لاقى استحسان كل من تذوقه، وهى عبارة عن طبقات من الكنافة والبسبوسة والقشطة والكريمة والكراميل والشيكولاتة، ويبدأ سعرها من 60 جنيهاً للكيلو، بحسب ما ذكر محمد عمر، حلوانى بمدينة طنطا، خلال حديثه لـ«الوطن».
وأضاف «عمر» أن «سر صنعة المدلعة ما خرجش من طنطا وبيحتفظ به الصنايعية الكبار بقالهم أكتر من 20 سنة، وبيعرفوا إزاى يضبطوا النسب والمقادير بتاعتها، وده اللى بيخلى شغلهم مميز عن أى حد تانى بيعمل المدلعة»، وأن ذلك أدى إلى شهرة مدينة طنطا بالمدلعة حتى خرجت المقولة الشهيرة «يا رايح طنطا هات معاك متدلعة»، لافتاً إلى أن اسم «المتدلعة» جاء لإضافة العديد من المكونات إلى هذه الحلوى: «كأنهم بيدلعوها بكل المكونات دى».